في مشهد أصبح مألوفًا للشعب الأرجنتيني مع دخول الأزمة المالية في البلاد أسبوعها الرابع بحلول أوائل سبتمبر، كان المواطنون يصطفون في طوابير طويلة أمام البنوك لسحب الدولارات من حساباتهم، على أمل الحفاظ على مدخراتهم في أمان.
لقد سحبوا ما يقرب من 6 مليارات دولار بعد إعلان حكومة الرئيس "موريسيو ماكري" تدابير طارئة، وقال مسؤول حكومي كبير مطلع على هذه الإجراءات، إنه تم سحب 4 مليارات دولار نقدًا من ودائع البنك المركزي الأرجنتيني لدى الاحتياطي الفيدرالي.
نُقلت الدولارات من ميامي ونيويورك باستخدام طائرة نفاثة ووسط إجراءات أمنية مشددة، وتم توزيعها على البنوك الأرجنتينية باستخدام عربات مصفحة، في عملية استغرقت ساعات، بهدف طمأنة العملاء الخائفين من فقدان القدرة على الوصول إلى أموالهم.
تاريخ من الاستدانة والتعثر
- بعد 4 سنوات تقريبًا من رئاسة السيد "ماكري"، تعيد الأرجنتين مرة أخرى، نمطًا شهده ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية قبل أكثر من 70 عامًا، وهو نفاد العملة الصعبة في ظل مكافحة البلاد للتضخم المرتفع والانكماش الاقتصادي.
- يتجه البلد الذي يبلغ تعداده السكاني 44 مليون نسمة نحو التخلف عن سداد ديون قيمتها 115 مليار دولار بعد 18 سنة فقط من أزمته الكبرى الأخيرة، عندما تخلف عن سداد 100 مليار دولار.
- تلقت البلاد ما يقرب من 30 حزمة مساعدة من صندوق النقد الدولي على مدى السنوات الستين الماضية، معظمها كانت مصاحبة لحالات تقشف صارمة وانتهاكات في بعض الأوقات، وعلى مدى مائتي عام تخلفت الأرجنتين عن سداد ديونها ثماني مرات على الأقل.
- يقول "دانييل ماركس"، وهو خبير اقتصادي أرجنتيني ساهم في إعادة التفاوض بشأن ديون البلاد الخارجية خلال أوائل التسعينيات: يبدو أن الأرجنتين محاصرة بتاريخها.
- تعد الأرجنتين أكثر الأسواق الناشئة تقلبًا في العالم، وسجل اقتصادها أعلى مستويات التضخم في التاريخ الحديث، حيث بلغ متوسطه 220% سنويًا منذ عام 1980، وفقًا لتقديرات معهد التمويل الدولي.
- تناوب على قيادة البنك المركزي الأرجنتيني 61 رئيسًا، واحد منهم فقط أكمل ولايته، وكان ذلك خلال أربعينيات القرن الماضي.
صناعة الأزمة
- المشكلة الأساسية هي أن الأرجنتين تعيش بأكثر من إمكانياتها، وتنفق الحكومة باستمرار أكثر مما تحققه عبر الضرائب والإيرادات الأخرى، ومنذ عام 1950 تعاني البلاد بشكل سنوي (باستثناء سنوات قليلة في بداية الألفية الجديدة) من عجز مالي كبير.
- في ظل حكم "ماكري"، بلغ متوسط هذه العجز المالي 5% من الناتج الاقتصادي السنوي (بلغ العجز الحكومي الأمريكي 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، لكنّ هناك طلبا قويا على ديون الولايات المتحدة التي يمكنها أيضًا طباعة الدولارات).
- لسد الفجوة، غالبًا ما تطبع الأرجنتين أموالًا تغذي التضخم، أو تقترض دولارات من الخارج، ولأن لديها اقتصادا حمائيا منغلقا ومليئا بالشركات غير الفعالة، فإنها تعاني لتوفير ما يكفي من الدولارات عبر التصدير لتسديد الديون الأجنبية.
- في النهاية، يطالب الدائنون بأسعار فائدة أعلى على الديون الأرجنتينية، وترتفع مدفوعات الدين بشكل غير مستدام، وتدفع البلاد نحو الأزمة.
- في الاقتصادات المستقرة، قد تتسبب المخزونات الكبيرة في إضعاف ربحية الشركات لأنها تزيد التكاليف، لكن في الأرجنتين تعزز الشركات مخزوناتها للحفاظ على القيمة، أي أنها تحول الأموال إلى سلع للتحصن من التضخم.
أسباب هلع المواطنين
- يستخدم السكان المحليون البيزو الذي أصابه الوهن أمام العملات الرئيسية، لكنهم يلجأون إلى الدولارات من أجل الادخار أو تحديد أسعار العقارات أو إجراء المعاملات العقارية.
- يقول اقتصاديون أرجنتينيون إن هناك نحو 70 مليار دولار إلى 150 مليار دولار مخبأة أسفل أسرة المواطنين أو في صناديق آمنة داخل منازلهم، ووفقًا لنائب وزير المالية السابق "أورلاندو فيريرز"، فإنهم يملكون أصولًا قيمتها 500 مليار دولار في الخارج.
- من جانبه يقول محافظ البنك المركزي السابق "مارتن ريدرادو" والذي عُزل من منصبه قبل 8 أشهر من إتمام ولايته عام 2010: الطلب على البيزو منخفض للغاية بسبب مشكلة في المصداقية.
- مع سحب المواطنين لمدخراتهم الدولارية، يتبادر للأذهان أزمة عام 2001، عندما صادرت الحكومة حسابات مصرفية وقدمت سندات لبعض المدخرين وحولت ودائع البعض الآخر الدولارية إلى ودائع بالعملة المحلية.
- انكمش الاقتصاد آنذاك بنسبة 11%، وازداد الفقر، وتعرضت الأنشطة التجارية للسلب والنهب، وهرب رئيس البلاد "فرناندو دي لا روا" من القصر الرئاسي باستخدام طائرة مروحية.
المصدر: وول ستريت جورنال
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}