مع إعلان رئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي" بدء إجراءات عزل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بسبب اتهامه بالضغط على رئيس أوكرانيا لإدانة منافسه الديمقراطي "جو بايدن"، وبغض النظر عن احتمالية تحقق هذا الأمر على أرض الواقع، إلا أن الأمر يستحق التوقف عند آثار عزله على سوق الأسهم والاقتصاد.
للعزل تأثيران
ويمكن تقسيم تأثير عملية العزل (إذا تمت) إلى شقين، الأول متعلق بالبورصة وكيف ستستفيد أو تتضرر من قرار الإقالة والثاني بالاقتصاد بشكل عام وكيف سيستجيب ومن المتضررون والمستفيدون من قرار الإقالة؟.
أما عن الأسواق المالية فيمكن استنباط رد فعلها من خلال قراءة للتطورات المشابهة فيما سبق، ومن ذلك عملية إقالة الرئيس الأسبق "ريتشارد نيكسون" والتي بدأت رسميًا في أوائل مايو عام 1974.
ومنذ استقالة نيكسون في 9 أغسطس 1974 تعرضت الأسواق لردة فعل متباينة، ففي يوم الاستقالة نفسه انخفض سوق الأسهم أقل قليلاً من 1٪، أما في الأسبوع التالي فقد انخفضت الأسهم بنسبة 6.4٪ إضافية. منذ أن بدأت عملية الإقالة وحتى استقالته، تراجع مؤشر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 13٪.
وبشكل عام فإن الشكوك المحيطة بعزل الرئيس تسببت في حدوث اضطراب في سوق الأسهم، ولذلك فقد خسر سوق الأسهم الرئيسي 23% من قيمته خلال عامي 1973 و1974 ولكن الأسواق ارتفعت بقوة عام 1975، حيث ارتفع مؤشر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 37٪، لكن هذا يرجع في معظمه إلى انخفاض الأسهم بنسبة 50٪ تقريبًا في السوق الهابط الذي استمر خلال العامين المشار إليهما.
ويشير موقع "فورتشن" إلى أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل من الصعب للغاية التنبؤ بمدى تأثير الأحداث السياسية على الأسواق، فعلى سبيل المثال وإبان الفترة التي كان "بيل كلينتون" مهددًا بالإقالة تراجعت البورصة بنسبة 20%، إلا أن غالبية التحليلات حول تلك الفترة تشير إلى تأثير أزمة روسيا التي كانت تواجه الإفلاس حينئذ.
تأثير محدود
ويضيف الموقع أنه من المستحيل تقريبًا إيقاف الأحداث الجيوسياسية عندما يتعلق الأمر برد فعل السوق، فعندما اغتيل الرئيس "جون كينيدي" في دالاس في 22 نوفمبر 1963 تم إغلاق سوق الأوراق المالية يوم الإثنين التالي ولكن عندما فتح مرة أخرى في 26 نوفمبر 1963، ارتفع بنسبة 4 ٪. أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في العام التالي مرتفعا أكثر من 16٪، متحديًا كافة التوقعات بالانخفاض ولكن الأسواق استقبلت باستحسان انتهاء سياسات "كينيدي" الاقتصادية التقشفية.
وتتوقع "كرستين رومان" المراسلة الاقتصادية لشبكة "سي.إن.إن" تراجعا نسبيا ولكنه محدود ولن يتخطى 10% لسوق الأسهم إذا تمت الإطاحة بالرئيس الأمريكي بالفعل، ولكنها تؤكد أن الأسواق بدأت خلال الأيام الأخيرة في "الاستعداد" من خلال التحركات المحدودة في عمليات البيع والشراء، فيما يعتبر حالة من الترقب.
فعلى الرغم من دعم البورصة الواضح لسياسات "ترامب" بشكل عام إلا أن سحب الركود المُتجمعة هددت هذا الدعم المطلق.
أما فيما يتعلق بالاقتصاد نفسه، فيرى "بول كروجمان" الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، أن عزل "ترامب" من شأنه المساهمة في اقتصاد أكثر توازنًا، مشيرًا في "نيويورك تايمز" إلى أن سياساته الضريبية لم تؤد إلا إلى تخطي عجز الموازنة التريليون دولار، واستفاد بذلك الأغنياء بينما لم يتم تمرير مشروع للرعاية الصحية الذي يخدم 30 مليون أمريكي.
تأثر الاقتصاد العالمي
بينما يبدو أن إقصاء "ترامب" إذا تم قد يؤدي لتراجع معدلات النمو الأمريكي، بسبب احتمالية النكوص عن العديد من السياسات، المتعلقة بسعر الفائدة والضرائب والحروب التجارية، ووفقًا لتقديرات موقع "بوليتيكو" فإن التراجع لن يتجاوز 0.5% فحسب.
وعلى الرغم من ذلك فيمكن اعتبار أنه سيكون في وسع الولايات المتحدة العودة إلى سياسات نمو أكثر توازنًا، ولا سيما في ظل تحذيرات متعددة مما وصفته "إيكونوميست" قبل عام تقريبًا من "رفع حرارة محرك الاقتصاد" بما يجعل التراجع أو الكساد المقبل كارثيًا.
ولذلك يصف "كروجمان" عزل "ترامب" المحتمل بأنه "شيء جيد" للاقتصاد، لأنه سيبعده بعيدًا عن الحروب التجارية ويُجنب الاقتصاد العالمي الاستمرار في سياسات الحدود الاقتصادية المستجدة والتي لا تهدد النمو الأمريكي على المدى الطويل فحسب ولكن هيكل الاقتصاد العالمي ككل.
أما فيما يتعلق ببقية الاقتصادات فإن التوقعات المتعلقة بتراجع النمو الصيني تحت حاجز 6% قد لا تتحقق كما قد تعاود القوى الأوروبية المعتمدة على التصدير، وعلى رأسها ألمانيا، النمو الحدي الموجب بعد تراجع معدلات النمو، ولكن حالة "التفاؤل" التي ستعقب إبعاد "ترامب" ستكون رهينة بسياسات من يتبعه بطبيعة الحال.
المصادر: "فورتشن"، "نيويورك تايمز"، "بوليتيكو"، "سي.إن.إن"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}