نبض أرقام
09:03 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/18
2024/12/17

خسائر بالمليارات في لمح البصر .. لماذا يبالغ المستثمرون في ردود أفعالهم تجاه النتائج الفصلية؟

2020/01/31 أرقام - خاص

في الحادي والثلاثين من يناير من عام 2006 كشفت شركة "جوجل" عن نتائجها للربع الرابع من عام 2005، والتي أظهرت ارتفاع الإيرادات بنسبة 97% على أساس سنوي وكذلك ارتفاع صافي الربح بنسبة 82% مقارنة مع الربع نفسه من العام السابق.


 

هل يمكن لعاقل أن يرى هذه النتائج خبراً سيئاً؟ هي بالفعل كانت نتائج جيدة جداً ولكنّ محللي وول ستريت توقعوا أن تحقق "جوجل" أداءً أفضل مما خلق فجوة بين النتائج الفعلية والنتائج المتوقعة. ولذلك بمجرد أن كشفت الشركة الأمريكية عن هذه النتائج تلقى السهم ضربة قاسية.

 

أكثر من 20 مليار دولار

 

في الثواني الأولى من بداية التداول في اليوم التالي لإعلان النتائج خسر سهم "جوجل" 16% من قيمته مما استدعى تدخل لجنة الأوراق المالية والبورصات من خلال إيقاف التداول على السهم. ولكن بمجرد أن تم استئناف التداول مرة أخرى خسر السهم 15% أخرى من قيمته.

 

في غضون دقائق تراجع سعر سهم جوجل من 432.66 دولار إلى 366 دولارًا. وكانت محصلة كل ذلك خسارة الشركة لنحو 20.3 مليار دولار من قيمتها السوقية. كل هذا لماذا؟ ببساطة كانت الأرباح التي كشفت عنها جوجل أقل بحوالي 65 مليون دولار من توقعات المحللين!


 

وفي ذات الشهر عندما أعلنت شركة "جونيبر نتوركس" المتخصصة في منتجات الشبكات نتائجها الفصلية التي كشفت أن ربحية السهم جاءت أقل من توقعات المحللين بحوالي 0.1 سنت فقط تراجع السهم بنحو 21% وخسرت الشركة 2.5 مليار دولار من قيمتها السوقية.

 

كيف لـ65 مليون دولار أن تسبب في خسارة واحدة من أنجح الشركات في العالم لأكثر من 20 مليار دولار من قيمتها السوقية في بضع ساعات؟ هل هذا منطقي؟ لماذا يتصرف المستثمرون بهذه الطريقة؟ لماذا يبالغون في ردود أفعالهم تجاه النتائج الفصلية وخصوصاً تجاه السلبي منها؟

 

أفضل طريقة للإجابة عن هذه الأسئلة هي من خلال الانتقال إلى الدماغ لرؤية ما الذي يحدث هناك.

 

السر بالدماغ

 

يشير علماء الأحياء إلى أن البشر والشمبانزي والغوريلا وإنسان الغاب من الثدييات الوحيدة التي لديها خلايا عصبية متخصصة تسمى الخلايا المغزلية في منطقة من الدماغ تدعى القشرة الحزامية الأمامية (anterior cingulate cortex). وجود هذه الخلايا بتلك المنطقة من الدماغ يساعدها على تركيز الانتباه وإدراك الألم واكتشاف الأخطاء.

 

القشرة الحزامية هي المسؤولة أيضاً عن توليد الشعور بالدهشة عندما لا تجري الأمور على النحو الذي نتوقعه. فوفقاً لعلماء الأعصاب، تستجيب الخلايا العصبية في القشرة الحزامية الأمامية للأحداث المفاجئة أو المتضاربة في أقل من ثلاثة أعشار جزء من الثانية.

 

في دراسة نشرها في عام 2002 تحت عنوان "اللحاء الوسطي الأمامي للدماغ والمعالجة السريعة للمكاسب والخسائر النقدية" طلب عالم الأعصاب الأمريكي "ويليام جهرينج" من مجموعة من الأشخاص تحديد الحرف الغريب وسط سلسلة من الحروف بأسرع وقت ممكن (مثل الـ"س" في سلسلة غ غ غ غ غ س غ غ). وفي كل مرة يرتكبون فيها خطأ يمكن أن يكسبوا المال أو يخسروه أو لا يتحملوا أية تبعات مالية.


 

عندما أسفرت الأخطاء عن خسارة مالية نشطت القشرة الحزامية الأمامية بشكل أسرع مقارنة مع استجابتها عندما لم تكن هناك أي أموال على المحك. كما أن هناك مجموعة واسعة من الخلايا الموجودة في جذع الدماغ التي تنشط أيضاً عندما يكلف خطأ ما المال.

 

باستخدام أقطاب كهربائية صغيرة قام "جهرينج" بقياس نشاط الخلايا العصبية المفردة في القشرة الحزامية أثناء محاولة الأشخاص محل التجربة تحريك عصا التحكم في الاتجاه الصحيح لكسب المكافأة النقدية.

 

اتضح أن 38% من الخلايا العصبية الموجودة في هذه المنطقة نشطت عندما تقلصت كمية المال المعطاة لهم فجأة، في حين نشط 13% فقط من تلك الخلايا عندما حصلوا على مكسب أكثر من المتوقع. أي أن استجابة الخلايا العصبية للمفاجأة الإيجابية كان أضعف من استجابتها للمفاجأة السلبية.

 

تفسر لنا هذه الدراسة سبب مبالغة مستثمري سوق الأسهم دائماً في ردود فعلهم تجاه المفاجآت السلبية بشكل يفوق درجة استجابتهم للمفاجآت الإيجابية، كما حدث مع "جوجل" و"جينبور نيتوركس" في عام 2006.
 

الشركات ومحاولة مجاراة توقعات السوق

 

في محاولة للتغلب على هذا الوضع بدأت الكثير من الشركات في السنوات الأخيرة في إصدار ما يسمى بتوقعات الأرباح والتي تقوم خلالها بالتلميح للسوق بالشكل الذي ستكون عليه نتائجها قبل أن تعلن لكي لا يتفاجأ السوق ويبالغ في رد فعله.


 

لكن في الوقت نفسه توجد أعداد متزايدة من الشركات الشجاعة التي ترفض الإعلان عن أي توقعات لأرباحها قبل صدور نتائجها الفصلية مثل "بيركشاير هاثاواي" و"سيتي جروب" و"كوكاكولا" و"جوجل".

 

هذه الشركات وغيرها ترفض إهدار طاقتها في محاولة جعل نتائجها تتماشى مع توقعات السوق وتفضل بدلاً من ذلك التركيز على تحسين أدائها على المدى الطويل لاقتناعها بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لخلق ثروة حقيقية للمساهمين.

 

 

المصادر: أرقام – دراسة تحت عنوان تحت عنوان "اللحاء الوسطي الأمامي للدماغ والمعالجة السريعة للمكاسب والخسائر النقدية" – كتاب فن التفكير بوضوح

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.