حدد رئيس بنك إنجلترا "أندرو بيلي" موقفه بصراحة بشأن فرض فائدة سالبة عندما تولى منصبه لقيادة البنك المركزي خلال مارس الماضي، وصرح قائلا أمام أعضاء البرلمان البريطاني: "فيما يتعلق بإقرار فائدة سالبة..لا.. إن هذا الأمر ليس مطروحًا للنقاش في الوقت الحالي".
وحتى قبل أسبوع مضى، تمسك "بيلي" تمامًا بما قاله سابقًا وشدد على أن خيار فرض فائدة سالبة ليس مطروحًا للنقاش على طاولة البنك المركزي، لكن منذ ذلك الحين، ربما بدأ البنك التفكير في الأمر.
قال المسؤول ببنك إنجلترا "أندي هالدين" نهاية الأسبوع الماضي إن خيار فرض فائدة سالبة يجري مناقشته داخل أروقة البنك بشكل عاجل، كما ذكر مسؤول آخر أن هذه الأداة (الفائدة السالبة) كان لها أثر إيجابي في دول أخرى، وفي النهاية، اعترف "بيلي" نفسه يوم الأربعاء الماضي بأن هذه الأداة قيد المراجعة.
لماذا يُناقش هذا الخيار من الأساس؟ وهل هناك خطورة؟
يريد بنك إنجلترا بشتى الطرق دعم الاقتصاد البريطاني وإعادته إلى مسار التعافي، وأقر بالفعل خفض الفائدة قرب الصفر عند 0.1%، وبالتالي، فإن أي خفض إضافي سيعني بلوغ النطاق السالب.
تتشابه فكرة الفائدة السالبة مع قرارات خفضها والتي تحفز بدورها الإقراض من جانب البنوك في المملكة المتحدة، كما أن هذه الخطوة تعني أيضًا تشجيع الشركات والأسر على اقتراض مال رخيص وإنفاقه بدلا من ادخاره.
يتسبب فرض فائدة سالبة في إضعاف الجنيه الإسترليني، ومن ثم، تصبح المنتجات البريطانية أكثر تنافسية عند تصديرها كما يتحسن تدفق النقد إلى الشركات والأسر المدينة.
كان "بيلي" واضحاً في تصريحاته بأن خفض الفائدة أدنى الصفر ليس تقليدياً، ولذلك يحتاج بنك إنجلترا لدراسة هذه الخطوة جيداً قبل اتخاذها واستكشاف مدى تأثيرها على هيكل النظام المالي وتأثيرها على المستهلكين ومعرفة تداعياتها على اقتصادات الدول التي تبنتها.
يرى مصرفيو البنوك المركزية حول العالم أن هناك حداً للفائدة لا يجب النزول عنه، ولو حدث ذلك، يجب الحذر من المخاطر على الاستهلاك والاستثمارات بدلاً من مجرد التركيز على تحفيز الإنفاق.
هناك قلق لدى المصرفيين من تأثير سياسة الفائدة السالبة على أرباح البنوك مع الأخذ في الاعتبار أيضاً تحمل القطاع المصرفي لخطورة وجود رغبة محتملة لدى المستهلكين لعدم الإنفاق.
ماذا عن التجارب الأخرى؟
يعكف مسؤولو البنك المركزي الأوروبي على تقييم أحدث تأثير لفرض الفائدة السالبة في منطقة اليورو، وأكد معظهم أن النتائج إيجابية بشكل كبير؛ حيث انتعشت الاستثمارات وزاد إقراض البنوك بسبب التمويل الرخيص.
اكتشف البنك المركزي الأوروبي أن الفائدة السالبة عززت إنفاق الأسر والشركات ولم تدفعهم للاحتفاظ بالسيولة النقدية، وعلى أثر ذلك، زاد النشاط الاقتصادي وتحسنت ميزانيات البنوك مع تحسن الأحوال الاقتصادية.
في الوقت الذي أكد فيه البنك المركزي الأوروبي على وجود ثمار جمة على الاقتصاد الكلي واستقرار الأسعار جراء فرض فائدة سالبة، إلا ان بعض مسؤولي البنك حذروا من تلاشي هذه الثمار إذا طالت فترة العمل بسياسة الفائدة السالبة.
ربما ذلك ما دفع البنك المركزي السويدي في ديسمبر 2019 لاتخاذ قرار برفع الفائدة إلى الصفر بعد تبنيها في النطاق السالب منذ عام 2015، ولم يدفعها البنك مجدداً أدنى الصفر في مارس - في خضم ازمة "كورونا" - رغم عدم استبعاد هذه الخطوة للتعافي من تداعيات الفيروس التاجي.
تراجع العديد من البنوك المركزية حول العالم أداة الفائدة السالبة، لكن المصرفيين يضعونها في جعبتهم دون التفكير في فرضها قريبًا، وربما يتم بحث خيارات أخرى في بنك إنجلترا خلال اجتماع يونيو المقبل.
قال مسؤولون في بنك إنجلترا إن دراسة أداة الفائدة السالبة سيستغرق وقتاً، وهذا ما يوضح معنى تصريحات "بيلي" في أن البنك المركزي يحتاج للتفكير جيداً قبل اتخاذ الخطوة مع ضرورة شرحها للرأي العام.
يتوقع مراقبون تبني الفائدة السالبة من قبل بنك إنجلترا لكن بعد إنتهاء الإغلاق الذي سيصاحبه التخلي عن الحذر والعمل على تحفيز الإنفاق، بينما يرى آخرون أن البنك المركزي يرغب في إبقاء هذه الأداء كخيار محتمل فقط.
المصدر: فاينانشيال تايمز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}