في الفترة الأخيرة، أطلقت العديد من الحكومات ودول العالم برامج لتحفيز اقتصاداتها في مواجهة تداعيات فيروس "كورونا"، لكن ذلك ليس دون ثمن، فالكثير منها تحمّل المزيد من الديون لتمويل هذه البرامج.
وأجبرت أزمة "كورونا" حكومات العالم لإنفاق كميات ضخمة من التمويل لتحقيق استقرار الاقتصادات، لكن المخاوف بدأت تتسرب لاحقاً بشأن كيفية سداد هذه الديون وتحمل تكلفتها.
ديون بمستويات جديدة
- بالطبع، تتوقع دول العالم بلوغ الديون والعجز والإنفاق لديها مستويات جديدة، وتوقعت بالفعل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا ارتفاع ديونها العامة بنهاية 2020 إلى أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يتوقع محللو بنك "جولدمان ساكس" ارتفاع الدين العام في إيطاليا إلى 160% من الناتج المحلي الإجمالي.
- في اليابان، قال رئيس الوزراء "شينزو آبي" إنهم سيسجلون عجزًا بتريليون دولار لحماية اقتصاد حجمه خمسة تريليونات دولار مما سيدفع الدين العام إلى 237% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى قياسي.
- في ظل هذه التوقعات، لن تنفد إلا بعض الاقتصادات المتقدمة القليلة من مذبحة الديون، فقد توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع متوسط الدين بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 120% عام 2021.
- يخشى البعض من عزف المستثمرين عن إقراض الحكومات، وهو ما سيجبر الأخيرة على الاقتراض بمستويات عائد مرتفعة، بينما يرى آخرون أن الحكومات سوف تضطر لتبني تدابير تقشفية صارمة ومؤلمة للشعوب في السنوات القادمة.
- يشكل الدين العام مشاكل خطيرة للاقتصادات في ظروف معينة، لكنه لا يشكل مخاطر كبيرة على الحكومات التي تصدر ديوناً بعملاتها المحلية مثل الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة لأن هذه الدول تقترض بتكلفة منخفضة.
- يرجع ذلك لعدة أسباب أولها أن الحكومات لا تحتاج لاقتراض عملاتها من الأساس، والثاني أن هذه الدول تحدد الفائدة على سنداتها بنفسها، والثالث أن السندات الحكومية تدعم تمويلات القطاع الخاص.
- إن إصدار الدول سنداتها السيادية بعملتها المحلية يعني عدم القلق بشأن كيفية سداد تلك الديون، فالحكومة اليابانية على سبيل المثال، يمكنها شراء أي سندات متاحة بعملتها الين.
- يبدو من ذلك، أن هذه الاقتصادات الضخمة يمكنها تمويل حوافز اقتصاداتها، وحتى لو أنفقت بكثافة مسببة ضغوطًا تضخمية، إلا أنها لن تحتاج لاقتراض عملاتها.
إذاً.. لماذا لا تقترض هذه الدول بكثافة أكبر دون خوف؟
- في ضوء ما سبق، ربما يسأل سائل عن أسباب الخوف من ارتفاع الديون العامة إلى مستويات قياسية متوالية، فالحياة رائعة، والاقتراض بالعملة المحلية، ولا مشاكل.
- ربما يكمن السبب وراء ذلك في الاعتياد على هذا الأمر لا سيما أنه بموجب معيار الذهب، تبيع الحكومات سندات من أجل عدم وجود الكثير من العملة في أيدي المواطنين والسيطرة على المعروض النقدي.
- علاوة على ذلك، يبعث ارتفاع الديون وتكلفتها بإشارة سلبية للأسواق والمستثمرين بأن اقتصادًا ما ربما يعاني من مشاكل في الموازنة والدين العام، وبالتالي، يعزف المستثمرون عنه.
- تعد السندات بمثابة هدية للمستثمرين، ومع الحديث عن السندات، تبرز مشكلة العجز المالي على الطاولة للجدل والتساؤل عن كيفية سد هذه الفجوات.
- بالنسبة للاقتصادات الناشئة، تكون المشكلة أصعب نظرًا لكونها في حاجة للتمويل بعملات أجنبية، وهو ما يدفعها لطرح سندات مقابل الدولار أو اليورو وغيرهما.
- يفضل المستثمرون بوجه عام منح قروض أو شراء سندات بعملات يثقون فيها ويعرفونها كالعملة الأمريكية ونظيرتها البريطانية، ولهذا السبب، تلجأ الاقتصادات الناشئة لإصدار سندات بعملات أجنبية من أجل جذب هؤلاء المستثمرين.
- عندما تكون الاقتصادات ضعيفة التصنيف الائتماني لسنداتها السيادية، تضطر لدفع عائد أكبر من أجل جذب المستثمرين، ومن هنا، تأتي مشاكل الديون المتزايدة وتكلفتها وكيفية سدادها.
- ربما يؤدي ارتفاع الديون وتكلفتها على الاقتصادات الناشئة لزيادة مخاطر التعثر في السداد، ومن ثم، تضطر بعض الدول لإعادة التفاوض وهيكلة ديونها أو التفاوض لشطب البعض منها، وربما الانخراط في برامج تمويل وإنقاذ واتخاذ تدابير تقشف.
المصادر: فاينانشيال تايمز، إنفستوبيديا
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}