نبض أرقام
10:24 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

ألف دولار للعاطل ونصفهم للموظف.. من يحتاج للعمل بعد الآن؟

2020/07/04 أرقام - خاص

تعتبر الدوافع أحد أهم أركان علم الاقتصاد والتي تتحكم غالباً في قرارات وتفضيلات المستهلكين والمنتجين وبالتبعية توجه الإنفاق والإنتاج ومستوى المعيشة بشكل عام.

 

وتقع هذه الفكرة في قلب الخلاف الدائر مؤخراً في الولايات المتحدة حول زيادات إعانة البطالة ومدى إمكانية تمديدها من عدمه.

 

وأصدر الكونجرس الأمريكي قانوناً للمساعدة والدعم والأمن الاقتصادي الخاص بفيروس كورونا يطلق عليه اختصاراً اسم "CARES" في السابع والعشرين من مارس بقيمة 2.2 تريليون دولار زادت لاحقاً لنحو 3 تريليونات دولار لدعم الشركات والأفراد لمواجهة تداعيات وباء كورونا.

 

 

وضمن بنود القانون جاء إعلان زيادة إعانات البطالة بقيمة 600 دولار أسبوعياً لمدة 4 أشهر تنتهي في 31 يوليو.

 

ويضاف هذا المبلغ إلى متوسط إعانة البطالة التي تقدمها كل ولاية لمواطنيها والبالغ قيمتها في المتوسط نحو 375 دولاراً أسبوعياً، ما يعني أن إجمالي ما يحصل عليه العاطل عن العمل في الولايات المتحدة حالياً يصل  إلى 975 دولاراً تقريباً.

 

كورونا وطابور العاطلين

 

منذ بداية تفشي وباء كورونا في الولايات المتحدة، فقد ملايين الأمريكيين وظائفهم ليقفز معدل البطالة من أدنى مستوى في 50 عاماً عند 3.5% إلى نحو 14.7% في أبريل قبل أن يتحسن قليلاً ويسجل 13.3% في مايو، قبل أن يهبط بشكل تجاوز التوقعات إلى 11.1% في يونيو.

 

ومع تسريح الشركات لموظفيها بسبب ضربة الوباء وتراجع الإنتاج والطلب، تقدم 45 مليون أمريكي بطلبات للحصول على إعانة بطالة في الفترة بين شهر مارس وحتى منتصف يونيو، بينما لا يزال يحصل نحو 31 مليون أمريكي على إعانات.

 

 

واستهدف المبلغ الإضافي لإعانة البطالة من الخزانة الفيدرالية بقيمة 600 دولار أسبوعياً دعم العاطلين عن العمل خلال أزمة الوباء لتعويض كامل الدخل المفقود.

 

وتختلف قيمة إعانة البطالة المقدمة للعاطلين قبل الوباء بحسب كل ولاية، فمثلا ميسيسيبي تمنح أقل إعانة أسبوعية بقيمة 213 دولاراً أسبوعياً، في حين تصل إلى 552 دولاراً في ماساتشوستس.

 

إعانات سخية للغاية

 

جرت العادة في الولايات الأمريكية على منح العاطلين عن العمل إعانات تعادل نحو ثلث الدخل المفقود، لكن الإعانة الإضافية الحالية رفعت السقف لنحو 100% من متوسط الدخل.

 

وتعتبر إعانة البطالة الحالية الأكثر سخاءً في تاريخ الولايات المتحدة منذ بدء برنامج تعويضات العاطلين في ثلاثينيات القرن الماضي بعد الكساد العظيم.

 

والواقع يظهر أن حد سخاء الإعانات الحالية يصل لدرجة أن بعض العاطلين عن العمل يحصلون على أموال تتجاوز ما كانوا يتلقونه خلال عملهم الفعلي قبل الوباء.

 

وتركزت الضربة التي تعرض لها العمال في الولايات المتحدة على الوظائف التي تتطلب مهارات أقل وبالتبعية تمنح أجوراً ضعيفة.

 

ومثلاً، أظهرت دراسة في ولاية ميتشجان أن 82% من العمال الذين يمتلكون شهادة الثانوية أو أقل يحصلون الآن على دخل أعلى من أجورهم قبل الوباء، بينما تصل النسبة إلى 21% فقط بالنسبة للموظفين أصحاب الشهادات الجامعية.

 

وبالتالي يمكن القول إن إدارة الرئيس دونالد ترامب والكونجرس الأمريكي نجحا في إعفاء العاطلين عن العمل من فقدان أي جزء من الدخل بسبب تداعيات الوباء، بل وبالنسبة للبعض كان هناك زيادة في دخولهم خلال الأزمة.

 

الشيطان يكمن في التفاصيل

 

رغم إيجابية قرار دعم العاطلين عن العمل في وقت الأزمة الحالية وتأثيره المتوقع على إنعاش الطلب وبالتبعية تعافي الاقتصاد بأكمله، فإن هناك خطراً غير مباشر يطل برأسه بالنسبة لبعض المتابعين.

 

إذا كان دخلك من العمل 40 ساعة أسبوعياً قبل الوباء يبلغ 700 دولار وبعد تعرضك للفصل والمكوث في منزلك أصبحت تحصل على إعانة بطالة حوالي ألف دولار، هل ستبدأ في البحث بحماس عن عمل جديد؟.

 

تحكي "سكاي ماريتا" أنها اضطرت لإغلاق المقهى الذي تمتلكه مع زوجها في هارلن بولاية كنتاكي الأمريكية؛ بسبب طلب العاملين الاستقالة لأنهم يخسرون مئات الدولارات شهرياً في الوظيفة مقارنة بما كانوا سيحصلون عليه من إعانات البطالة.

 

 

ويشير المعارضون لفكرة تمديد إعانة البطالة الإضافية لما بعد نهاية يوليو إلى أن زيادة الـ600 دولار تمنح كل مَن فقد عمله دافعاً قوياً لعدم السعي للعودة لسوق العمل مستشهدين بالخطر الأخلاقي الذي يمثله الدعم الحكومي.

 

والخطر الأخلاقي أو Moral hazard يعني أن جهة ما لا تتحمل كافة تبعات تصرفاتها وبالتالي تختلف ردود فعلها مقارنة بما كانت ستقوم به حال تحملها المسؤولية.

 

وبالفعل، وجدت دراسة أن 68% من العاملين المؤهلين للحصول على إعانات بطالة يحصلون على أموال تتجاوز دخلهم المفقود جراء التسريح من العمل.

 

وفي المتوسط يحصد الشخص الذي فقد عمله ما يعادل 134% حالياً من الأجر المفقود، بينما تصل النسبة إلى 200% بالنسبة لفئة الـ20% الأقل دخلاً في الولايات المتحدة.

 

وبعيداً عن القيمة المالية وبالعودة قليلاً للماضي، أظهرت دراسة أن 1.8 مليون وظيفة تمت إضافتها للاقتصاد الأمريكي في عام 2014 بعد قرار في العام السابق يقضي بعدم تمديد إعانات للبطالة تم استحداثها بعد الأزمة المالية.

 

ويعني ذلك أن كل زيادة في مدة الحصول على إعانات البطالة يقابلها هبوط في أعداد العاملين في سوق العمل والعكس صحيح.

 

الخطر الأخلاقي VS الحاجة الإنسانية

 

ويتزايد الجدل مؤخراً في الولايات المتحدة بشأن قرار تمديد إعانة البطالة الإضافية من عدمه، وسط حجج منطقية يدافع بها كل طرف عن رؤيته.

 

 

ويرى المدافعون عن تمديد إعانة البطالة الإضافية وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي أن القرار يدعم العمال الأقل دخلاً والذين فقدوا مصدر رزقهم بلا خطأ من جانبهم.

 

كما أن إلغاء الإعانة الإضافية يهدد بصعوبات معيشية للعاطلين وأسرهم، بالإضافة إلى الأثر السلبي البالغ على الإنفاق والطلب وتعافي الاقتصاد بشكل عام، خاصة مع استمرار معدلات البطالة المرتفعة.

 

في حين يعتقد المطالبون بإنهاء المساعدات الإضافية للعاطلين وفي مقدمتهم الجمهوريون أن هذا الدعم السخي للغاية يمنع سعي الكثيرين لإيجاد فرص عمل وبالتالي سوف تستمر معدلات البطالة المرتفعة ما يؤجل تعافي سوق العمل والاقتصاد.

 

كما يراهن الرافضون لاستمرار إعانة الـ600 دولار على تعافي سريع للاقتصاد الأمريكي في النصف الثاني من العام، خاصة مع بدء تخفيف تدابير التباعد الاجتماعي وإعادة فتح معظم الولايات مجدداً.

 

ويقترح عدد من أعضاء الكونجرس عن الحزب الجمهوري خفض الإعانة الإضافية إلى 300 دولار أسبوعياً للقضاء على دافع البقاء في المنزل، بينما يرى آخرون إمكانية استبدال الإعانة بـ"علاوة العودة للعمل" بقيمة 450 دولاراً أسبوعياً.

 

ويرى مكتب الموازنة في الكونجرس أن تمديد إعانة البطالة سيدفع الاقتصاد لتحقيق أداء أفضل في النصف الثاني من العام مقارنة بقرار الإلغاء، لكن الإنتاج والتوظيف سيشهدان تراجعاً في العام المقبل مع عدم وجود دوافع للعاطلين للعودة لسوق العمل.

 

ويظهر الخلاف الحاد بين المعسكرين بشأن قضية إعانة البطالة الإضافية أن حتى أكثر القرارات إنسانية ودعماً للناس قد يكون لها آثار سلبية غير مقصودة.

 

المصادر: أرقام – مكتب العمل الأمريكي – إن بي أر - سي إن بي سي

دراسة Work Disincentive Effects of the CARES Act and Policy Options to Address Them

دراسة THE IMPACT OF UNEMPLOYMENT BENEFIT EXTENSIONS ON EMPLOYMENT:

دراسة US Unemployment Insurance Replacement Rates During the Pandemic

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.