قال الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي «المركز» مناف الهاجري إنه على الرغم من المركز المالي القوي لدولة الكويت، فإن صورة الاستدامة الاقتصادية تشهد بعض التحديات على المدى الطويل، وأهمها مفارقة تتلخص في أن العالم قد حقق طفرات تكنولوجية هائلة على مدى العقود القليلة الماضية، لكن اقتصادات العالم في المجمل شهدت تناقصاً في الإنتاجية بشكل عام، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الفجوة الكبيرة في تبني اقتصاد المعرفة بين نقيضين من الدول والشركات، الأول حقق طفرات كبيرة واستأثر بالنمو، بينما كان انخراط السواد الأعظم في التطور التقني والعلمي محدوداً.
جاء ذلك أثناء مشاركة الهاجري في فعاليات الندوة النقاشية حول «النظرة المستقبلية الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي»، التي نظمها مركز ذا كونفرنس بورد الخليج للأبحاث الاقتصادية والتجارية واستطلاعات الرأي في 28 نوفمبر الماضي بمقر غرفة الكويت للتجارة والصناعة.
وأضاف الهاجري «تخضع المنطقة لتأثير متغيرين رئيسيين في ما يتعلق بزخم الإصلاحات؛ وهما أسعار النفط والمخاطر الجيوسياسية. وأعتقد أن التفاعل بين هذين العاملين هو الذي ينتهي بنا إلى سيناريوهات أربعة. وأفضل سيناريو هو ذلك الذي تستفيد فيه دول الخليج من أسعار نفطية معتدلة واستقرار جيوسياسي، لأنها توليفة تتيح أفضل ظروف مواتية ممكنة لجهود الإصلاح».
الفجوة
أكد الهاجري أهمية الابتكار في هيكلة الاستثمارات محلياً في الكويت، قائلاً إن هناك حاجة لتضييق الفجوة بين الاستثمارات العالمية التي تدخل فيها الدول عبر الصناديق السيادية ومحدودية بيئتنا الاستثمارية، التي بوسعها أن تسهم في دعم التطوير المستمر للمؤسسات القائمة بما يضمن مستقبلاً اقتصادياً واعداً.
وأشار إلى تلك الفجوة بين الاستثمار الخارجي والداخلي قائلاً إن طبيعة أسواقنا الناشئة تحتم مزيداً من الاهتمام في الاستثمار فيها ودعم مؤسساتها ومشاريعها للحاق بأفضل الممارسات. مضيفاً أن هناك توجهاً من مؤسسات الاستشارات العالمية لحجب الثقة في أسواقنا بدعوى ارتفاع مخاطرها، وهو فرض، وإن كان فيه قدر من الصحة، إلا أن هذه المخاطر لن تزول ما لم تكن هناك صحوة جدية لدعم المؤسسات المحلية، خاصة كون القطاع المالي هو القطاع الأكثر رقابة في الكويت، حيث يخضع لرقابة هيئة أسواق المال وبنك الكويت المركزي، ولا يخضع أي قطاع آخر لدرجة الرقابة نفسها في الكويت. وأشار أن صناديق الاستثمار المحلية تسهم من خلال دورها كصانع طبيعي ومستثمر مؤسسي في السوق وبالتالي في استقطاب المستثمرين. ولذلك، فإن المرحلة القادمة تستدعي تمكين صناديق الاستثمار المحلية، وهي من أهم صناع السوق الطبيعيين، لتتمكن من أداء دورها بشكل فاعل في السوق، وهذا لن يتم إلا بتضافر جميع المؤسسات الحكومية السيادية التي عُرفت تاريخياً بدعمها للصناديق وللسوق.
المؤسسات المستنيرة
واستطرد الهاجري إلى نقطة أخرى، تتمثل في أهمية المؤسسة المستنيرة معلقاً: نحن بحاجة إلى مزيد من المؤسسات التي تتبنى اقتصاد المعرفة، وتؤمن بالابتكار وبناء الكفاءات البشرية، حيث يكون التوظيف على أساس الجدارة دون سواها.
ونادى الهاجري بضرورة تبني سياسة وطنية للموارد البشرية في هذا الصدد، لا تقتصر على اختيار الأشخاص المناسبين فحسب، بل تتعلق بمجموعة من المواضيع تشمل التوظيف، والتدريب، وإيجاد نظام تقييم مناسب لقياس الأداء يرتبط بالأهداف المؤسسية العامة.
تفعيل القطاع العام قبل الخصخصة
وأضاف الهاجري أن الخصخصة تتطلب أن تكون المؤسسات العامة المتصدية لها على درجة عالية من الجهوزية والفاعلية بسبب تعقيد هذا النوع من الفرص. وأشار أن القطاعات المتطورة في التقنيات والإدارة شهدت وستشهد وتيرة أعلى في الخصخصة، كما لحظنا في قطاع الاتصالات، الذي فاقت الاستثمارات الخارجية فيه الاستثمارات الخارجية في القطاع النفطي.
آلية بناء الثقة
وشدّد الهاجري على أهمية تنفيذ آلية بناء الثقة، حيث نوّه إلى أهمية أن تشهد الكويت مؤسسات تعمل وفق عوامل تستند إلى أدلة، مؤكداً أن مثل تلك الآليات ينبغي أن تستند إلى مستوى مساءلة أفضل، مع تبني أفضل ممارسات الموارد البشرية القائمة على الجدارة والشفافية وقياس الأداء فمن شأن هذا النهج أن يؤدي إلى تحقيق غايات تلك المؤسسات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}