تبارى مقدمو حلول الدفع -من شركات "الفينتك" تحديدًا- في تقديم منتجات السداد التي من شأنها تشجيع المستهلك على استخدام خدماتهم من جانب، وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي من جانب آخر، ما كان سببًا في استمرار ابتكارات قطاع التقنيات المالية.
في إطار سعيهم الحثيث لاقتطاع حصة سوقية أكبر -أو على الأقل الحفاظ على مكتسباتهم- في ظل التنافسية الآخذة في التصاعد بفضل تقنيات الدفع الإلكترونية، قدمت الشركات والبنوك خدمات أسرع وأيسر وأكثر أمنًا، حتى أنهم قدموا القروض وعروض الاسترداد النقدي.
أحد أحدث أدوات قطاع التقنيات المالية أو "فينتك"، كان مفهوم "اشتر الآن.. وادفع لاحقًا"، وهو شعار ربما يرفعه الكثير من تجار التجزئة لفترة من الوقت بغرض الترويج لعلاماتهم أو تنشيط العمليات، لكنه ظل محدود النطاق والأثر.
الشعار ليس جديدًا ولكن..
- أن يسمح أحد التجار للعملاء بالسداد لاحقًا سواء بتقديم ضمانات أو بدون هذا لا يعني ثورة في طريقة الدفع أو طفرة في الإنفاق، لأنه رغم كل شيء، سيظل أثر هذا العرض مقتصرًا على تاجر بعينه ومجموعة السلع المحدودة التي يقدمها وقاعدته الصغيرة نسبيًا من العملاء.
- في الأول من أكتوبر، قررت سلسلة متاجر "ماركس آند سبنسر" البريطانية تقديم خيار "اشتر الآن، وادفع لاحقًا" للمتسوقين عبر الإنترنت، وكان الغرض من هذا الخيار هو تنشيط أعمال الملابس التابعة لها والتي تعاني من التدهور وتخلف أهداف المبيعات منذ مدة طويلة.
- "إم آند إس" تعاني أزمة وجودية على حد وصف الصحف الإنجليزية، في ظل تحول اهتمامات المتسوقين إلى الشراء عبر الإنترنت، وبسبب انهيار المبيعات فقدت الشركة مكانتها في مؤشر "فوتسي 100" البريطاني.
- "ماركس آند سبنسر" لا يبدو مثالًا على تقديم منتج ثوري لتنشيط الأعمال على نطاق واسع، بقدر ما يبدو محاولة عفوية للنجاة، وفي أحسن حالاته، فكما أشير في الأعلى، ما كان ليشجع سوى عدد محدود من العملاء على شراء عدد محدود من السلع في نطاق جغرافي أيضًا محدود.
- الثورة الحقيقية التي ترفع شعار "اشتر الآن وادفع لاحقًا"، تمثلها شركة ناشئة سويدية للتقنيات المالية (تتعاون مع 170 ألف تاجر تجزئة حول العالم)؛ لا يهم إن كان المتسوق يمتلك أموالًا أم حسابًا بنكيًا أم لا، هي تتولى تسوية المعاملات.
الثورة الحقيقية: أنظمة السداد
- التسوق الإلكتروني لشراء الملابس أو أدوات التجميل أو حتى الحصول على السلع والخدمات الرياضية وغيرها من المنتجات التي تباع عبر الإنترنت، عادة ما تحتاج لطريقة للسداد الفوري إما عن طريق بطاقة بنكية أو حساب "باي بال".
- لكن "كلارنا" التي يستخدم منصتها حاليًا نحو مليون شخص يوميًا، تمكن العملاء من إتمام معاملاتهم دون السداد مباشرة لبائع أو مقدم الخدمة، وتمنحهم فرصة حتى 30 يومًا ليسددوا قيمة المشتريات (إلى "كلارنا" نفسها).
- في أغلب الحالات، يتعين على العملاء فقط تقديم بيانات مثل الاسم والعنوان وتاريخ الميلاد والبريد الإلكتروني ورقم الهاتف، وخلال ثوان يخضعون لمراجعة ائتمانية محدودة، اعتمادًا على تقنيات التعلم الآلي وتحليلات المخاطر، ثم يتم اعتمادهم.
- يمكن للعملاء بعد ذلك، اختيار الدفع بالكامل خلال 30 يومًا، أو توزيع تكلفة الشراء على أقساط متساوية وخالية من الفوائد لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، أو الاشتراك في خدمة "الشرائح" التي تقسم تكلفة عمليات الشراء الكبرى على دفعات شهرية تصل إلى 36 دفعة، مع إخضاعها للفائدة.
- تقول الشركة إن خدماتها تساعد على تعزيز متوسط الإنفاق ومبيعات تجار التجزئة، مشيرة إلى أن طلبيات متاجر "جيم شارك" الإلكترونية ارتفعت بنسبة 33% هذا العام بفضل مثل هذه الخدمات.
"كلارنا" ليست وحدها
- تزداد شعبية خدمات "كلارنا" التي تأسست عام 2005، حيث بلغ عدد عملائها 60 مليون عميل في 17 بلدًا حول العالم، أضافت 26 مليونًا منهم خلال عام 2018 وحده، وبلغت قيمتها السوقية 5.5 مليار دولار في أغسطس، بعد توسيع علامة "إتش آند إم" لنطاق التعاون معها في بريطانيا.
- لكن "كلارنا" ليست الوحيدة في هذا السباق، وعلى الصعيد العالمي تنافسها شركات مثل "أفتر باي" التي تأسست عام 2014 في أستراليا (تعد واحدة من أسرع شركات "فينتك" نموًا في البلاد)، ووصلت الولايات المتحدة عام 2018.
- تقدم "أفتر باي" خدمات مشابهة لـ"كلارنا" وتصفها بأنها "حلول دفع للخائفين من الركود" و"حلول دفع لأبناء جيل الألفية الخائفين من بطاقات الائتمان"؛ وكما هو واضح من الشعارين، كان الخوف من الإنفاق والاضطراب الاقتصادي الدافعين لتأسيس الشركة وفقًا لمؤسسها "نيك مولنر".
- مثل "كلارنا"، حققت "أفتر باي" نموًا سريعًا، ووصلت إلى أسواق أوروبية مثل بريطانيا، ووقعت اتفاقات تعاون مع أكثر من 6500 تاجر تجزئة خلال الخمسة عشر شهرًا الماضية بما في ذلك "كيلي كوزمتيكس" و"ليفيس"، ولديها الآن 2.1 مليون عميل في أمريكا فقط.
- يتطلع "مولنر" إلى توسيع أعماله في المستقبل لتشمل: حجز تذاكر الطيران وزيارات الأطباء والخدمات المنزلية، مشيرًا إلى أنه بدأ هذه الخطط بالفعل في أستراليا بالتعاون مع مقدمي الخدمات.
المصادر: أرقام، سي إن إن، الجارديان، بزنس إنسايدر
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}