بعد خلو المباني الإدارية والمكاتب من الموظفين بسبب "كورونا" .. ما فائدتها من الأساس؟

2020/05/29 أرقام

في ربيع عام 1822، بعث أحد موظفي شركة "الهند الشرقية" في "لندن" خطاباً لأحد أصدقائه يتحدث فيه عن مدى حماسته بالعمل داخل أحد مقرات هذه الشركة والوجود داخل غرفة تزخر بالحركة والعمل دون كلل، لكن بمرور الوقت، بدأ الموظف يتذمر من الوجود أمام مكتب داخل غرفة لدوام معين يومياً.

 

رغم مرور أكثر من قرن على انهيار شركة الهند الشرقية، إلا أن خطاب الموظف ومضمون رسالته يتردد على الأذهان حتى يومنا هذا، فرغم صعود كيانات تجارية عملاقة وانهيار أخرى، إلا أن امبراطورية المكاتب الإدارية لا تزال موجودة في الحياة المعاصرة.

 

 

إمبراطورية المكاتب

 

- إنها إمبراطورية قائمة لها أبعاد وجوانب محددة تتمثل في مكاتب يجلس عليها مئات الملايين حول العالم، وتهيمن على ناطحات السحاب والأبراج الإدارية في المدن، فلم تعد المباني الأعلى على الأرض معابد أو كاتدرائيات، بل أصبحت أبراجا ذات مساحات مكتبية مليئة بالموظفين.

 

- لو أنت من بين هؤلاء، إذن فلا بد أنك تتعاون مع موظفين داخل مساحة مكتبية لفترة ليست بالقصيرة في اليوم لتنفيذ مهام بعينها داخل شركة أو مؤسسة في مختلف القطاعات.

 

- في العام الجاري ومنذ أشهر، أصبحت معظم المكاتب حول العالم خالية من الموظفين تقريباً، فقد طلب منهم العمل من منازلهم بسبب أزمة فيروس "كورونا"، وهو ما يجعل حياة المكاتب بعيدة عن المنازل في الوقت الحالي.

 

- حتى قبل أزمة "كورونا" اتجهت العديد من الشركات لتحويل موظفيها للعمل عن بعد لعدة أسباب منها الثورة الرقمية وزيادة تكلفة الإيجارات وارتفاع الطلب على نظام العمل المرن.

 

- يعمل أكثر من نصف القوة العاملة في الولايات المتحدة بالفعل عن بعد - على الأقل لبعض الوقت - وفي مختلف دول العالم، تتزايد وتيرة عمل الموظفين من منازلهم بشكل ثابت على مدار السنوات الأخيرة وسط توقعات بمزيد من الارتفاع.

 

- ربما يكون من السابق لأوانه الحديث عن زوال إمبراطورية المكاتب، لكن لا يعلم أحد ماذا سيحدث، فلم يتوقع أحد تحول الكثير من الشركات لعمل موظفيها عن بعد بسبب أزمة "كورونا" المفاجئة.

 

- شعر بعض الموظفين بالحنين للعودة إلى المكاتب، لكن ليست الأمور كلها وردية، فالمساحات المكتبية غالباً ما تعاني البيروقراطية، وأحيانا يشعر بعض الموظفين بالملل نتيجة للجمود في تشابه المهام والبيئة المحيطة.

 

- كانت المكاتب قد بنيت في بادئ الأمر لضمان كفاءة الموظفين وتعزيز تركيزهم على العمل، وحظيت بمزيد  من التحديث والتطوير بمرور الوقت، ففي أوائل القرن التاسع عشر، ابتكرت شركة "الهند الشرقية" سجل الحضور والانصراف للموظفين.

 

 

أهي عديمة النفع؟

 

- قالت المحللة الفرنسية "كورين ماييه" عام 2004 إن إنشاء مكاتب أو الوجود ليس بغرض فقط تنفيذ المهام الموكلة إلى الموظفين، ونشرت كتابا تحت اسم "مرحباً بالكسل".

 

- انتقدت "ماييه" في كتابها ثقافة العمل في الشركات وتأثيرها على العمالة، فبعيدا عن تعزيز الكفاءة، ترى الكاتبة والمحللة الفرنسية أن المكاتب عديمة النفع؛ نظرا لأن الموظفين يهدرون الكثير من الوقت في حضور اجتماعات أو في المحادثات فيما بينهم.

 

- تحدث كتاب وشعراء عن أضرار المكاتب وشبهها البعض بـ"أرض الإهدار"، حيث إنها لا تنتج الثمار المرجوة منها، بل إن ذهاب الموظفين - في الأيام العادية بعيدا عن فيروس "كورونا" - كان يسبب زحاما شديداً.

 

- أدخلت شركات أنماطاً وتعديلات مختلفة على مكاتبها ومقراتها كي لا تكون ذات مكاتب تقليدية، بل شملت مساحات للألعاب والراحة وتقليل الضغط، كما عرضت بعض الشركات وجبات غذائية مجانية على الموظفين.

 

- يرى محللون أن المكاتب الإدارية التقليدية تسبب أضراراً للعين وللجسد بوجه عام وأحيانا ما يسبب الروتين بها في أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري ومشكلات في العظام.

 

- بمرور الوقت وقبل  ظهور "كورونا"، أصبحت المكاتب بمثابة أماكن غير جيدة - بحسب دراسة حديثة - لكن هناك بوادر تفاؤل تجاه المستقبل.

 

- أثناء العمل من المنازل، جاء دور التكنولوجيا لحل مشاكل التواصل بين الموظفين والمسؤولين ورؤسائهم في العمل، حيث يتحدثون بشكل مباشر عبر تطبيق "زوم".

 

- بوجه عام، ربما يشعر البعض بالحنين للعودة إلى المكاتب ومقرات العمل التقليدية، لكن بمرور الوقت، من الممكن أن يصبح العمل عن بعد هو السمة الغالبة.

 

المصدر: إيكونوميست

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.