نظم بنك الخليج جلسة حوارية لمناقشة وضع سوق العقار في الكويت وآخر مستجداته، بمشاركة نخبة من كبار التنفيذيين في الشركات العقارية الكويتية، والمختصين في القطاع العقاري، والجهات الحكومية والنفع العام ذات العلاقة.
وتأتي هذه الجلسة انطلاقا من حرص البنك على تبادل الخبرات والتجارب بين المختصين وأصحاب القرار، بما يثري بيئة الأعمال، ويعود بالنفع على الجميع.
تطورات السوق العقاري
يعتبر القطاع العقاري في الكويت قطاعاً صحياً مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي، بسبب عدم توسع القطاع بين عامي 2013 و2016، وبالتالي فإن المعروض يعتبر تحت السيطرة.
ورغم السيطرة على المعروض، فإن هناك جملة من العوامل التي أثرت على نشاط وحجم الصفقات والتداولات في بعض قطاعاته، وكان التراجع ملحوظاً في أسعار القطاع الاستثماري على وجه الخصوص، الذي تراجع في كل الأرباع المالية لعام 2018، بنسب تتراوح بين 0.3 في المئة و0.5 في المئة، ليسجل مع بداية العام الحالي، وتحديداً في الربع الأول، تراجعاً بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بالفترة المماثلة من 2018.
وتراجع أسعار العقار الاستثماري أثر بدوره على حركة التداولات التي تراجعت بدورها 16.2 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، لتشهد بعدها نمواً طفيفاً في الربع الثاني بنسبة 1.5 في المئة، ولتعاود الهبوط بنسبة 25.7 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي على أساس سنوي.
السكني والتجاري
وتشير الأرقام إلى أن وضع القطاعين السكني والتجاري من حيث الأسعار والتداولات يأتي أفضل من القطاع الاستثماري، فرغم ارتفاع معدلات تداول السكني والتجاري بنسبة 47 في المئة و57 في المئة على التوالي في الربع الأول من العام الحالي، فإن ارتفاع الأسعار في القطاعين بلغ 0.2 في المئة و0.1 في المئة على التوالي في الفترة المذكورة.
قيمة الأراضي
وشهدت قيمة الأراضي في الكويت ارتفاعات ملحوظة في بعض المواقع النادرة والمميزة، فبين عامي 2015 و2016، كان متوسط سعر المتر بالعقار الاستثماري في العاصمة بحدود 800 دينار، أما حالياً فهو بنحو 1400 و1500 دينار.
ورغم ارتفاع الأسعار، لاتزال بعض الشركات العقارية العائلية لها حصتها المؤثرة من تداولات العقار الاستثماري والتجاري، علماً بأن عدد الأراضي الاستثمارية الخالية يتراوح ما بين 1200 إلى 1300 فقط بعد التوسّع الكبير الذي شهدته الكويت قبل عام 2013، والذي جاء استجابةً لقلّة المعروض.
أما من ناحية الجانب السكني، فقد كان سعر المتر في محافظة مبارك الكبير بنحو 400 دينار بين عامي 2015 و2016، واليوم بحدود 600 دينار.
ويأتي ارتفاع سعر الأراضي في القطاع السكني رغم تغييب دور الشركات العقارية بموجب قانون (28/9)، الذي يمنعها من التملك، ما دفع بعضها نحو الاستثمار في هذا المجال بدول الخليج واوروبا.
أما العقار الصناعي، فيختلف المشهد فيه نوعاً ما، فهو يشهد طلباً متنامياً على المخازن والأراضي الصناعية بشكل عام. فيما تظهر البيانات المتاحة حالياً ارتفاع أسعار قطاعي الخدمي والحرفي، ولكن هذا الارتفاع غير مدفوع من قبل أصحاب الصناعة، بل من متداولين يتحكّمون في العرض وسعره، والمستفيد هو تاجر العقار الذي يبحث عن النفع المادي السريع، لعدم وجود قانون تملّك في هذا القطاع.
كما تعاني العقارات، التي تستهدف قطاع التجزئة والمطاعم، في الوقت الحاضر بسبب ضعف الطلب بالنظر ربما إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، ولن يعود الطلب على المعروض في هذه الشريحة إلا إذا انخفضت الإيجارات.
المشروعات الضخمة
وتشهد أسعار بعض الأراضي ارتفاعاً ملحوظاً في الوقت الذي تعتبر فيه البلاد الأقل إنفاقاً بين دول مجلس التعاون الخليجي على المبادرات الضخمة مثل تطوير الواجهة البحرية، والشويخ الصناعية، ومنطقة الشاليهات، ومشروع سكن العمال، أو ما يسمى بالمجتمعات المغلقة (Gated community) وغيرها من المشاريع الكبيرة كالمدن الصناعية.
وفيما تتوجه الدول المجاورة إلى تطوير «المشروعات الضخمة» (Mega Projects) التي حقق العديد منها نجاحاً، لم تواكب الكويت هذا التوجه رغم ما تملكه من أساسيات ديمغرافية ومالية تدعم تطوير مثل هذه المشاريع بما يعود بالمنفعة على الشركات التي تشارك فيها، فضلاً عن فئات المجتمع التي تستهدفها.
وبناء على ذلك، يحتاج القطاع اليوم إلى طرح مناطق سكنية واستثمارية وتجارية جديدة من قبل الحكومة التي تعتبر المالك الرئيسي للأراضي، لتعديل هيكلية التداول العقاري بالكويت، رغم مساعي الهيئة العامة للإسكان إلى طرح مشاريع عقارية كبرى مثل المولات والمكاتب والسكن الاستثماري في مشروع مدينة جابر الأحمد، ومدينة صباح الأحمد، والمدن السكنية الجديدة مثل جنوب سعد العبدالله وفق نظام الشراكة.
تعزيز الشفافية
لايزال توفير المعلومات المطلوبة عن العقار بكل أشكاله معضلة يعانيها السوق، فالقطاع يعتمد على بيانات تجمعها مختلف الجهات الحكومية عند تسجيل وتداول العقارات. اللامركزية هذه تحد من إمكانية إصدار دراسات معمّقة فيما يخص التطلعات المستقبلية والفرص التي قد يوفّرها هذا القطاع.
وتفتقد الشركات العقارية وجود جهة يكون الغرض منها تجميع كل البيانات الخاصة بالقطاع من السوق، وتوفيرها لجميع المستثمرين من الشركات والأفراد الباحثين عن استثمار رؤوس أموالهم في الكويت، فهذه البيانات تعتمد عليها الشركات العقارية في إعداد الدراسات لوضع منهجية واضحة تحقق أهداف المستثمر، وكذلك ازدهار القطاع، كما تحميهم بدورها من الفشل في التطوير العقاري.
تعزيز الشفافية يعتبر من أسس النهوض بأي قطاع حيوي، وبالتالي فإن تفويض جهة مستقلّة قادرة على توفير البيانات اللازمة عن القطاع، وتعمل على تنظيمه من خلال وضع الأطر والحلول المناسبة للنهوض به، سيساهم في رفع مستوى الشفافية بالقطاع.
وعندما تتعزز الشفافية يرتفع مستوى تدفق رؤوس الأموال، لأن المستثمر ينظر قبل الدخول في أي استثمارات إلى البيانات والمعلومات المتوافرة عن أي استثمار يرغب الدخول فيه.
ومن الحلول التي يجب تنظيمها تحت إشراف هذه الجهة إتاحة الفرصة لاستثمار الأراضي، ووضع معايير وقوانين واضحة للمطورين العقاريين، وخلق توازن بين العرض والطلب.
تحديات تنظيمية
وفي ظل ما يشهده القطاع العقاري المحلي من ضعف وانخفاض ملحوظ في النشاط والحاجة إلى خلق بيئة أكثر شفافيةً، تنظمها قوانين ورؤية واضحة ومعايير بناء وتمدين تساهم في تعزيز دوره على المدى الطويل، وتشجع على استقطاب الاستثمارات، يبرز القطاع الخاص كأحد الحلول الرئيسية لتلبية متطلبات الصناعة والنهوض بمستواها في ظل النقص الذي تشهده الكويت على مستوى جودة التطوير العقاري.
ويواجه مطورو العقار العديد من العقبات في السوق، من بينها تباين الأرقام وعدم تطابقها مع البيانات والقوانين التي يعمل بها العقار، فالبعض منها يشير إلى أن قطاع السكن الخاص يستقطب 50 في المئة من إجمالي التداول في القطاع العقاري، رغم أن الكويت تشهد أزمة إسكانية ملحّة ينتج عنها بدلات إيجارات فاقت الملياري دينار خلال السنوات الخمس الأخيرة.
أما شركات التطوير العقاري فهي مغيبة عن لعب دور إيجاد حل للأزمة التي يعيشها القطاع، رغم الإمكانات التي تتمتع بها والمتمثلة في تطويرها مشروعات خارج الكويت.
عوائد القطاع
تمثل قيمة الأرض نحو 60 في المئة إلى 70 في المئة من قيمة الاستثمار الإجمالي للعقار، في حين أن النسبة المجدية اقتصادياً لتطوير عقار ينبغي أن تساوي 20 في المئة من قيمة الاستثمار. ويعود سبب ارتفاع القيمة إلى احتكار الأراضي أولاً، وإلى مشاكل طالت القطاع منذ أكثر من 50 عاماً ثانياً، من ضمنها شبكة الطرق، والبنية التحتية، التي باتت تحتاج إلى الاستثمار فيها بشكل أكبر وأوسع، وذلك عبر طرح مشاريع بنية تحتية للمناطق الجديدة وفق قانون الشراكة.
وفضلا عن ذلك، فإنه من المهم الأخذ بالاعتبار الجانب التجاري والجدوى الاقتصادية في التطوير العقاري، والتي في وضعها اليوم لا تدعم الوصول إلى القيمة العادلة في أسعار العقارات بسبب الاحتكار وانعدام التنظيم، حيث يجب على الجهات الحكومية تقبّل فكرة أن القطاع العقاري سيبدأ بالتنظيم تلقائياً عند معالجة الخلل الأساسي، وهو نقص الدعم والمحفزات للقطاع الخاص ونقص في معايير البناء، أو ما يسمى بـ»الكود» على مستوى السكن الخاص وغيره، فلابد من النظر إلى أهمية إيجاد خطة واضحة توفر حلولاً لقضية تخطيط للأراضي.
تحديات وفرص
1- يعاني قطاع العقار السكني في الكويت مشكلة حجم البيوت الكبيرة الذي يستنزف الموارد والطاقة والبنية التحتية، ويدفع التوسّع العمراني إلى مرحلة الخطر، ويكمن الحل في تجزئة العقار وخلق مدن جديدة وبنسب بناء منخفضة. وبالتالي تحتاج القرارات الخاصة بحجم البيوت إلى المراجعة.
2- الصناديق العقارية المدرة للدخل REITs التي تم طرحها مؤخراً في بورصة الكويت تعتبر أداة تساهم في تعزيز الاستثمارات المحلية والعالمية بهذا القطاع في الكويت، وتخلق بيئة أوضح وموثوقة، وهي منتج جديد للمستثمر الصغير تَعِد بتوزيعات ثابتة، ويتوقع أن تستقطب رؤوس أموال جديدة للسوق. وبالتالي تحتاج هذه الصناديق العقارية إلى تعزيز دورها كأداة استثمارية جديدة في السوق.
3- يغيب عن السوق الرهن العقاري الذي يعتبر من أساسيات بناء القطاع الخاص وتطوير قطاع السكن الخاص، كما أن إقراره سيساعد في حل المشكلة الإسكانية.
4- إصدار قوانين جديدة قادرة على استقطاب الأموال الكويتية بدلا من هروبها، وإشراك القطاع الخاص في توفير حلول للأزمة الإسكانية.
5- تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية عبر قانون الشراكة.
6- توفير البيانات والدراسات الخاصة بالسوق لمساعدة المستثمر على اتخاذ قراراته الاستثمارية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}