نبض أرقام
05:46 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/23
2024/12/22

المأزق الإيطالي .. هل تطال تداعياته أوروبا؟

2020/03/18 أرقام

هل يمكن أن يقوم الاتحاد الأوروبي بمراجعة قواعده والسماح للحكومات بالاقتراض أكثر لمواجهة الأزمة أم سيدفع إيطاليا للسير في نفس طريق الذي مشت فيه قبلها اليونان؟

 

قرار الحكومة الإيطالية بتعليق أقساط الرهن العقاري لمواطنيها المحبوسين بمنازلهم هو خطوة عنيفة للغاية في معركتها لتخفيف تأثير أزمة كورونا على البلاد، ولكنها تتناسب مع قوة المأزق الذي تجد الدولة نفسها فيه الآن.

 

أكبر من أن تفشل

 

إيطاليا هي الحلقة الأضعف في سلسلة الاتحاد الأوروبي حتى قبل مرحلة تفشي الفيروس، فقد كانت إيطاليا تواجه موجة الركود الرابعة في أكثر من عقد من الزمان بقليل.

 

يهيمن على السوق الإيطالي المنتجون منخفضو التكلفة، والمعرضون بشدة للاضطراب الذي يواجه سلاسل التوريد العالمية. كما أن مستوى الدين الحكومى مرتفع، بالإضافة إلى أن النظام المصرفي ضعيف، ولكن الاقتصاد الإيطالي يظل مهماً استراتيجياً لأنه ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

 

 

القضية ليست ما إذا كانت إيطاليا ستواجه ركودا أو لا، حيث إنه مع إغلاق المدارس والجامعات والمسارح ودور السينما أصبح تقلص الاقتصاد في الربعين الأول والثاني من عام 2020 شبه حتمي.

 

ويفترض أن يستمر الحجر الصحي حتى نهاية أبريل ثم يتم رفعه تدريجيًا. فإذا ظل الاقتصاد ثابتًا حتى نهاية يونيو، فقد يكون هناك انخفاض بنسبة 4.5٪ في الإنتاج خلال الربع الثاني.

 

كما أنه يمكننا أن نفترض أن الاقتصاديين الحكوميين الإيطاليين قد يتبعون مزيداً من الخطط المماثلة لتعطيل أقساط الرهن العقاري. فقد تكون تلك الأموال بمثابة مساعدة نقدية للعملاء خلال الأوقات الصعبة (حال عدم مطالبة الحكومة بتلك الأقساط في وقت لاحق).

 

تفاصيل تلك الخطة لا تزال غير واضحة، ولكن الحكومة الإيطالية لا يمكن أن تتمادى في هذا الإجراء أكثر من ذلك لسببين: الأول هو أن البنوك الإيطالية محملة بنسبة كبيرة من القروض المعدومة وأي إجراء مماثل سيؤدي إلى خسائر لتلك البنوك. والثاني هو أنه حال اتخاذ إجراء مماثل لا بد من اتخاذ موافقة البنك المركزي الأوروبي عليه.

 

ومع ذلك بالنسبة لبقية أوروبا، إيطاليا دولة أكبر من أن تفشل. لذا فإن الأمر المهم حقاً هو معرفة ما إذا كانت أزمتها المالية معدية (وهي تبدو كذلك) أم لا.

 

إيطاليا ليست اليونان

 

يقول "تشارلز دوماس"، من شركة "تي إس لومبارد": "من غير المحتمل أن يظل النظام المصرفي قادرا على الحفاظ على السيولة في ظل الظروف الحالية. لقد ماتت السياحة فعليًا في عام 2020، يمكن أن تكون للتحفيز المالي نتائج عكسية خاصة إذا طلب المستثمرون فوائد أكبر بكثير لشراء الأوراق المالية الإيطالية الجديدة. ستحتاج إيطاليا إلى دعم هائل من شركاء منطقة اليورو لتجنب السير في طريق اليونان".

 

ويضيف "حتى الآن الدعم الأوروبي مضمون كما أُعلن. وكلنا نأمل أنه عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ يكون هذا الدعم واضحًا بما يكفي لتمكين الدولة من إصدار سندات الدين بمعدلات فائدة معقولة، ودون شروط مرهقة تؤدي إلى تفاقم الركود أو تخفيض قيمة العملة الداخلية".

 

بعد أقل من ستة أشهر من ولايتها كرئيسة للبنك المركزي الأوروبي، تتعرض "كريستين لاجارد" لضغوط من أجل التوصل إلى حزمة إجراءات طارئة عندما يجتمع مجلس إدارة البنك المركزي يوم الخميس، ولكن في الواقع لا يمكنها فعل الكثير. 

 

فبالفعل سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي سلبي ويخضع التسهيل الكمي لقانون تناقص الغلة. وستكون المساعدة المتوقعة موجهة نحو الشركات الصغيرة والمتوسطة بتدفقاتها النقدية إلى حد كبير.

 

 

يقع العبء على عاتق الحكومات الفردية والمفوضية الأوروبية لإثبات أنهم تعلموا دروسًا من اتباعهم لاتجاهات تقليدية للغاية في التعامل مع موازنتها والتي تسببت بالفعل في تأخر خروج أوروبا من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 و2009.

 

إن رد فعل إيطاليا على تفشي كورونا بالبلاد سوف يخرق قواعد عجز الميزانية الأوروبية بلا شك، مما يترك الخيار لصانعي السياسة في أوروبا.

 

هل يغتنمون الفرصة لإعادة التوازن في السياسة بحيث يكون للحكومات مجال أكبر للاقتراض ولا يُطلب من البنك المركزي الأوروبي تقديم كل الحوافز؟ أم أنهم سيعاملون إيطاليا بالطريقة التي عاملوا بها اليونان ويصرون على أنه لا بديل عن التقشف؟

 

إيطاليا أكبر بكثير من اليونان، ويجب أن تكون عواقب اتخاذ القرار الخاطئ واضحة من البداية.

 

المصدر: الجارديان

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.