نبض أرقام
01:04 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

التحويلات المالية للمغتربين.. كيف أصبحت محركًا رئيسيًا للعولمة والنمو في البلدان النامية؟

2019/09/06 أرقام

بضغطة زر على جوالها الذكي تحول "جوي كياكويتا" الأموال كغيرها من ملايين المغتربين حول العالم إلى أهلها في الوطن، حيث ترسل المحامية المقيمة في لندن ثلث راتبها الشهري إلى العائلة في أوغندا، بما في ذلك تكاليف الدراسة لإخوتها وبعض أقاربها، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
 

 

تقول "جوي": أعتقد أنه عندما أنفق عليهم للالتحاق بمسار أفضل في الحياة، فهناك فرصة جيدة ليصبحوا قادرين على العمل، وإذا كان لديهم وظائف، فسيكونوا قادرين على مساعدة إخوانهم أيضًا.

 

زيادة هائلة في أعداد المغتربين
 

- السيدة "جوي" ليست سوى واحدة من عشرات ملايين المهاجرين حول العالم سيرسلون مجتمعين 689 مليار دولار إلى أوطانهم هذا العام، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، وهي لحظة تاريخية، حيث ستتجاوز هذه التحويلات حجم الاستثمار الأجنبي المباشر باعتباره أكبر تدفق لرأس المال الأجنبي إلى البلدان النامية.
 

- كان ينظر العديد من الاقتصاديين إلى تحويلات المغتربين والعاملين في الخارج على أنها بند ثانوي الأهمية بالنسبة للبلدان النامية كونها تأتي بعد الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمارات في أسواق الأسهم، لكن حجمها الهائل وطبيعتها الثابتة والمرنة جعلتها الأكثر أهمية الآن عندما يتعلق الأمر بتمويل التنمية.
 

- عالميًا، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون خارج بلد ميلادهم إلى 270 مليون شخص العام الماضي من 153 مليونًا في 1990، وفقًا لبيانات البنك الدولي، ما أدى إلى تضخم حجم التحويلات المالية العالمية التي كانت متواضعة في السابق.
 

 

- مع ازدياد الهجرة، أصبحت هذه التحويلات أحد الاتجاهات الرئيسية للعولمة خلال الربع قرن الماضي، وبمثابة الوجه الخاص وغير الرسمي لتدفق رأس المال العالمي، وهي بالنسبة للعديد من الاقتصادات النامية شريان حياة.
 

- في أوقات الركود الاقتصادي، أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات السياسية، يميل رأس المال الخاص إلى الهجرة، وحتى المساعدات الرسمية يصعب إدارتها، إنما التحويلات هي أول شكل من أشكال الدعم يصل إلى الوطن، وهي آخذة في الارتفاع الآن.

 

خفض العجز وتحسين التصنيف
 

- يساعد تدفق التحويلات على تعزيز ميزان مدفوعات الدولي وبالتالي تزيد تصنيفاتها الائتمانية، ما يقلل تكاليف اقتراض الحكومات والشركات والأسر.
 

- في الفلبين على سبيل المثال، ستساعد التحويلات المالية البالغة 34 مليار دولار هذا العام على خفض عجز الحساب الجاري إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلًا مما يزيد على 10% إذا غابت هذه التدفقات.
 

- يقول "جيمس ماكورماك" مسؤول التصنيفات السيادية لدى "فيتش": تعد تحويلات المغتربين مصدرًا مستقرًا نسبيًا للعملة الأجنبية في الحساب الجاري، وهو ما يغذي مباشرة تصنيفاتنا السيادية، وفي حالة بلدان مثل الفلبين أو مصر أو نيجيريا، ستكون أوضاع الحساب الجاري أضعف بكثير لولا هذه التدفقات.
 


 

- سعت بعض الحكومات إلى توظيف هذه التحويلات المالية في جهود التنمية، وتعد إندونيسيا أحدث دولة تفكر في "سندات المغتربين" للاستفادة من مدخرات سكانها الأثرياء في الخارج.
 

- مع ذلك، فإن هذه التحويلات المالية لها سلبيات اقتصادية أيضًا، فمن خلال المساعدة في دعم المداخيل المنخفضة في الداخل، فإنها توفر وسيلة لمنع تأثير النمو البطيء، وهو ما يخفف الضغط على الحكومات لإصلاح سياساتها.

 

آلية لربط الاقتصادات
 

- مع اتجاه رأس المال إلى الإنفاق الاستهلاكي، فإن التحويلات المالية تزيد من الواردات، الأمر الذي يعيق تطور التصنيع المحلي، ويقول اقتصاديون إن الدول لن تحقق الثراء عبر التحويلات المالية، ورغم أن الحكومات لا ترغب في توقفها، فإنها أيضًا تريد ألا تكون بحاجة إليها.
 

- يقول رئيس قسم وحدة شراكة المعرفة العالمية حول الهجرة والتنمية التابعة للبنك الدولي "ديليب راثا": ليس صحيحا أن الاستهلاك شيء سيئ، يمكن للاستثمار أن ينتظر لكن الاستهلاك لا يمكنه، فمع ارتفاع المداخيل يوجه الناس أموالهم إلى الإسكان والصحة والتعليم، وهذا استثمار اقتصادي مهم يركز على العنصر البشري.
 

- تحويلات المغتربين والعاملين في الخارج، هي أيضًا واحدة من آليات انتقال الضغوط الاقتصادية العالمية الرئيسية، إذ يتحرك الناس بحثًا عن الفرص، وترتفع الهجرة عندما يكون الأداء الاقتصادي سيئًا.
 

 

- عندما يكون البلد المضيف في حالة جيدة تتزايد أعداد المغتربين فيه، والذين يرسلون بدورهم مزيدًا من الأموال إلى الأوطان، لكن عندما يظهر الضعف في البلد المضيف، فإن الأثر ينتقل إلى أسر العاملين الأجانب في شكل تحويلات مالية أقل، وقد يتسبب ذلك في تباطؤ البلد المتلقي، وعدم استقرار الاقتصاد العالمي.
 

- يقول المحلل لدى "ستاندرد آند بورز جلوبال"، "فرانك جيل": كنا نراقب لبنان عن كثب لأن التحويلات المالية انخفضت فيه بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الماضي، وهذا مصدر قلق كبير لوكالات التصنيف لأن هذه التحويلات سبيل رئيسي لتمويل القطاع العام.

 

ستظل واحدة من أهم نظم الترابط العالمي
 

- رغم أن التحويلات أصبحت واحدة من الخصائص الرئيسية للعولمة في العصر الحالي، فإن التحولات السياسية، بما في ذلك صعود الشعبوية، تثير تساؤلًا حول ما إذا كانت أهميتها الاقتصادية ستكون قصيرة الأجل.
 

- إن رد الفعل المناهض للعولمة آخذ في الازدياد، والمشاعر المعادية للهجرة أيضًا تزداد بشكل كبير في العديد من البلدان المتقدمة، لذلك من الممكن تراجع الهجرة وتدفقات رأس المال الناتجة عنها.
 

- على أي حال، يتوقع البنك الدولي انضمام 550 مليون شخص إلى القوى العاملة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بين الآن وعام 2030، مع استمرار التفاوت الهائل في الدخل بين البلدان المتقدمة (43 ألف دولار سنويًا للفرد) والمنخفضة الدخل (800 دولار سنويًا للفرد).
 

- لكن ذلك يعني أن فرص العمل في الخارج ستحافظ على جاذبيتها، ويرى الاقتصاديون أن الاتجاهات الهيكلية العالمية تدعم المزيد من الهجرة وليس تراجعها، وسيقابل طلب الدول الفقيرة على مزيد من الفرص توفير البلدان الغنية لمثل هذه الفرص.
 

 

- يقول "جيل": العالم الغربي يشيخ، وسيعتمد بشكل متزايد على العمالة المستوردة، لا أرى تبريرًا للقول إن هذا الاتجاه لن يستمر.
 

- في الوقت نفسه، أصبحت تدفقات رأس المال الأخرى إلى الاقتصادات النامية أقل موثوقية، وعلى سبيل المثال، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر من خمسة مصادر عالمية رئيسية (أمريكا والصين وألمانيا واليابان وبريطانيا) بمقدار الثلثين بين عامي 2017 و2018، وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
 

- بما أن التباطؤ العالمي يلوح في الأفق، فمن المرجح أن تصبح تدفقات الاستثمار أكثر تقلبًا، وهذا يعني أن تحويلات المغتربين حول العالم ستظل واحدة من النظم الرئيسية التي يتداول بها رأس المال العالمي، وحتى إذا تراجعت معدلات الهجرة، فإن العدد الحالي للمهاجرين يعني أن التحويلات المالية ستدوم لعقود قادمة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.