عندما تصاعدت أزمة شركة "بوينغ" الأخيرة المتعلقة بالطائرة "737 ماكس"، تزايدت الدعوات المطالبة باستبدال الرئيس التنفيذي "دينيس مويلنبرغ"، فكان الخيار الأقرب لمجلس إدارة صانعة الطائرات هو تجريده من دوره كرئيس للمجلس.
كذلك عندما توصلت "إيه تي آند تي" في أواخر أكتوبر إلى اتفاق هدنة مع "إيليوت مانجمنت كورب" بشأن الخلافات المستمرة بينهما، كشفت عن عزمها الفصل بين مهام رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بعد تقاعد الرئيس الحالي "راندال ستيفينسون".
وتشمل قائمة الشركات التي فصلت بين أدوار الرئيس التنفيذي ومجلس الإدارة أيضًا، مصرف "ويلز فارجو" الذي عين "تشارلز شارف" مؤخرًا كرئيس تنفيذي بغرض استعادة السمعة التي تدهورت كثيرًا بعد فضيحة الحسابات المزيفة، وأبقى على "إليزابيث ديوك" في منصب رئيسة مجلس الإدارة.
إجمالًا، بلغ عدد الشركات الأمريكية الكبرى التي فصلت بين الأدوار العليا مستوى قياسيا، ويدعم هذا الهيكل صناديق التقاعد ودعاة الحوكمة، لكن آخر التحركات داخل بعض أكبر مجالس الإدارة الأمريكية لم تحدث إلا بعدما فرضت الأزمة نفسها أو بضغط من حملة الأسهم للتغيير.
المساعدة على تجاوز الأزمة
- في أغسطس الماضي، قالت "فايننشال تايمز" إنه تم التصويت على 56 قرار للمساهمين بشأن الفصل بين أدوار رؤساء مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين، خلال الاجتماعات السنوية للشركات المدرجة بمؤشر "إس آند بي 500" التي تعقد في أوائل هذا الشهر، مقارنة بـ49 في 2018 و44 في 2017.
- من جانبه قال مسؤول الحوكمة ومشاركة المساهمين وقضايا المجتمع والبيئة لدى "والدن أسيت مانجمنت"، "تيموثي سميث": يعتبر الفصل بين أدوار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي من أفضل الممارسات في مجال الإدارة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.
- تؤكد القرارات الصادرة لتحقيق مثل هذا الإصلاح أهمية تمكين مجلس الإدارة من الإشراف على عمل الرئيس التنفيذي والشركة، الأمر الذي يصبح أكثر صعوبة إذا كان الرئيس التنفيذي هو الشخص الأول في مجلس الإدارة.
- تعليقًا على قرار عزل "مويلنبرغ" من مهام رئيس مجلس إدارة "بوينغ"، قال العميد المشارك لدراسات القيادة في كلية "ييل" للإدارة "جيف سونينفيلد"، إنها خطوة جيدة تمكنه من التركيز على إدارة الشركة بعد أزمة الطائرة "ماكس 737".
- مع ذلك، في حين يعتقد الكثير من المؤسسات الاستثمارية بقوة أنه من المهم الإبقاء على أدوار الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة منفصلة، يعتقد بعضها أنه من الممكن التعايش مع اندماج الأدوار ما دام هناك مديرون مستقلون أقوياء، بحسب مسح لشركة الاستشارات "إنستيتيوشنال شيرهولدر سيرفسيز".
تغير توجهات الشركات
- بحلول الثامن عشر من أكتوبر، كان هناك 266 شركة، أو ما نسبته 53% من الشركات المدرجة بمؤشر "إس آند بي 500"، فصلت بشكل نهائي بين أدوار الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، وهو نفس المستوى المسجل في 2017، لكنه يأتي ارتفاعًا من 35% قبل عشر سنوات.
- قررت مجالس إدارة شركات أخرى فصل الأدوار، بما في ذلك "نايكي" و"أندر أرمور"، وفي "وي كو"، الشركة الأم لـ"وي ورك"، ببحث مجلس الإدارة عن رئيس تنفيذي من خارج الشركة بعدما تمت الإطاحة بالمؤسس "آدم نيومان" من كل الأدوار.
- يقول المشرف على وحدة القيادة لدى "إنستيتيوشنال شيرهولدر سيرفسيز" المعروفة اختصارًا بـ"آي إس إس"، "كوسماس بابادوبولوس"، إن الفصل بين أدوار الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، أصبح ممارسة معتادة في العديد من الأسواق على مستوى العالم.
- يضيف "بابادوبولوس": بالنسبة للولايات المتحدة، فهناك اتفاق عام ضمني على أهمية وجود قدر أكبر من الاستقلال في قيادة مجالس الإدارات، لكن هناك خلافا حول ما إذا كان يجب أن يكون الرئيس التنفيذي رئيسًا لمجلس الإدارة أم شخصا مستقلا.
- وفقًا لبيانات "آي إس إس"، قبل عقد من الزمان كان لدى 62% من الشركات المدرجة بمؤشر "إس آند بي 500" مديرون تنفيذيون يشغلون منصب رئيس مجلس الإدارة، لكن هذه النسبة تراجعت إلى 46% هذا العام.
الفصل شيء جيد ولكن..
- يهدف الفصل إلى زيادة المساءلة الإدارية واستقلال مجلس الإدارة إلى أقصى حد ممكن، وتقليديًا، يشرف الرئيس التنفيذي على العمليات اليومية للشركة بصفته أعلى مديريها، في حين يرأس رئيس مجلس الإدارة المجموعة التي تراقب عملية الإدارة، والجمع بين المهمتين يجعل الرئيس التنفيذي رئيس نفسه.
- يقول مدير مركز أبحاث حوكمة الشركات التابع لكلية "توك" للأعمال "إسبن إيكبو": يتولى مجلس الإدارة مهام تعيين وفصل وتحديد مكافآت الرئيس التنفيذي، وهذا ربما يكون أهم شيء يفعله، فمسألة أن يكون الرئيس التنفيذي هو ذاته رئيس مجلس الإدارة، أمر مريب بعض الشيء.
- من المنطقي أن يكون مجلس الإدارة ورئيسه مستقلًا عن الإدارة العليا للشركة من أجل تقييم الأمور بشكل موضوعي أكثر، لكن بعض خبراء الحوكمة لا يعتقدون أنه أمر إلزامي وضروري على نحو مطلق.
- وفقًا لأبحاث مركز "روك" لحوكمة الشركات التابع لجامعة ستانفورد، ليس هناك علاقة بين وضع رئيس مجلس الإدارة وأداء الشركة، وفي بعض الحالات لا يوجد أي تأثير على المخاطر التنظيمية وممارسة الدفع والمكافآت.
- يقول المركز: لا شك أن الفصل بين الأدوار أمر مقبول ومنطقي، ربما بسبب عمليات التحول المعقدة أو للتعامل مع مشاكل الحوكمة، لكن هذا لا يعني أن على كل شركة الفصل بين الأدوار.
- بحسب الباحث في كلية الحقوق بجامعة ستانفورد "برايان تايان" والذي يعمل أيضًا بمركز "روك"، هناك الكثير من الكفاءة والفعالية في أن يكون لدى الشركة شخص قادر ونزيه ومعروف بصفاته القيادية ليتولى مهام الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة.
المصادر: وول ستريت جورنال، فايننشال تايمز، سي إن إن، سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}