الجدعان لـ"الفايننشال تايمز": يجب على القطاع الخاص الانضمام إلى خطة تخفيف عبء الديون عن البلدان الفقيرة

2020/05/04 أرقام

دعا وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مقال له لصحيفة فاينانشال تايمز أن ينضم الدائنون من القطاع الخاص إلى خطة تخفيف عبء الديون عن البلدان الفقيرة وأن يقوموا بتعليق مدفوعات خدمة الديون، وذلك للمساعدة في مواجهة جائحة كوفيد-19.

 

وقال الجدعان إن دين المؤسسات الخاصة يقدر بحوالي 18 مليار دولار، أو ما يُعادل 40% من مدفوعات خدمة الديون الحكومية المستحقة على أفقر دول العالم هذا العام. وفي حال قيام هؤلاء الدائنين بتعليق دفع ولو نصف هذا المبلغ، فإن ذلك من شأنه أن يوفر ما يقارب 9 مليارات دولار لتلك البلدان لمعالجة آثار جائحة كوفيد- 19، حيث ستتفاوض كل دولة على الشروط الفردية المتعلقة بسداد ديونها.

 

وفيما يلي نص المقال:

 

 تُعد جائحة كوفيد-19 مأساة إنسانية غير مسبوقة، إذ تسببت في تعطيل حياة الملايين من الأشخاص. واضطرت الدول إلى إغلاق حدودها وفرض عمليات الحظر، ونحن نواجه الآن حالة استثنائية من عدم اليقين بشأن عُمق هذه الأزمة العالمية ومدتها.

 

لقد تم إنشاء مجموعة العشرين على وجه التحديد لتطوير العمل الجماعي في مثل هذه الظروف. وقد اتفق قادة البلدان على ضخ مبلغ غير مسبوق، يبلغ 7 تريليونات دولار، في الاقتصاد العالمي، وهو أكبر محفز اقتصادي على الإطلاق، بتدابير وضمانات اقتصادية مالية محددة الهدف.

 

وقد رافق ذلك إجراءات اتُخِذَت في الوقت المناسب من جانب البنوك المركزية لمجموعة العشرين، التي توفر السيولة والدعم اللازمين لتدفق الائتمانيات إلى للأسر والشركات، وكذلك من جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين يقدمان المساعدة المالية إلى البلدان المُحتاجة.

 

ولكن يجب بذل المزيد من الجهود. إذ قد يتسبب فيروس كورونا بتأثيرات مدمرة على الدول النامية ذات النظم الصحية الضعيفة والاقتصادات الأقل قدرة على التأقلم خلال هذه الجائحة. ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة فإن الفيروس قد يودي بحياة 300 ألف شخص في إفريقيا وحدها، كما يقدر صندوق النقد الدولي أن القارة تحتاج إلى 114 مليار دولار في عام 2020 من أجل الإنفاق على الخدمات الصحية والاجتماعية.

 

لهذا السبب اتفقت مجموعة العشرين مؤخرًا على تعليق مدفوعات خدمة الديون لأشد البلدان فقراً لمدة محددة. وستستفيد حوالي 77 دولة -بما في ذلك جميع البلدان المؤهلة للحصول على قروض من مؤسسة التنمية الدولية- مما يضمن قدرتها على تركيز عشرات المليارات من الدولارات على مكافحة الوباء. ويشارك جميع الدائنين الرسميين الثنائيين في هذه المبادرة، باستخدام مسودة شروط مشتركة، كما يجري تشجيع المصارف الإنمائية متعددة الأطراف على الانضمام. والآن، يجب على الدائنين من القطاع الخاص أن يقوموا بالأمر الصحيح وأن يحذوا حذوهم.

 

ومُنذ أزمة عام 2008، أصبح النظام المالي العالمي، من خلال تحسين البيئة التنظيمية وإجراءات البنوك ذاتها، أقوى بكثير وقادرا على الصمود أمام الصدمات. ويبدو أن نظام الخدمات المالية قادر على مواجهة التحديات التي يفرضها تفشي كوفيد-19، وذلك بفضل الميزانيات القوية والامتثال التنظيمي الأشد صرامة.

 

وقُدرت قيمة قطاع الخدمات المالية العالمية بأكثر من 22 تريليون دولار العام الماضي، مما يشير إلى أهميته الاقتصادية.

 

ويقدر دين المؤسسات الخاصة بحوالي 18 مليار دولار، أو ما يُعادل 40% من مدفوعات خدمة الديون الحكومية المستحقة على أفقر دول العالم هذا العام. وفي حال قيام هؤلاء الدائنون بتعليق دفع ولو نصف هذا المبلغ، فإن ذلك من شأنه أن يوفر ما يقارب 9 مليار دولار لتلك البلدان لمعالجة آثار جائحة كوفيد- 19، حيث ستتفاوض كل دولة على الشروط الفردية المتعلقة بسداد ديونها.

 

 والأمر الذي شحذ هممنا أنه بعد اجتماع مجموعة العشرين الأخير مباشرة، قال معهد التمويل الدولي، والذي يُعد الاتحاد العالمي للمؤسسات المالية، إنه "أوصى الدائنين من القطاع الخاص بمنح البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية طوعًا، إمكانية جدولة عملية سداد الديون على فترة محددة من الوقت في حال طلبوا ذلك، على غرار ما أعلنه القطاع الحكومي اليوم".

 

ومثلما احتشد العالم لدعم مجال الخدمات المالية في عامي 2008 و2009، فإنه يجب على المؤسسات المالية والدائنين من القطاع الخاص الآخرين اتباع خُطا مجموعة العشرين والنظر في الدعم والمساعدة التي يمكنهم تقديمها لأضعف الدول حول العالم.

 

وفي الحقيقة، فقد أوضحَ لنا العديد من الدائنين من القطاع الخاص أنهم يفكرون بجدية في تعليق الديون، وبدورنا نحن نحثهم على تحقيق هذه النوايا عاجلاً وليس آجلاً.

 

ومن جانبنا، كقادة حكوميين ندرك أن هذا يجب أن يكون بشكل طوعي، وأنه يجب علينا ألا نفرض أي أمر على المستثمرين الخاصين، لأن ذلك قد يغير شكل الأسواق للأسوأ ويحد من الطلب المستقبلي على ديون الأسواق الناشئة من القطاع الخاص. ولكننا في نفس الوقت، نشجعهم بشدة على القيام بذلك. ونحن أيضًا ملتزمون بالعمل مع أولئك الذين يسعون إلى حل لهذه المشكلة بسرعة. إن مجموعة العشرين على أتم الاستعداد لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي من شأنها أن تساعد في حل أي مشاكل.

 

ويجب على الدائنين من القطاع الخاص أن يظهروا نفس الاستعداد التي أظهرته مجموعة العشرين حول عملية تعليق سداد الديون. ويذكر أنه لا يمكن للحكومات أن تُملي هذه الشروط على الدائنين من القطاع الخاص، إلا أن الحاجة ماسة.

 

كلنا يد واحدة، ويجب على كل منا أن يقوم بدوره، مهما كان صغيرًا. فالأفراد يبقون في منازلهم، والعاملون الصحيون في الخطوط الأمامية يعالجون بشجاعة المرضى، وحكومات البلدان تقوم بضخ الأموال لحماية الوظائف وسبل العيش. يمكن للدائنين من القطاع الخاص بل وينبغي عليهم الانضمام إلى مجموعة العشرين وتعليق دفعات الديون حتى يتسنى للدول النامية تركيز مواردها على مكافحة هذا الوباء.

 

إن المؤسسات المالية الكبرى تلعب دورًا مهمًا في تعزيز تعافي العالم من هذه الأزمة، والآن آن الأوان لإظهار أنهم قادرون على تأدية أدوارهم، وأنهم عازمون على ذلك.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.