تستعد وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لإطلاق بعثات إلى القمر، وتساءل كثيرون عن ماهية وجدوى هذه الرحلات التي تعيد إلى الأذهان برنامج "أبولو" في القرن الماضي وهل سيكون مماثلا له أم سيختلف عن سابقه؟ هذا ما تناوله تقرير نشرته "فاينانشيال تايمز".
تحدث مسؤولون أمريكيون عن التخطيط للعودة إلى القمر بحلول عام 2024، وهناك علامات استفهام تجول في الخواطر من بينها كيفية وجود امرأة على سطح الجرم السماوي وعدم مشاهدة سكان الأرض أي بث حي ومباشر لفريق يسير على سطح القمر، كما أن سباق الفضاء على أشده حاليا وليس كما في القرن العشرين مع الأخذ في الاعتبار عدم ذهاب أي شخص إلى القمر منذ 1972.
نذهب أم لا؟
- ينقسم المتابعون لفكرة العودة إلى القمر إلى 3 فرق الأول مؤيد للفكرة والثاني غير متحمس والثالث هو الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" المؤيد للفريقين على ما يبدو، فقد صرح عام 2017 أن العودة إلى القمر تمثل أولوية لـ"ناسا"، وأكد أن إدارته ستعيد أمجاد الوكالة، حيث ستذهب إلى القمر ثم إلى المريخ.
- بعد تصريحات في مارس 2017 بأسابيع فقط، بدا "ترامب" وكأنه يناقض نفسه حيث تحدث عن النفقات الباهظة التي تنفقها "ناسا" وعدم الحاجة لضخ المزيد من الأموال إليها، مطالبا بالتركيز على أشياء أهم كالمريخ والدفاع والعلوم وسخر الجميع منه عندما أكد أن القمر جزء من المريخ.
- اختلفت فكرة الفضاء عن الإدارات الأمريكية السابقة، ففي حقبة "جون كينيدي"، كانت الأولوية الذهاب إلى القمر والعودة، أما الآن، فالجميع يتحدث عن الذهاب إلى المريخ والبقاء لاستعماره.
- ظهرت أيضاً فكرة اقتصاد الفضاء التي تتحدث عن تعدينه وإطلاق رحلات سياحية وأبحاث عملية إليه، ولم يقتصر الأمر على "ناسا" أو وكالات حكومية بل هناك رواد أعمال مثل "جيف بيزوس" بشركته "بلو أوريجن" و"إيلون ماسك" بشركته "سبيس إكس" فلديهم طموحات لتوطين الإنسان في الفضاء.
- رغم التقدم التكنولوجي الهائل منذ بعثة "أبولو"، إلا أن هناك تحديات كبيرة وأكثر تعقيدا أمام "ناسا" في الوقت الحالي عما كانت عليه في الستينيات، حيث زاد الوعي بالمخاطر الصحية من إرسال بشر إلى القمر لا سيما الإشعاعات الكونية، كما أن هناك رغبة سياسية أقل في تمويل برامج الوكالة الطموحة والتي تقلص نصيبها من الموازنة الفيدرالية من نحو 4% منذ حوالي ستة عقود إلى 0.5%.
- انتقد كثيرون "ترامب" بسبب الجدول الزمني المحدد لـ"ناسا" والذي يعتمد بالكاد على خمس سنوات للذهاب إلى القمر مقارنة بـ"كينيدي" الذي أتاح تسع سنوات، فهناك العديد من العناصر التي تدرس بعناية كالوقت والتكلفة والثقة، وهذه المرة، ربما يكون رائد الفضاء امرأة.
القمر غير كافٍ
- كان إرسال بشر إلى القمر عام 1969 بهدف الاستعراض من جانب أمريكا، أما في 2024، فلا يبدو الأمر استعراضاً ولا كافياً للمتابعين لمشروعات الفضاء حتى رغم تصريحات نائب الرئيس "مايك بنس" التي أكد فيها بناء قاعدة أمريكية دائمة على القمر.
- رغم التنافس مع الصين ووكالة الفضاء الأوروبية، إلا أن أمريكا لا تخشاهما على غرار ما حدث مع السوفيت، كما أن الأمر مختلف، فقد حدد "كينيدي" الذهاب إلى القمر قبل عام 1970، بينما حدد "ترامب" الموعد في وقت ربما لن يكون هو رئيساً.
- يتحدث "ترامب" عن ولايته الرئاسية ربما الثانية حال فوزه وليس عن عقود من الزمن من أجل إرسال بعثات إلى المريخ أو القمر، لكنه لم يحدد تمويلات للبرامج المستهدفة.
- يختلف الأمر كثيرا بين "أبولو" والبعثة المستهدفة حاليا التي تحمل اسم "Artemis" من الناحية الفنية من حيث وضع رحلات في مدار المريخ ثم هبوط رواد فضاء منه إلى الكوكب الأحمر.
- ترى "ناسا" تعقيدات كبيرة في وضع بنية تحتية حقيقية على القمر أو المريخ لبعثات مستقبلية، وربما من الممكن فقط بالنسبة لها وضع محطة فضائية تعد بمثابة بوابة دائمة لبلوغ مدار القمر مثلا.
- يمكن لرواد الفضاء المكوث لأشهر طويلة في التجارب العلمية واختبارات الأجهزة قبل الذهاب إلى أي نقطة على سطح القمر ودراسة حسابات العودة وقت حدوث طارئ أو حتى البقاء.
- بوجه عام، ترى "ناسا" أن وضع محطة فضائية قرب مدار القمر هو أفضل حل وسبيل لاستعمار المريخ حيث إن القمر ربما يكون بمثابة خطوة أولية نحو الكوكب الأحمر، ولكن هذه الفكرة ليست مقنعة للكثيرين نظرا لكونها ستستغرق وقتا طويلا.
تعقيدات فنية
- يجري علماء "ناسا" كافة الحسابات الضرورية للبعثات المستهدفة من اتصالات ومؤن وتوقيتات زمنية ومعدات وتقنيات من أجل الحصول على أفضل النتائج، ولم تتغير الحسابات الرياضية والفيزيائية لمهام الفضاء، ولكن الأدوات المتاحة هي التي تغيرت نحو الأفضل.
- ظهرت أدوات جديدة مثل الصواريخ القوية القادرة على الوصول إلى مواقع جديدة وأيضاً يمكن إعادة استخدامها، كما أن هناك قدرة على دعم المهام ببطاريات كهربائية أخف وزنا وأعلى كفاءة.
- تستهدف "ناسا" طريقة لتحويل الثلج على سطح القمر إلى وقود بداية من عام 2024 كي يصبح الجرم السماوي مختبراً بشرياً ثم إنشاء قرى ومستعمرات قمرية مجهزة للإنسان.
- أصبحت "ناسا" أقل تساهلا مع المخاطر التي تواجه رواد الفضاء والأضرار على صحتهم من الأشعة الكونية والعواصف المحتملة وحتى الغبار الذي يستقر في رئتهم.
- بالطبع، يحاول "ترامب" تنفيذ ما فشل فيه الرؤساء السابقون المنتمون للجمهوريين مثل "جورج بوش الأب" وأيضا "جورج بوش الابن" اللذين أعلنا عن استراتيجيات فضائية لم تنفذ.
- الفارق الأكبر بين "أبولو" و"أرتيميس" هو أن البعثة الأولى نفذت بالفعل وفق الجدول الزمني المخطط أما الثانية، فتواجه عقبة التكلفة، حيث كلفت "أبولو" الخزانة الأمريكية نحو 200 مليار دولار (بالتقديرات الحالية)، في حين تمتلك "ناسا" موازنة حالياً تقدر بعشرين مليار دولار فقط، وتخطط إدارة "ترامب" لزيادتها بنحو 1.6 مليار دولار فقط سنوياً.
- أما عن الشركات الخاصة مثل "سبيس إكس" و"بلو أوريجن"، فإن الأمر لن يكون مجدياً من حيث التكلفة، وتحتاج إدارة "ترامب" لكسب مصداقية الجميع في "أرتيميس" الأمر الذي يضع "ناسا" وسط متاهة سياسية وتأييد شعبي لإرسال بعثة بشرية إلى القمر بدلا من دعم برامج مكافحة التغيرات المناخية مثلا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}