في السنوات الأخيرة تزايد اهتمام العالم بالطعام الصحي، وهو الاتجاه الذي شجعت عليه مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج التلفزيونية من خلال رفع مستوى الوعي بأهمية الطعام الصحي وإرشاد الناس إلى كيفية اتباع نظام غذائي يساعدهم على عيش حياة صحية خالية من الأمراض بقدر الإمكان.
ولكن هناك سؤال يطرح نفسه وهو: لماذا يحرص بعضنا على الطعام الصحي بينما لا يأبه به آخرون؟ هل الأمر هو مجرد خيارات مختلفة؟ في الحقيقة توجد العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على اختيار الأفراد لما يتناولونه من طعام، فقد تواجه الأسر ذات الدخل المنخفض صعوبات وتحديات في اتباع نظام غذائي صحي.
كيف تؤثر العوامل الاجتماعية على خيارات الأفراد فيما يتناولونه؟
كأفراد نحن نتأثر بسلوك من حولنا في تناول الطعام، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي بعض الأحيان بشكل واعٍ وفي أحيان أخرى بشكل لاواعٍ. وهكذا ينعكس كم ونوعية وأصناف الطعام التي يتناولها من حولنا على اختياراتنا.
حتى لو تناول الشخص الطعام بمفرده، فإن اختياره للطعام يظل متأثرًا بعوامل اجتماعية، لأن العادات والسلوكيات تتطور من خلال التفاعل مع الآخرين.
أظهرت الدراسات أيضًا أن الأشخاص عندما يتناولون الطعام مع أصدقائهم وعائلتهم فإنهم يأكلون كميات أكبر من الكميات التي يتناولونها عندما يأكلون بمفردهم.
كما أن كميات الطعام التي يتناولها الشخص تزداد كلما زاد عدد الأشخاص الذين يتناول الطعام معهم.
تأثير العوامل الاقتصادية على خيارات الطعام
العلاقة بين ضعف المستوى الاجتماعي والاقتصادي للشخص وبين تدهور صحته معقدة إلى حد كبير، لأنها تعتمد في أجزاء كبيرة منها على الجنس والعمر والثقافة والبيئة والشبكات الاجتماعية والسلوكيات الغذائية والصحية.
تشير الدراسات السكانية إلى وجود اختلافات واضحة بين الطبقات الاجتماعية فيما يتعلق بجودة الطعام المتناول. فقد أوضحت الدراسات أن الأسر ذات الدخل المنخفض تميل إلى تناول وجبات غير متوازنة، وكميات قليلة من الخضراوات والفواكه، كما تفرط في تناول الأطعمة غير الصحية.
وتؤدي هذه السلوكيات إلى إصابة أفراد هذه الأسر بأمراض سوء التغذية والسمنة فضلًا عن انتشار الأمراض المزمنة بينهم بنسب تفوق درجة انتشارها بين الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الأعلى.
الفئات ذات الدخل المنخفض
يُشار إلى الفئات ذات الدخل المنخفض التي تجد صعوبة في الحصول على أطعمة صحية ومتوازنة على أنها فئات تعاني من الفقر الغذائي أو انعدام الأمن الغذائي. وتواجه هذه الفئات عدة عوائق رئيسية تؤدي بها إلى الفقر الغذائي، أهمها التكلفة وصعوبة الحصول على الأطعمة الصحية والافتقار إلى الثقافة.
تلجأ الفئات ذات الدخل المنخفض إلى الطعام غير الصحي، لأنها لا تمتلك المال الكافي لشراء الأطعمة الصحية، والتي يكون ثمنها مرتفعًا بالنسبة لهذه الفئات. كما أن نقص أدوات الطهي في المنزل يزيد من اعتماد هذه الفئات على الوجبات السريعة وغير الصحية.
ويتسبب الدخل المنخفض أيضًا في عقبات لوجستية تعرقل إمكانية تناول الطعام الصحي، من بينها نقص وسائل النقل، فوسائل النقل العام قد لا تكون حلاً مناسبًا لكثيرين، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لديهم أطفال أو يواجهون صعوبة في التنقل.
يتسبب نقص المعرفة أو المعلومات المتضاربة حول النظام الغذائي والصحة وعدم وجود دافع والافتقار إلى مهارات الطهي في عدم إقبال الكثير من أصحاب الدخل المنخفض على إعداد وجبات صحية. أي إن المستوى التعليمي ومستوى الدخل يساهمان في تحديد السلوكيات الغذائية لدى الأفراد.
أخيرًا، وبالعودة إلى السؤال الذي تم طرحه في صدر التقرير نكتشف أن ما نأكله وما نشربه لا تحدده اختياراتنا أو تفضيلاتنا الفردية بقدر ما تفرضه علينا مجموعة من الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وبينما يمكن لأصحاب الدخول المرتفعة أن يحددوا بأنفسهم شكل ونوعية الطعام الذي يأكلونه لا يملك في المقابل الكثير من الفقراء رفاهية الاختيار.
المصدر: المجلس الأوروبي للمعلومات الغذائية
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}