"لم نفعل أي شيء خطأ، لكننا خسرنا بطريقة ما".. بهذه الكلمات المقتضبة اختتم الرئيس التنفيذي الأسبق لشركة "نوكيا"، "ستيفن إلوب"، حديثه خلال مؤتمر الإعلان عن بيع أعمال الجوال عام 2013 لصالح "مايكروسوفت" مقابل ما يزيد على 7 مليارات دولار.
هذه الكلمات أعلنت رسميًا نهاية العصر الذهبي للجوالات الفنلندية بقيادة "نوكيا" والتي كانت يومًا قائدة سوق الهواتف المحمولة العالمي، ما يجعلها خالدة في أذهان رواد الأعمال والمحللين وحتى الكثير من العامة، إذ تعكس كيف يمكن لتجاهل التطوير أن يفضي إلى الفشل والسقوط.
على غرار كلمات "إلوب" أدلى الرئيس التنفيذي لـ"إتش تي سي" بتصريحات مماثلة تعبر بأسى عن إخفاق الشركة في مجال الجوالات أيضًا، لكن بخلاف "نوكيا" بدت "إتش تي سي" أكثر نضجًا ووضوحًا، حيث اعترفت صراحة بسبب الإخفاق.
"إتش تي سي" التي كانت يومًا واحدة من رواد صناعة الجوالات الذكية لم تعد تقريبًا متواجدة على خارطة المنافسين العالميين التي تهيمن عليها "سامسونج" و"آبل" و"هواوي" وزمرة من الشركات الصينية حديثة العهد.
يقول عنه رئيس الشركة "إيف ميتريس": أخطأنا حينما أوقفنا الابتكار في مكونات الجوال، في الوقت الذي قامت فيه "سامسونج" و"آبل" و"هواوي" بعمل رائع بالاستثمار في هذا المجال.
من القمة إلى القاع
- تأسست "إتش تي سي" في تايوان عام 1997، وهي شركة للإلكترونيات الاستهلاكية ومعدات الاتصال، لكن ربما لم يسمع بها الأشخاص العاديون قبل عام 2008، عندما أطلقت الشركة أول جوال يعمل بنظام "أندرويد" بالتعاون مع "جوجل".
- في عام 2008، بدأت المغامرة الجريئة لـ"إتش تي سي" تؤتي ثمارها وتدفع الشركة نحو الهيمنة على سوق "أندرويد" واقتطاع حصة لا بأس بها من السوق الأكبر للجوالات، الذي بلغ نصيب صانعة الإلكترونيات التايوانية منه 5% مقابل 3.6% لـ"سامسونج" في ذلك الوقت.
- لكن سرعان ما ذابت حظوظ "إتش تي سي"، فبحلول عام 2010 نمت حصتها إلى 7.1% مقابل 7.6% لمنافستها الكورية الجنوبية، وظلت الأخيرة توسع الفارق حتى استأثرت بحصة نسبتها 31.3% عام 2013 مقابل 4.5% للشركة التايوانية.
- خلال العام الجاري، كانت الهيمنة على سوق الجوال من نصيب "سامسونج" إلى جانب "هواوي" و"أوبو" الصينيتين و"آبل"، والتي استحوذت معًا على أكثر من 60% من السوق، في حين لم تكن "إتش تي سي" أحد عناصر المنافسة. (يمكن الاطلاع على حصص الشركات من هنا).
- حركة السهم أكثر ما يعبر عن قصة الصعود والهبوط، حيث بلغت قيمته عند مستوى الذروة في أبريل عام 2011 نحو 1300 دولار تايواني (42 دولارًا أمريكيًا) قبل أن يهبط هذا العام دون الـ40 دولارًا تايوانيًا، وتتراجع قيمة "إتش تي سي" دون المليار دولار أمريكي وتفقد لقب "يونيكورن".
إخفاقات متلاحقة
- من بين الأسباب التي أدت إلى تهاوي "إتش تي سي" عدم مجاراتها لتطويرات المنافسين في صناعة الجوال من حيث التصميم والجودة التي اشتهرت بها في البداية، إلى جانب عدم استعدادها لتحمل انخفاض الأسعار.
- كما أن الشركة تلقت صفعة مبكرة بحرمانها من التوسع في السوق القريب الهائل (الصين) بسبب سرعة ومرونة "شاومي" و"سامسونج"، ومع ظهور مشكلات في بعض النماذج الرئيسية وفي الميزانية، لم تتمكن الشركة من القفز على موجة الجوالات الذكية الحقيقية في 2011.
- في عام 2013، أنفقت الشركة مليار دولار على حملة ترويجية كبرى، في محاولة للعودة إلى سوق الجوالات الذكية بعد إخفاق جهاز "إتش تي سي وان"، الذي فاز بجوائز صناعية عديدة لكن مبيعاته لم تتمكن من التفوق على "سامسونج جالاكسي إس 4" الذي حقق انتشارًا هائلًا.
- كانت تأمل الشركة في أن تكون هذه الحملة التي استعانت خلالها بممثلين عالميين، بمثابة باب العودة للريادة العالمية، لكن بحسب محللين فإنها كانت بداية نهاية المغامرة الجريئة لـ"إتش تي سي" بعد فشلها الذريع.
- قال العديد من المطلعين على أعمال "إتش تي سي" إن الشركة ربما أخفقت أيضًا في تقدير إستراتيجية التسعير الخاصة بها، فعلى سبيل المثال، قبل انسحاب الشركة من الصين العام الماضي، كانت تبيع أحد جوالاتها مقابل 4 آلاف يوان (560 دولارًا)، في حين تبيع "شاومي" منافسه مقابل 2500 يوان.
الاستسلام للواقع
- كما يحب أن يصف بعض المعلقين مثل هذه الحالات، فقد كانت "إتش تي سي" ضحية نجاحها الخاص، حيث توقع الناس منها الكثير، وعندما فشلت في إعطائهم ذلك بدأوا يتجهون إلى علامات تجارية أخرى اهتمت بالجودة والتصميم والكثير من التفاصيل.
- اشترت "جوجل" جزءًا كبيرًا من أعمال تصميم وأبحاث الجوال التابعة لـ"إتش تي سي" عام 2017 مقابل 1.1 مليار دولار، وخضع بموجب الصفقة أكثر من ألفي موظف لإدارة الشركة الأمريكية.
- تشير بعض التقديرات إلى أن حصة "إتش تي سي" من أعمال الجوال العالمية لم تتجاوز 0.05% خلال العام الجاري، ما يعكس غيابًا تامًا تقريبًا في السوق الذي كانت تقوده يومًا ما.
- تركز "إتش تي سي" اليوم على خط إنتاج "فايف"، والتي تعد واحدة من أفضل منصات الواقع الافتراضي المتاحة في الأسواق الآن، لكن يأمل المحللون أن تكون الشركة قد تعلمت الدرس من خطئها السابق في سوق الجوالات.
المصادر: أرقام، تك إن إيجا، ويرد، تك كرانش، سلاش جير
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}