ربما يظن البعض أن الاحتياطي الفيدرالي ألقى كل ما في جعبته على الطاولة، ولم يعد لديه الكثير من الأدوات الفاعلة التي يمكنه بواسطتها دعم الاقتصاد الأمريكي في مواجهة تداعيات فيروس "كورونا"، لكن ذلك ينافي الحقيقة.
وخفض الفيدرالي بالفعل الفائدة قرب الصفر واشترى أصولاً في الأشهر الأخيرة بنحو ثلاثة تريليونات دولار، كما أطلق برامج إقراض سخية، فهل انتهى الأمر عند هذا الحد؟ بالطبع لا.. فالبنك المركزي لا يزال يناور الأسواق بورقة يبدو متحفظاً حتى الآن في طرحها، وهي خفض الفائدة أدنى الصفر (إلى نطاق سالب).
ضغوط متزايدة نحو الأرضية السالبة
- في الوقت الذي فرض فيه المركزي الأوروبي وبنك اليابان فائدة سالبة بالفعل منذ فترة، إلا أن الفيدرالي وبنك إنجلترا لا يزالان يفضلان البقاء في المنطقة الإيجابية، لكن الأمور تغيرت على الأقل بالنسبة للمركزي الأمريكي.
- يواجه الفيدرالي ضغوطاً شديدة لتغيير موقفه من الفائدة السالبة، ونشر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" قال فيها إن على البنك المركزي قبول هدية "الفائدة السالبة"، وهذا ما يراهن عليه المستثمرون.
- لكن رئيس الفيدرالي "جيروم باول" لا يزال يصر على أن الفائدة السالبة ليست مفيدة أو غير مناسبة للولايات المتحدة.
- تعطش المستثمرون في الأسواق لفرض فائدة سالبة في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية العالمية، ففي ذلك الوقت، شهدت الأسواق خفضا للفائدة أدنى الصفر في عدد من الاقتصادات.
- قال أحد الأكاديميين في جامعة "نوتردام" عام 2014 إن أمريكا احتاجت لخفض الفائدة إلى -3.0% بينما احتاجت بريطانيا لخفضها إلى -6.5% عام 2013.
- عند الحديث عن الفائدة السالبة، يواجه مصرفيو البنوك المركزية ثلاثة تساؤلات مهمة أولها يتعلق بالثمار الفنية من خفض الفائدة بشكل إضافي في النطاق السالب.
- في التساؤل الثاني، يخشى مسؤولو البنوك المركزية من أن تؤدي الفائدة السالبة إلى تقييد الاستقرار في النظام المالي والإضرار بالنمو، وهذا ما كان يعكف محللون على تقييمه واستكشافه لمعرفة مدى التداعيات الناجمة على الطلب.
- تعني الفائدة السالبة أن بعض أو كل الاحتياطيات النقدية لدى البنوك تفقد جزءا من قيمتها كما يؤثر ذلك سلبا على أرباح البنوك مما يعني معاناة القطاع المصرفي في دعم رؤوس أمواله.
- لا تزال الفائدة السالبة محل شكوك، فالعديد من المحللين يحذرون من أن تسبب الفائدة السالبة خروجا من أسواق المال، وتضرر السيولة لدى البنوك والشركات، ومن ثم تضرر النظام المالي.
- يأخذنا ذلك إلى السؤال الثالث: "هل الفائدة السالبة تستحق عناء فرضها؟ ربما تكون التجارب (غير الكارثية وغير المضرة) في أوروبا واليابان دافعا أمام الفيدرالي وبنك إنجلترا لخفض الفائدة لديهما أدنى الصفر.
- من هنا، يقيم كل بنك مركزي الظروف المالية والأضرار التي يعاني منها اقتصاده وأيضا الضغوط السياسية التي يتعرض لها قبل اتخاذ قرار فرض فائدة سالبة من عدمه.
تداعيات محتملة
- لو أراد الفيدرالي خفض الفائدة إلى نطاق سالب، فعليه تقليصها بين خمسين ومائة نقطة أساس دون الصفر - بحسب ما يرى محللو "ستاندرد تشارترد" - وذلك بعد إطلاق تحفيز نقدي غير مسبوق لمواجهة تداعيات "كورونا" على الاقتصاد الأمريكي.
- يتوقع محللون أنه لو قرر الفيدرالي خفض الفائدة إلى نطاق سالب، فسوف يكون عنيفاً في هذه الخطوة بمعنى أنه سيتجه أدنى الصفر بشكل كبير.
- نتيجة للفوائد المحدودة التي حققتها اليابان ومنطقة اليورو من الفائدة السالبة، لا يزال هناك تردد لدى أمريكا وبريطانيا لاتخاذ هذه الخطوة.
- حال إقرار فائدة سالبة، ستُفرض رسوم على البنوك عند احتفاظها بالأموال، وهو ما سيشجعها على الإقراض ومن ثم تحفيز الاقتصاد في ضوء تداعيات "كورونا".
- يتوقع محللون أن يؤدي فرض فائدة سالبة من جانب الفيدرالي إلى انخفاض كبير في العائد على سندات الخزانة الأمريكية ربما إلى أدنى مستويات قياسية، وعلى الأرجح أخذ العائد على السندات العشرية إلى نطاق سالب.
- ليس هذا فقط، بل إن التوقعات تشير إلى انخفاض حاد في الدولار الأمريكي بالإضافة إلى حدوث صدمة قصيرة الأجل في أسواق المال، وعلى أثر ذلك، سيتجه المستثمرون نحو شراء أصول الملاذات الآمنة للاقتصادات الكبرى - ومن بينها الدولار الأمريكي، وبالتبعية سيرتفع.
المصادر: إيكونوميست، سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}