وفيات اليأس .. كتاب يحذر من مخاطر تدهور الطبقة العاملة بأمريكا

2020/04/25 أرقام

تراجع متوسط العمر المتوقع بالولايات المتحدة مؤخراً وللعام الثالث على التوالي، وذلك في ارتداد لم تشهده أمريكا منذ عام 1918 أو أي بلد غني آخر في العصر الحديث.
 

وزادت الوفيات الناجمة عن الانتحار والجرعات الزائدة من المخدرات وشرب الكحول بشكل مثير في العقدين الأخيرين حتى باتت تسجل مئات الآلاف من الأمريكيين كل عام والعدد في ازدياد.
 

يشرح كتاب "وفيات اليأس ومستقبل الرأسمالية" للكاتبين "أنجوس ديتون" وزوجته "آن كيس" أسباب الزيادة الكبيرة في مثل هذه الوفيات ويسلط الضوء على القوى الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل الحياة أشد صعوبة على الطبقة العاملة.
 

 

إن الأمريكيين "يشربون حتى الموت أو يسممون أنفسهم بالمخدرات أو يطلقون النار على أنفسهم أو يشنقون أنفسهم".
 

ويفسر الكاتبان لماذا لم تعد الرأسمالية تؤتي ثمارها بالنسبة لأولئك الذين اعتادوا على الازدهار في أمريكا.

فالكتاب يرسم صورة مقلقة عن تلاشي الحلم الأمريكي ويشير إلى أنه بالنسبة للطبقة العاملة من البيض باتت أمريكا اليوم أرضاً لأسر مفككة وفرص قليلة.

 

ويقول ديتون وآن إنه بحلول عام 2000 بدأ اتجاه متوسط العمر المتوقع يتراجع "بالنسبة للأمريكيين البيض بين عمر 45 و54 لم يعد متوسط العمر يزداد كالسابق بل يتراجع".
 

ويشير الكتاب إلى أن الاتجاه المنخفض مسجّل بالكامل تقريباً بين الأمريكيين البيض غير الحاصلين على درجات جامعية الذين يشكلون 38 في المائة من السكان في سن العمل فثمة "شيء ما يجعل الحياة أشد سوءاً خاصة أمام الأمريكيين البيض الأدنى تعليماً".
 

مع ازدياد ثروات الأمريكيين خريجي الجامعات وتمتعهم بالصحة، يموت البالغون غير الحاصلين على درجات علمية عالية من الألم واليأس. ويربط الكاتبان الأزمة بضعف موقف العمل وازدياد نفوذ الشركات وفوق كل ذلك جشع قطاع الصحة الذي يعيد توزيع أجور الطبقة العاملة على جيوب الأثرياء.
 

فالرأسمالية التي انتشلت عدداً لا يحصى من الناس من براثن الفقر على مدار القرنين الماضيين، تدمر الآن حياة أصحاب الياقات الزرقاء في أمريكا. ويتوقع الكتاب نتائج ذلك في المستقبل ويقدم حلولاً يراها قادرة على كبح إفراط الرأسمالية وجعلها مناسبة للجميع.
 

أمريكا التي يكتب عنها ديتون وكيس مكان يعتمد على الطبقات بدرجة كبيرة؛ حيث يسجل أصحاب الدرجات العلمية المتواضعة نسباً مرتفعة في الإصابة بالأمراض النفسية الشديدة ويعانون من مشكلات مع "أنشطة الحياة اليومية المفيدة"، وأصبحت الآلام المزمنة شائعة بين أبناء الطبقة المتوسطة أكثر من المسنين.
 

وفي المقابل،  يزيد متوسط العمر المتوقع بين الأمريكيين أصحاب الدرجات العلمية العالية ويستمعون بتكوين عائلات مستقرة، ويشير الكاتبان إلى أن سبب هذا الاتجاه هو انهيار الوظائف الصناعية الثابتة متواضعة الأجر التي قدمت في السابق معنى وغرضاً لحياة الطبقة المتوسطة.
 

"تدمير عمل، وفي النهاية حياة، الطبقة العاملة لا يمكن أن تستمر. إنه خسارة للمعنى وللكرامة وللفخر ولاحترام الذات يصحبه خسارة الحياة الزوجية والمجتمع  ويجلب اليأس".
 

الكاتب أنجوس ديتون خبير اقتصادي أمريكي-بريطاني وهو أستاذ متفرغ للاقتصاد والشؤون الدولية بجامعة برينستون الأمريكية، وحصل في عام 2015 على جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية عن تحليلاته في الاستهلاك والفقر والرفاهية.
 

وآن كيس خبيرة اقتصادية أمريكية انضمت لكلية وودرو ويلسون للشؤون الدولية والاقتصاد بجامعة برينستون في عام 1991 وأصبحت أستاذة للاقتصاد والشؤون العامة في 1997. وصدر الكتاب في 288 صفحة في السابع عشر من مارس 2020 عن دار صحافة جامعة برينستون.

 

 

المصدر: كتاب "وفيات اليأس ومستقبل الرأسمالية"

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.