هناك سؤال دائمًا ما يؤرق الجميع: هل من الممكن أن نستمتع بوظيفتنا؟ في العادة نبقى قلقين من كثرة التفكير في مستقبلنا الوظيفي، وهو ما أكده استبيان أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي في 2017 أشارت نتائجه إلى أن 61% من المشاركين اختاروا العمل كأكبر مصدر للقلق لديهم. وقد قال الملياردير الأمريكي "ستيف جوبز" ذات مرة "عليك أن تحب ما تعمل"، ومن السهل أن تكون هذه نصيحة أحد المليارديرات، ولكنها دائما ما يشعر الناس بعدم الراحة في عملهم.
ولكن العمل لا يجب أن يكون سيئاً، فيمكننا جميعاً التخفيف من وطأة ضغوط العمل باتباع عدة نصائح صدرت في كتاب حديث، وتعتمد تلك النصائح على دراسة علمية لأماكن العمل.
سماعات الأذن
سماعات الأذن دائماً ما تقسم المكاتب بين مؤيد ومعارض، فاستخدامها يعد أمرًا غير محبب بالنسبة لكثير من المديرين ودائماً ما يلومون صغار الموظفين على استخدامها، لدرجة أن البعض يقول إنها مضرة بالعلاقات بين الزملاء في مكان العمل ولا تشجع روح الجماعة في العمل.
في الواقع المكاتب التي تسمح باستخدام سماعات الأذن يمكن أن تكون أكثر إنتاجية، كما أنها تشعر الموظفين بسعادة أكبر لقدرتهم على إنجاز المهام الموكلة إليهم وفي نفس الوقت يستمتعون بوقتهم. لذلك فبدلاً من حظر السماعات، يمكن السماح باستخدامها وقت حاجة الموظف إلى التركيز.
يقول "بن وابر" مؤسس شركة "هومانيزي" لدراسة وتحليل بيئات العمل إن محادثات المكاتب تميل إلى أن تتجمع بالفعل في أوقات معينة من اليوم، حول الغداء وقبل مغادرة الناس في نهاية اليوم، ويمكن منع استخدام السماعات في تلك الأوقات.
حضور الاجتماعات أثناء المشي
الجلوس على المكاتب أو خلال الاجتاعات يساهم في شعورنا بأن قوانا خائرة. وعلى العكس من ذلك فإن الذهاب للتنزه يعيد النشاط لأجسادنا المنهكة ويساعدنا على الابتكار والإبداع.
"ماريلي أوبيزو" و"دانييل شوارتز" من جامعة ستانفورد قاما بدراسة تأثير المشي على الإبداع، ووجدا أن 81 ٪ من المشاركين رأوا أن قدرتهم على إعطاء اقتراحات مبتكرة ترتفع أثناء المشي بدلاً من الجلوس.
قد يبدو اقتراح اجتماع أثناء التنزه غاية في الغرابة في البداية ولكنه من الممكن أن يكون أمراً مقبولاً أيضاً. كما أن مكان التنزه أيضاً يحدث فرقاً، فقد أشارت دراسة أخرى ، في عام 2012، إلى أن الخروج لمدة 50 دقيقة في الهواء الطلق يمكن أن يساعد في التركيز لاحقًا في العمل، كما أنه يعمل كمنظف للعقل.
يوم خالٍ من الاجتماعات
قام "أليكس بنتلاند" الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بعمل بحث علمي لمعرفة الإجراءات التي تؤدي إلى طفرات إبداعية أو زيادة الإنتاجية في مكان العمل فوجد أنه بالرغم أن الاجتماعات ساهمت بحوالي 2٪ مما تم إنجازه في العمل، فإن المحادثة المباشرة بين الزملاء ساهمت بما يقرب من 20 ضعفًا. إذن فيجب تحديد الاجتماعات التي ستكون أقل مساهمة في الإنتاجية ومن ثم إلغاؤها لأن ذلك من شأنه أن يساعد الموظف على أن يكون أكثر إنتاجية.
استبدل العروض التقديمية من خلال القراءة
استمع إلى نصيحة "جيف بيزوس" الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" والتي قال فيها إنهم في أمازون لا يقومون بعمل العروض التقديمية ولكن يكتبون مذكرات منظمة من ست صفحات فيبدأ الاجتماع في أمازون بقراءة الحضور وثيقة معدة مسبقاً ثم يتناقشون حولها.
ويدعم العلم فكرة "بيزوس"، فالقوة التي تدفع عمليات اتخاذ القرار وحل المشكلات في الاجتماعات هي المناقشات الجادة وليس من خلال شخص يقوم بعمل عرض تقديمي.
قام فريق من جامعة "كارنيجي ميلون" ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكلية "يونيون" بعمل دراسة قامت على تقسيم ما يقرب من 700 شخص إلى مجموعات صغيرة مع إعطائهم سلسلة من الألغاز المختلفة لحلها، ووجدت الدراسة أن الفرق غير الناجحة تميل إلى أن يهيمن عليها عضو واحد أو اثنان من الأعضاء الأقوياء، بينما في كل مجموعة ناجحة تحدث الجميع بمقدار متساو تقريبا.
حظر البريد الإلكتروني في عطلة نهاية الأسبوع
الرؤساء يؤثرون في حياة المرؤوسين بصورة أكثر مما يمكن تخيلها. فعلى سبيل المثال وجد باحثون أنه مقابل كل ساعة عمل يعملها المديرون في "مايكروسوفت" خارج مواعيد العمل الرسمية تتأخر في مقابلها تقارير المرؤوسين بمعدل عشرين دقيقة للتقرير الواحد.
التواصل المستمر ليس جيداً بالأدلة: حيث وجد أن الأشخاص الذين يتفقدون بريدهم الإلكتروني خارج ساعات العمل الرسمية تظهر عليهم أعراض الضغط العصبي.
ومن المثير للاهتمام ، أن العلاقة بين الوقت الذي يقضيه الموظف في العمل والإنتاجية ليست خطية. وجد البروفيسور" جون بينكافيل " بجامعة ستانفورد، أن العمال ينتجون أكثر من 48 ساعة في الأسبوع أكثر مما ينتجونه في 56 ساعة في الأسبوع. كما أن إعطاء العمال المزيد من فترات الراحة يؤدي لرفع الإنتاجية.
فالبقاء بعيداً عن البريد الإلكتروني خلال عطلات نهاية الأسبوع يحافظ على الأشخاص من الاحتراق المهني.
حظر الهواتف من الاجتماعات
تتطلب هواتفنا منا الاهتمام الدائم، ولكن الهواتف في حد ذاتها أصبحت مصدرًا للتهديد والإلهاء. ففي إطار دراسة حديثة طلب من المشاركين إما وضع هواتفهم أمامهم أو في حقائبهم أو تركها في غرفة مختلفة. وكان أداء أولئك الذين تركوا أجهزتهم في غرفة أخرى أفضل بكثير في الاختبار.
أوضح الباحث الرئيسي في هذه الدراسة أن "عقلك الواعي لا يفكر في هاتفك الذكي، ولكن عملية مطالبة نفسك بعدم التفكير في شيء ما تستهلك بعضًا من مواردك المعرفية المحدودة. إنها تؤثر على أدمغتنا".
ويزيد الاستنزاف الدماغي عندما نتحول بين شاشات هواتفنا والأشخاص الحقيقيين في الغرفة. يمكن أن يساعد حظر الهواتف في تحويل الاجتماعات إلى تفاعلات حقيقية وجهاً لوجه.
تناول القهوة مع زميل
عادة ما نربط مسألة تكوين علاقات شخصية مع زملاء العمل بالثقافات التوجيهية الصارمة فيدفعنا الخوف منها إلى اتباع التعليمات الموضوعة. لكن "سيجال بارساد" الأستاذة في جامعة وارتن تدافع عن فكرة أنه ينبغي لنا أن نتحدث أكثر عن الصداقة والانتماء (والحب) في العمل. وتشير إلى أن أخلاقنا تكون في أعلى مستوياتها عندما نشعر بالانتماء الوثيق إلى مجموعتنا.
يساعدنا التواصل الوثيق مع الزملاء على الشعور بأننا أكثر ارتباطًا بوظائفنا. ومعظمنا، إذا سئل عن الأوقات المفضلة لديه في حياته المهنية، سوف يتذكر أوقات العلاقات الجماعية والمودة مع الزملاء.
وجدت شركة "هومانيزي" أنه عندما أخذ الزملاء فترات استراحة لمدة 15 دقيقة معًا، ارتفع تماسك الفريق بنسبة 18٪ وارتفعت الإنتاجية الجماعية للفريق بمقدار الربع تقريبًا.
اضحك واختلط بالزملاء
وقال "مارك دي روند"، وهو عالم العرقيات الذي أمضى ستة أسابيع في مستشفى ميداني في أفغانستان، إنه على الرغم من فداحة الإصابات، إلا أنه كانت هناك فكاهة بين فريق الجراحة. ويشير "لورنس جونزاليس"، إلى أن الضحك يعزز الشعور بالإيجابية والمرونة حتى في أحلك الحالات.
على الرغم من أن معظم أماكن العمل لدينا ليست مناطق حربية، فمن الواضح أن الفكاهة تساعدنا في التغلب على الصعاب والبقاء في حالة نفسية جيدة.
يتيح لنا الضحك أن نكون أكثر تحرراً بعض الشيء من أفكارنا، لأننا لسنا قلقين طوال الوقت حول كيفية تعاملنا مع الآخرين. إن الانغماس في محادثة ما بعد نهاية الأسبوع أو أخذ استراحة من أجل شرب القهوة تخلق مساحة أكثر أمانًا في العمل.
تلك النصائح مأخوذة من كتاب "بروس دايزلي" نائب الرئيس الأوروبي الأسبق لشركة تويتر "كل ونام واعمل ثم كرر ذلك : 30 نصيحة تجلب المتعة لوظيفتك" والمنشور في فبراير 2020.
المصدر: وول ستريت جورنال
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}