تشهد أروقة البورصة حالة من الجدل عقب إعلان شركة البورصة عن رسوم الاشتراكات الجديدة للشركات المدرجة خلال عام 2019 لاسيما بعد ربطها بمتوسط القيمة المتداولة يوميا وهو الأمر الذي سيكبد العديد من الشركات التي لاتشهد تداولات كبيرة فرض رسوم مرتفعة عليها وقد يفوق قدراتها المالية ، وما زاد المشكلة تعقيدا التعميم الذي تلقته الشركات المدرجة من شركة البورصة باعتبار يوم 14 فبراير هو آخر يوم لسداد الرسوم وإلا ستطبق رسوم تأخير بواقع 10 في المئة من إجمالي قيمة مبلغ الاشتراك .
وفي ظل رفض العديد من الشركات هذا القرار المفاجىء قام اتحاد شركات الاستثمار بإصدار بيان أوضح من خلاله ان هذه الزيادة غير المبررة سيترتب عليها آثاراً وخيمة على عموم الشركات المدرجة بما ينعكس سلباً على حركة التداول، وبالتالي على المساهمين والمتداولين فيما لو تم انسحاب بعض من الشركات كنتيجة لمثل هذه الزيادة غير المبررة .
وأوضح الاتحاد ان هذه الزيادة سوف يتم إلزام الشركات الأعضاء بها حتى في حال عدم التداول على السهم، على الرغم من أن الخدمة التي تؤديها البورصة، وهي التي تستحق عنها أتعاباً أو عمولة انما تقتصر على تلك التي تتعلق بعمليات التداول ونقل الملكية للأسهم المدرجة، مما يكشف بوضوح عن عدم الأحقية في فرضها والمطالبة بها وتضحى هذه الرسوم أقرب إلى الإذعان وفرض الإتاوة أو الجباية على الشركات الأعضاء حيث لا يقابلها أداء أي خدمة حقيقية في هذه الحالة.
وتهدف البورصة من خلال هذا القرار الى تعزيز دوران الاسهم ورفع معدلات السيولة ،حيث اعتمدت في القرار على تقسيم السوق إلى شرائح بحيث يتم حساب الرسوم المتغيرة حسب مضاعف الحد الأدنى للسيولة (متوسط القيمة اليومية المتداولة) في السوق الأول ، وهو ما يشير إلى أهمية معدل الدوران للاسهم ، فيما سيتم الغاء الرسوم على الشركات ذات معدل الدوران الكبير والسيولة المرتفعة التي تتجاوز 225 ألف دينار في السوق الأول والرئيسي.
شرائح الرسوم
فيما قسمت البورصة شرائح الرسوم في السوق الأول والرئيسي بحيث تكون رسوم الشركات التي يبلغ متوسط قيمتها اليومية المتداولة من 22.5 ألف دينار إلى 45 ألف دينار نحو 45 ألف دينار، فيما تبلغ نحو 35 ألف دينار للشركات التي يبلغ متوسط قيمتها اليومية المتداولة من 45 ألف دينار إلى 89.9 ألف دينار، بينما الشريحة الثالثة من 90 ألف دينار إلى 224.9 ألف دينار، فستبلغ الرسوم 25 ألف دينار ، أما فيما يتعلق بسوق المزادات فتبلغ الرسوم 25 ألف دينار للشريحة من 13.5 ألف دينار إلى 22.499 ألف دينار، فيما تبلغ 35 ألف دينار للشريحة الثانية التي لا تتجاوز 13.499 ألف دينار.
” السياسة ” استطلعت آراء الخبراء للتعرف على جدوى قرار البورصة من عدمه ، وأكد المدير العام لشركة عذراء العقارية ميثم الشخص أن هذا القرار يعتبر سابقة جديدة لم تشهدها البورصة من قبل وتعتبر المرة الأولى التي يحدث فيها ربط بين الرسوم ومعدل دوران الأسهم، مشيراً إلى أن الربط بين هذا القرار وتحفيز التداول في الشركات غير صحيح لاسيما في ظل المشاكل التي يعاني منها السوق في الوقت الراهن .
واضاف الشخص أن السوق يعاني من بعد التقسيم من تركيز السيولة على 10 % من الاسهم المدرجة فيما تعاني باقي الشركات من شح السيولة المتداولة عليها ، مشيراً إلى أن القرار اذا كان به شيئا من الايجابية فكان من المفترض تطبيقه عقب انطلاق الأدوات الاستثمارية الجديدة في مارس المقبل .
الاستثمارات المحلية
ولفت الشخص إلى أن الرسوم لابد أن تقترن بخدمات جديدة الا أن هذا التصور غير قائم لأن الرسوم سترتفع تلقائيا في حالة عدم وجود تداولات مرتفعة وهو امراً غير مبرر وبالتالي فإن القرار يعتبر خاطئ مئة فى المئة ، مشيراً إلى أن مشكلة السوق تكمن في تراجع السيولة والاستثمارات المحلية مقابل ارتفاع الاستثمارات الأجنبية التي تعد استثمارات ساخنة قابلة للخروج من السوق في أي وقت .
وأوضح أن القرار كان أحاديا وكان من المفترض ان يتم تأجيله حتى يتم تخصيص البورصة وتطبيق الادوات الاستثمارية الجديدة،لاسيما ان 90 % من الشركات المدرجة في السوق ستعاني من هذه القرار لتراجع معدل دوران أسهمها ، مشيراً إلى أن هذا القرار قد يؤدي الى انسحاب بعض الشركات من السوق كما ان شركات سوق المزادات لن يكون لديها محفزات من الإدراج .
ولفت الشخص إلى ان الشركات ستترقب دخول الأدوات الاستثمارية الجديدة في مارس المقبل وإذا لم يكن هناك استفادة من قبل المساهمين سنرى اقتراحات بانسحاب بعض الشركات من السوق، موضحا ان التداولات الاصطناعية ستظهر في السوق من أجل تجنب رفع الرسوم وقد نرى تداولات مرتفعة على سعر واحد للسهم وهو الامر الذي سيفقد البورصة هدفها الستراتيجي وهو الاستثمار وليس رفع معدل الدوران .
بدوره قال الخبير الاقتصادي محمد رمضان ان قرار البورصة يعتبرإيجابيا لاسيما أنه سيعمل على زيادة التكلفة على الشركات الخاملة التي لاتشهد تداولات كبيرة وبالتالي تكون احتمالية خروجها من السوق كبيرة وهو الأمر الذي سيعمل على الإبقاء على الشركات الجيدة صاحبة التداولات النشطة فقط مما يعتبر امراً ايجابياً .
ولفت رمضان إلى أن البورصة شركة خاصة تحتاج إلى تحقيق إيرادات من رسوم التداول لتستمر في تقديم خدماتها وبالتالي فإنها مضطرة الى رفع الرسوم على الشركات الخاملة التي لا تقدم قيمة مضافة الى السوق ، مشيراً إلى أن هذه الخطوة جيدة من أجل تشجيع التداولات وحث الشركات الى رفع معدلات دورانها .
وأوضح أن رفع الرسوم على الشركات الخاملة يعتبر جباية فعلا لأنه رفع بدون وجود أي خدمات جديدة إلا أن البورصة مطالبة بتطوير السوق وتشجيع التداولات وبالتالي كان لابد من تلك الخطوة لأن تقليص الرسوم سيعزز من بقاء الشركات الخاملة في السوق ، مشيرا الى انه من الصعب ان تستطيع الشركات الخاملة تحقيق معدل دوارن اصطناعي بشكل يومي .
وأوضح أن الشركات الكبيرة هي التي ستستطيع ان تستمر في البورصة لقدرتها على تحقيق معدل دوران مرتفع وهو ما سيعزز من اداء المؤشرات ومعدلات السيولة ، موضحا ان التوقيت قبل انطلاق الادوات الاستثمارية الجديدة يعتبر جيدا لانه يحمي المستثمرين من الاسهم الخاملة التي تستغل فرصة الأدوات الجديدة من اجل احداث نشاط مفتعل على الاسهم .
رفع السيولة
من جانبه قال المحلل المالي فهد الصقر أن أي قرار أو إجراء يعمل على تعزيز حركة الدوران ورفع السيولة في السوق يعتبر ايجابيا لاسيما ان ترك الشركات بمفردها لكي تحقق معدل دوران مرتفع لن يتحقق لاسيما ان التحليلات تؤكد ان 10 % من السوق الرئيسي هي التي تحقق معدل دوران مرتفع فقط فيما تظل 90 % من الشركات لا تستطيع تحقيق معدل دوران مرتفع .
واضاف الصقر أن السوق يعاني من ضعف المحفزات اليومية في التداول وبالتالي فإن رفع الرسوم على الشركات الخاملة يحفزها على تحقيق نشاطا في التداولات ، موضحا ان معدلات الدوران اذا كانت مرتفعة لما اضطرت البورصة الى رفع الرسوم ، لاسيما ان البورصة تأخرت في تشجيع معدل الدوران للاسهم في السوق .
وأشار الصقر إلى أن الشركات لن تنسحب من السوق لأن مصالحها من الادراج اهم لاسيما انها تدخل مناقصات محلية وعالمية وترفع من مستوى تصنيفها وهو ما يفسروجود شركات لاتتداول ومازالت مدرجة في السوق ، موضحا ضرورة وجود قواعد صارمة لمعالجة خمول التداولات على العديد من الشركات المدرجة .
الأدوات الاستثمارية
ولفت إلى ان طرح الأدوات الاستثمارية الجديدة في شهر مارس المقبل من الممكن ان يرفع معدلات السيولة مشيرا إلى أن تأجيل تقييم الشركات المدرجة حتى نهاية العام من أجل تحديد الشركات التي ستنتقل من السوق الاول الى الرئيسي ومنه الى سوق المزادات يعتبر فرصة جيدة للشركات من اجل تحقيق معدل دوران مرتفع .
اوضح ان السوق قد يدخل مرحلة تغيير جذري خلال النصف الاول من 2019 مع الأدوات الاستثمارية الجديدة ، موضحا أن إقراض واقتراض الأسهم سيعمل على تعزيز معدلات السيولة لاسيما وان هناك العديد من الملاك لديهم نسبة كبيرة من الاسهم ولايرغبون في تسييل اسهمهم وبالتالي تلك الاداة ستعزز من النشاط في السوق . ولفت الصقر إلى أن هيئة اسواق المال تعمل على تشجيع المستثمرين على الدخول في السوق وخصوصا الاجانب وهو الامر الذي سينعكس على سيولة البورصة بصورة كبيرة لاسيما عقب رفع سقف الملكيات للاجانب في البنوك المحلية .
عبء مالي
من جانبه قال مدير الاستثمار في شركة الصالحية العقارية خالد حربى أن القرار الجديد يمثل عبئا ماليا جديدا على كاهل الشركات المدرجة بعد ان كانت الرسوم في السابق مبلغا محددا وغير مربوط بالتداولات وبالتالي كانت مقبولة من الشركات ، مشيراً إلى أن القرار الجديد يعتبر صدمة للعديد من الشركات وخصوصا ذات رأس المال المتوسط والتي قد تعاني من أجل دفع الرسوم .
وأضاف حربي ان هناك بعض الشركات لا تقدم قيمة مضافة من ادراجها في السوق ولا تشهد تداولات نشطة وتعتبر خاملة وبالتالي ان رفع الرسوم عليها قد يدفعها الى الخروج من السوق وهو ما يصب في صالح السوق وصغار المساهمين على اعتبار ان هذه الشركات لايوجد لها صانع سوق وبالتالي صعوبة الخروج من الاستثمار في تلك الشركات. ولفت حربي إلى انه كان من المفترض ان يتم اخذ راسمال الشركات في الحسبان عن وضع الرسوم لاسيما ان هناك شركات رأسمالها كبير في حين يكون رأسمال شركات اخرى محدود وبالتالي هناك تباين في قدرة الشركات في دفع الرسوم موضحا انه وبعد تطبيق القرار فعليا فبات من الضروري قيام الجهات الرقابية بالتدقيق في التداولات لمنع أي تداولات غير قانونية من اجل رفع معدلات قيم وحجم التداولات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}