عزّز خفض وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف السيادي للكويت من المرتبة AA إلى -AA التوقعات المتشائمة حول مستقبل الوضع المالي للدولة على المديين القصير والمتوسط، مدفوعة بالتراجع الكبير في أسعار النفط، وتزامنه مع أزمة انتشار فيروس كورونا، ما شكل ضربة مزدوجة عمّقت من عجز الموازنة العامة.
وعملياً يزيد خفض التصنيف السيادي للكويت الضبابية حول مستقبل الكويت المالي، وقدرة ميزانيتها الحقيقية على مقابلة المصروفات العامة واستمرار الصرف حتى على ثوابتها (الرواتب)، لا سيما إذا استمرت أسعار النفط في الانحدار، مسجلة قاعات سعرية جديدة.
وفي هذا الخصوص، أكد اقتصاديون لـ«الراي» أن تخفيض التصنيف كان متوقعاً، مؤكدين أن هذه الخطوة قد تضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات علاجية ملحة، قد تصل إلى حد «الديكتاتورية» المنضبطة، خصوصاً إذا استمر تراجع النفط إلى قاعات سعرية جديدة، مثلما هو متوقع على المدى القصير.
وفي حين أشاروا إلى أن خفض التصنيف السيادي سيزيد كلفة الاقتراض الدولي، المتوقف أصلاً لعدم إقرار قانون الدين العام، لفتوا إلى أن استمرار انخفاض أسعار النفط وتأثيره في الإيرادات قد يصبح، خلال وقت قصير، سكيناً يطول رواتب موظفي الدولة.
دعا الحكومة للتعلم من أزمة 2008
المطوع: تأخر التحفيز خفض التصنيف
قال رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي في شركة علي عبدالوهاب المطوع التجارية، فيصل المطوع، إن تأخر الحكومة في إقرار حزمة التحفيز الاقتصادي في ظل أزمة «كورونا» أحد أسباب خفض تصنيف الكويت السيادي من قبل «S&P»، وأن هذا القرارليس بسبب ضعف قدرات الدولة المالية.
ولفت المطوع في تصريح لـ «الراي»، إلى أن تخفيض التصنيف سيدفع الحكومة إلى التعجيل بإقرار حزمة اقتصادية شاملة لجميع القطاعات خلال الأسبوع الجاري، مطالباً بأن يكون الدعم موجهاً لجميع الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة المتضررة في السوق المحلي، على حد سواء.
وأشار إلى ما قدّمته معظم الدول المتقدمة ذات الاقتصاد الحر من حزم دعم بأكثر من 7 تريليونات دولار، منذ بداية الأزمة حتى اليوم، مضيفاً أن تخفيض التصنيف ينعكس سلباً على سمعة الكويت الاقتصادية والمالية والدولية، رغم امتلاكها لاحتياطيات مالية ضخمة وعدد سكان قليل، مشيراً إلى أن الدولة يجب أن تتعلم من تجربة الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث قدمت مجموعة دول العشرين آنذاك الدعم لاقتصاداتها بمبلغ 12 تريليون دولار، بينما تخلفت الكويت عن تقديم أي شيء يُذكر.
وأوضح المطوع أنه لا داعي للتخوف من تخفيض آخر لتصنيف الكويت السيادي في الفترة المقبلة، خصوصاً وأن الحكومة باتت على قناعة بضرورة التعجيل بإقرار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، مؤكداً ضرورة دعم القطاع المصرفي بإعادة هيكلة القروض وإعادة جدولتها وتخفيض الفائدة إلى 0.5 في المئة، وتأجيل استحقاق الأقساط والقروض المصرفية وضخ السيولة في المصارف بما يساعدها على تحمل تكلفة تأجيل الأقساط، وتقديم مزايا وتسهيلات إضافية للقطاعات المتضررة، وتشجيع إقراض القطاعات المنتجة، ودعم استقرار سوق الكويت للأوراق الماليه من خلال إيجاد صانع سوق، ممثلاً بالهيئة العامة للاستثمار أو أحد فروعها، لمنع الانخفاضات الحادة وغير المبررة.
تصنيف البنوك والشركات سيتراجع أيضاً
بهبهاني: مطلوب خطة اقتصادية شاملة
أوضح رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي الكويتي، طلال بهبهاني، أن خفض تصنيف الكويت من قبل وكالة «ستاندرد آند بورز» من «AA» إلى «-AA»، كان أمراً متوقعاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها الدولة حالياً، في ظل أزمة كورونا.
وأفاد بهبهاني بأنه كان من المتوقع أن يتأخر خفض التصنيف مع ترجيحات بركود اقتصادي يطول جميع القطاعات، مبيناً أن استفحال أزمة كورونا أدى إلى التعجيل بقرار خفض التصنيف من قبل «S&P»، ومرجّحاً أن تلحقها بقية وكالات التصنيف العالمية بتخفيض تصنيف الكويت.
وأضاف أن خفض التصنيف السيادي للدولة سيدفع الجهات المعنية إلى وضع خطة اقتصادية متكاملة في الفترة المقبلة، بما يساعد على تنويع مصادر الدخل، خصوصاً وأن تخفيض التصنيف ترافق أيضاً مع انخفاض أسعار النفط، ما سيؤثر على الميزانية العامة، لا سيما وأنه لا قدرة للكويت على التحكم بأسعار النفط وسط الحرب القائمة في السوق حالياً، مبيناً أن الحكومة مطالبة بخطة عاجلة تساعدها بالحفاظ على احتياطياتها المالية، وإقرار قانون الدين العام الذي سيحد من تراجع التصنيف من قبل الوكالات العالمية في الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن مسألة التصنيف السيادي ودرجته ستعتمد بدرجة كبيرة على الانتهاء من أزمة «كورونا»، وإقرار برنامج متكامل للإصلاح الاقتصادي يدعم جميع القطاعات، مشيراً إلى أن تصنيف البنوك والشركات في السوق الكويتي سينخفض في الفترة المقبلة، منوهاً إلى أن تراجع الأرباح يدفع الجميع في السوق إلى الحفاظ على السيولة الموجودة بين يديه، ما قد يؤثر على النشاط الاقتصادي.
وأفاد بهبهاني بأن التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص في الفترة المقبلة، سيحمي الكويت من الانزلاق وتراجع تصنيفها السيادي، مطالباً بأن تلجأ الحكومة إلى الاقتراض بشكل أكبر من البنوك المحلية التي تملك السيولة، والقادرة على تمويل المشاريع التنموية.
انتقد الممارسات الشعبوية وتأخر تنويع الدخل
رمضان: إجراءات جريئة قبل دخول دائرة الخطر
أشار الباحث الاقتصادي، محمد رمضان، إلى أن استمرار تأخر الاصلاح يهدد الأمن المالي والاقتصادي للكويت على المدى الطويل، ما يستدعي من الدولة أن تتخذ إجراءات إصلاحية، بجرأة ترقى إلى مستوى «الديكتاتورية المنضبطة»، قبل أن تدخل الدولة دائرة الخطر.
وقال رمضان في تصريح لـ «الراي»، إن تخفيض تصنيف الكويت السيادي يُعد إنذاراً مبكراً للدولة، بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة وفعالة لتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، لافتاً إلى أن استمرار الممارسات الشعبوية التي ترهق الميزانية، وتأخر إجراءات تنويع مصادر الدخل، يسهمان في تهديد المالية العامة.
ونوه رمضان بأنه مهما استمرت المصدات المالية التي تتمتع بها الكويت، والمتمثلة في احتياطياتها المليارية، بدعم المالية العامة للدولة فإن لتلك المصدات حدوداً ونهاية، مبيناً أن نجاح الإصلاح مرهون حالياً بالشعور بالمخاطر التي تحيط بالاقتصاد الوطني، حتى تتمكن الحكومة من اتخاذ إجراءاتها بصورة سريعة مثلما حدث مع أزمة كورونا.
وأكد رمضان أن شعور المواطنين بمخاطر تهديد الأمن الصحي للبلاد إذا استشرى «كورونا»، دفعهم بصورة تلقائية إلى تقبل الإجراءات الصارمة من قبل الحكومة لتجنبها، لافتاً إلى مطالبتهم بإجراءات أكثر صرامة، وصولاً إلى وصف وزير الصحة بـ«الديكتاتور» في قراراته مع الترحيب بها ضماناً لأمن الكويت الصحي.
وذكر رمضان أن الأمر يُعدّ مماثلاً في الملف الاقتصادي، خصوصاً وأن تخفيض التصنيف السيادي جرس إنذار مبكر، يجب معه اتخاذ قرارات اقتصادية جريئة من قبل الحكومة، حتى لا تدخل الكويت في دائرة الخطر الاقتصادي، معتبراً أن الشعب يجب أن يتقبل إجراءات الإصلاح الاقتصادي بطريقة تقبله لتلك المتخذة بمواجهة «كورونا».
لابد من تسريع الإصلاحات
السلمي: فرصة سانحة لإعادة هيكلة الاقتصاد
أكد رئيس اتحاد شركات الاستثمار، صالح السلمي، أن قرار خفض تصنيف الكويت إلى مستوى «-AA»، إضافة إلى ما تشهده الساحة من تطورات، يمثل فرصة سانحة أمام الجهات المعنية لإعادة الهيكلة الكاملة للاقتصاد الكويتي.
وقال السلمي إن الأمر يتطلب تسريعاً لإقرار وتفعيل الإصلاحات اللازمة، خصوصاً وأن الكويت بحاجة لتنويع مصادر الدخل، ومنوهاً بأن تراجع أسعار النفط يعد واحداً من العوامل التي دفعت «S&P» لخفض التصنيف.
ودعا إلى ضرورة تطوير الصناعة ليس فقط كمشاريع كُبرى، بل أيضاً بالنسبة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، لافتاً إلى أن قطاع الاستثمار سيتفاعل بلا شك مع الإصلاحات التي تقرها الدولة.
وتوقع أن يكون لخفض التصنيف تأثير على كُلفة الاقتراض الخارجي للدولة، مشيراً إلى أن الكويت تتمتع بوجود كوادر وطنية متنوعة، سواء من أفراد الحكومة أو روّاد القطاعات الاقتصادية، قادرة على تفعيل خطط الإصلاح المحورية حال إقرارها.
بإمكان الكويت رفع إنتاجها النفطي
صرخوه: خفض التصنيف جاء مبكراً جداً
أفاد الرئيس التنفيذي في شركة «كامكو إنفست»، فيصل صرخوه، بأن خفض التصنيف جاء مبكراً جداً مستنداً إلى سعر نفط يبلغ 30 دولاراً للبرميل لعام 2020.
وأعرب عن اعتقاده أن ذلك السعر منخفض جداً، نظراً لكون متوسط السعر حتى الآن يبلغ 53 دولاراً للبرميل، لافتاً إلى أن خفض التصنيف لم يراعِ بداية الانتعاش المتوقع في الطلب على النفط خلال النصف الثاني من العام، مع توقع تعافي العالم من فيروس كورونا، وزيادة الطلب التي يقودها انخفاض أسعار النفط.
وأضاف أن الكويت تملك خيار رفع إنتاج الخام إلى 3.1 مليون برميل يومياً، لتعويض بعض الانخفاض في الإيرادات، مبيناً أن السعر المنخفض الحالي للنفط الخام قصير الأجل يرجع لخلافات بين المنتجين، والذي يتوقع حلها خلال الفترة المقبلة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}