نبض أرقام
01:45 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

"الخيار النووي للسياسة النقدية".. هل تُخرج "الدولرة" الأرجنتين من النفق المظلم؟

2019/11/05 أرقام

حقق السياسي اليساري الأرجنتيني "ألبرتو فرنانديز" ونائبته الرئيسة السابقة "كريستينا فرنانديز دي كيرشنر" فوزًا كبيرًا على منافسهما اليميني الرئيس "موريسيو ماكري"، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر، وجاءت نتائجها عقابية لـ"ماكري" الذي لم يوفق في تحقيق الإصلاحات التي تعهد بها.

 

 

مع ذلك، لا يبدو الطريق واضحًا للدولة التي تخلفت عن سداد ديونها ثماني مرات وقضت ثُلث العقود السبعة الأخيرة في حالة ركود، حتى مع فوز "فرنانديز" المعروف بدعمه لقضايا العدالة الاجتماعية، كما أنه من غير المرجح العودة لسياسة التدخلات التي انتهجتها "كريستينا".

 

تتجه آراء الاقتصاديين للإجماع على أنه لا شيء جديدا قد يحدث وأن السياسات القديمة لن تجدي، لكنهم يرون على نحو متزايد أنه ربما يكون المسار الوحيد لعودة الأرجنتين إلى الطريق الصحيح هو الاعتماد بشكل أكبر على الدولار، أو بقول آخر "الدولرة".

 

من لا يحتاج الدولار؟

 

- في مقال نشرته مجالة "فوربس" قال أستاذ الاقتصاد بجامعة "جونز هوبكينز"، "ستيف هانك" إن الأرجنتين شهدت انهيارات حادة للعملة، في أعوام 1876 و1890 و1914 و1930 و1952 و1967 و1975 و1985 و1989 و2001 و2018، وفي كل مناسبة خسر الأرجنتينيون مدخراتهم وأرباحهم وتضاءلت قدرتهم الشرائية.

 

- مؤخرًا، كانت الحكومة صريحة مع المستثمرين، بالقول إنهم لا يجب أن يكونوا متأكدين من قدرتهم على إخراج الأموال التي يدخلونها إلى البلد اللاتيني، وذلك لا شك يمثل تهديدا لنمو الاقتصاد، الذي من المتوقع بالفعل انكماشه العامين الجاري والقادم.

 

- تواجه فكرة الدولرة مقاومة من الحزب البيروني (الذي ينتمي إليه "فرنانديز")، لكن الطلب على الدولار كان أحد عناصر الدعم لمنافسه الرئيس "ماكري"، الذي كان يعتقد أنه سيتجه لتبني العملة الأمريكية كبديل للبيزو الأرجنتيني.

 

 

- يقال إن الدولرة هي الخيار النووي للسياسة النقدية، ولعل ذلك هو السبب في أن 35 دولة حول العالم (معظمها دول صغيرة) تخلت عن عملاتها الرسمية لصالح الدولار بحلول عام 2002، ومن بينها الإكوادور التي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي خمس الناتج الأرجنتيني.

 

- في الوقت نفسه، يبدو أن اتجاه الدول الكبرى للاعتماد على الدولار كعملة احتياط رئيسية والذي استمر لعقود، بدأ يتغير، نظرًا لأن هذه البلدان مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي لديها دوافع قوية الآن للتخلي عن العملة الأمريكية.

 

الدرس المستفاد من الإخفاق السابق

 

- في يونيو الماضي، كتب أستاذ الاقتصاد والخبير لدى المعهد الأمريكي للأبحاث الاقتصادية "نيكولاس كاشانوسكي": مع ارتفاع التضخم السنوي في الأرجنتين إلى 55%، أوصي أنا و"ستيف هانك" بالدولرة لمعالجة الخلل الذي يعصف بالبلد اللاتيني.

 

- لا يتفق الجميع على أن الدولرة هي أفضل الطرق لاستعادة الثقة في الاقتصاد، ويعتبرونها طريقة لتقويض استقلالية القرار السياسي، خاصة أن الأرجنتين جربت من قبل عملية التحول إلى الدولار في التسعينيات من خلال سياسة "قابلية التحويل".

 

- وفقًا لهذه السياسة، كان كل بيزو مدعومًا بدولار من الاحتياطي، وعملت البلاد بهذا النظام لفترة من الوقت قبل انقلاب الأوضاع، حيث كانت هناك ثغرات في سياسة التقشف الحكومي سمحت باستمرار التبذير المالي، وفي ظل غياب الدور الرشيد للبنك المركزي فشلت البلاد في سداد ديونها للمرة السابعة.

 

 

- مع الدولرة، سيكون على الدولة إدراك أنه لن تكون هناك تسهيلات مقرض الملاذ الأخير التي يقدمها البنك المركزي، وهو أمر مرير يجب قبوله، ويمكن معالجته بثلاثة بدائل وفقًا لأستاذ الاقتصاد "خورخي أفيلا".

 

- أولًا عن طريق مطالبة المصارف بالاحتفاظ بمستويات عالية من الاحتياطيات السائلة، بحيث تقل حاجتها للملاذ الأخير، وتعزيز درجة التكامل مع الأسواق الدولية بحيث يمكن للمصارف الأرجنتينية الوصول إلى الائتمان عند الضرورة، والتأمين على الودائع للحد من المخاطر المترتبة على تعثر البنوك.

 

التجارب تؤكد: لا سبيل سوى الدولرة

 

- تبني البدائل المشار إليها في السابق يعني أنه يمكن للدولرة القضاء على الخطر المعنوي المتمثل في "اعتماد القطاع المصرفي على تدخلات المقرض الأخير للإنقاذ"، كما أنه من المستحيل انتهاك قواعدها من قبل السياسيين كما فعلوا مع نظام "القابلية للتحويل".

 

- من الضروري هنا الإشارة إلى إمكانية احتفاظ الأرجنتينيين بدولاراتهم في الخارج إذا اختاروا ذلك، وهذا من شأنه التخفيف من مخاوف تلاعب الحكومة في الحسابات المصرفية كما فعلت من قبل في عام 2001.

 

 

- استخدمت بنما الدولار كعملة رسمية منذ عام 1904، ولجأت إليه السلفادور والإكوادور في عام 2000، حيث كانت تسعى الأولى لخفض الفائدة والثانية لحل الأزمة المصرفية التي كانت تعصف بالبلاد آنذاك.

 

- تحظى بنما والسلفادور حاليًا بأدنى أسعار الاقتراض المحلية في أمريكا اللاتينية وأطول آجال الاستحقاق، فيما شهدت الإكوادور استقرارًا في الأسعار لم تعرفه منذ نصف قرن على الأقل.

 

- يقول "كاشانوسكي": يمكن لأنصاف الحلول مثل تبني سعر صرف ثابت أو إنشاء مجلس أعلى للعملة أن تنجح، لكن في مكان آخر غير الأرجنتين، التي خرقت في الماضي الوعود الضمنية للإصلاحات، ومن أجل أن يكون التزامها ذا مصداقية، يجب أن تذهب إلى الدولرة.

 

- من جانبه يرى "أفيلا" أن الدولرة ستنجح ما دامت الأرجنتين تفتح اقتصادها، حيث إن الدمج بين التكامل المالي واتفاقيات التجارة الحرة، مع القوى العظمى، من شأنه تحقيق درجة من الاستقرار النقدي والمالي الذي لم تشهده البلاد منذ قرون.

 

المصادر: بلومبيرغ، وول ستريت جورنال، موقع المعهد الأمريكي للأبحاث الاقتصادية، سي إن بي سي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.