اقتصاد الرداء المخملي .. كيف أصبح انعدام المساواة استثمارًا كبيرًا في الولايات المتحدة؟

2020/05/02 أرقام

يقدم "نيلسون شوارتز" الصحفي لدى نيويورك تايمز في كتابه "اقتصاد الرداء المخملي" تفسيرًا ملفتًا لما يصفه بالرداء المخملي الذي يقسّم الأمريكيين في مختلف مناحي الحياة ويهيئ عالمًا خاليًا من المصاعب لأصحاب الأموال، بينما يترك أبناء الطبقة المتوسطة في أتون الصراع.

 

يقول الكتاب إن ثمة رداء مخملي غير مرئي موجود في كل مناحي الحياة تقريبًا من الصحة إلى التعليم ومن السير على الطرق السريعة إلى تأمين المنازل، يفصل بين طريقة حياة الأمريكيين. ففي طرف الرداء يقل الروتين الحكومي ويمكن تجاوز الطوابير وتأمين المواعيد وتفتح الأبواب وهذا نظير مقابل.

 

 

على الجانب الآخر من الرداء يكابد الأمريكيون أبناء الطبقتين المتوسطة والعاملة لإيجاد مقاعد فارغة على الطائرات أو أماكن للاصطفاف في طوابير أمام المتنزهات وفي قوائم القبول بالجامعات أو حتى الحصول على أسرة في المستشفيات.

 

ويشير الكتاب إلى أن انعدام المساواة في الدخول بدأ في التصاعد منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي وفي نفس الوقت بدأت الشركات في الاهتمام بشرائح سكانية محددة تزداد فيها فرص النمو.

 

يقول الكاتب "مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات مع رفع المزيد من القيود وانطلاق وول ستريت قل الشعور بالإحراج من التباهي بشيء...أصبح الاستهلاك المظهري مقبولاً بدرجة أكبر، وأصبحت الشركات أكثر ارتياحًا في إجراء تمييزات بين عملائها".

 

"في السبعينيات والستينيات كان يوجد شعور بأننا جميعًا معًا (لكن) مع ميل الناس إلى التباهي بثرواتها أصبح (المرء) يدفع دون تأنيب ضمير حتى يذهب إلى مقدمة الطابور".


 

فنحن على علم بالفجوة بين الأثرياء وغيرهم لكن عندما يغفل الناس، يتحين خبراء الابتكارات في عالم الاستثمارات الفرصة ويحولون الخدمات بعيدًا عن متناول الجماهير ويجدون سبلاً جديدة للتربح عن طريق خدمة الصفوة.

 

وفي ظل تمتع متخذي القرار ورؤساء الشركات بالعيش في الطرف المميز من الرداء بعيدًا عن الاحتكاك بالآخرين، فإنهم يصبحون أقل ميلاً للتغيير أو حتى ملاحظة العوائق التي يواجهها غيرهم.

 

يأخذ كتاب "اقتصاد الرداء المخملي...كيف أصبح انعدام المساواة قطاعًا كبيرًا للاستثمار" القارئ في جولة خلف الستار لمشاهدة هذا الواقع الجديد ويشرح الأثر الذي يحدثه هذا الرداء في المجتمع.

 

فالكتاب يستكشف "عالمًا أشبه بفرساي" حيث وُجدت الشركات والجامعات وصناعة الرعاية الصحية من أجل الأثرياء الأمريكيين، بينما يُترك الباقون "يتزاحمون على الخدمات الأساسية".

 

ومع تتبعه لأثر الظاهرة وربطها بمبادئ اقتصادية مثل "تنويع المنتج" و"حدود الاستيعاب"، يقول شوارتز إن الزيادة في معدل انعدام المساواة في الدخول والتسويق المدفوع بالبيانات يتسببان في "لعبة الحالة المتعادلة" التي تدلل الأثرياء وتعاقب أبناء الطبقة المتوسطة والفقراء.

 

وساق الكاتب أمثلة "لاقتصاد الرداء المخملي" منها "إيفي وايز" وهي شركة استشارات تصل رسومها إلى 150 ألف دولار؛ لكي تساعد طلاب المرحلة الثانوية في التقدم للجامعات، وكذلك الجناح الخاص في مطار لوس أنجلوس، و"المتصفحون" في الرعاية الطبية الذين يرتبون للعملاء مقابلة كبار الأطباء.

 

يقول شوارتز إنه مع أحقية الشركات في زيادة أرباحها عن طريق خدمة الأثرياء إلا أن مثل هذه الترتيبات تهدد "نبض المساواة الذي ميز الحياة الأمريكية في السابق". وأثنى الكاتب على شركة طيران ساوث وست التي لا تقدم مقاعد للدرجة الأولى ورواد أعمال مثل نيك هاناور وهو مستثمر في أمازون يهدف إلى القضاء على فجوة الثروة.

 

ويظهر في الكتاب أن المؤلف يشرح المفاهيم الاقتصادية بوضوح وإيجاز ويتجنب الفكر المعارض للرأسمالية في عرض فكرته.

 

يعمل نيلسون دي.شوارتز في صحيفة نيويورك تايمز منذ عام 2007 ويغطي الشؤون الاقتصادية بها منذ 2012، وعمل من قبل في صحيفتي وول ستريت جورنال وتايمز وعمل أيضًا مراسلاً اقتصاديًا للشؤون الأوروبية في باريس بين عامي 2008 و2010.

 

وصدر الكتاب باللغة الإنجليزية في 352 صفحة عن دار "دابل داي بوكس" في الثالث من مارس 2020.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.