تمثّل التلاعبات التي تتم في البورصة اختبارا حقيقيا للنظام الرقابي الذي تطبقه هيئة أسواق المال في إعمال الرقابة على تداولات المتعاملين أفرادا ومؤسسات.
وقد تم، أخيرا، رصد سلسلة عمليات تندرج تحت نطاق التعاملات الوهمية التي يجرّمها القانون، تتمثل في تنفيذ عمليات بيع وشراء من خلال تقابل حسابات تعود إلى طرف واحد، وهي عملية في ظاهرها تكون بيعا وشراء، لكنّها وهمية، لأنها لا تعكس أي نقل حقيقي للملكية، وفيها يخسر الطرف المتلاعب عمولة التداول فقط، لكنه في المقابل يخلق إيحاء زائفا على السهم، ويجذب صغار المستثمرين للشراء عليه بأسعار مرتفعة.
في التفاصيل، تؤكد مصادر لـ «الجريدة» أن كل التعاملات تحت مجهر الرقابة الذكية بشكل لحظي، مشددة على أنه لا تمرير لأي عملية غير سليمة، مهما كانت الحيل التي تقوم بها الأطراف المخالفة.
وأشارت المصادر إلى أن الأساس الاستثماري في السوق المالي انتقاء السهم وقراءة البيانات المالية وتقييم الشركة التي يتم الاستثمار فيها على مستوى مجلس الإدارة وأداء الشركة وتاريخها ورؤيتها لا الركون إلى الاحتيال والتلاعب.
وفي شأن الرصد الأخير علمت «الجريدة» أن عشرات الصفقات تمّت على سهم الشركة الوطنية العقارية، وإجرائيا، تم استدعاء صاحب الحساب وأقرّ في التحقيقات بأنه قام بإجراء الصفقات، لكنّه لا يعلم أن مثل هذه العمليات مخالفة للقوانين.
في المقابل، أكدت المصادر أن الجهل بتعليمات الهيئة أو القوانين واللوائح المنظمة للتداولات في السوق لا يعفي المخالف أو المتلاعب من المسؤولية القانونية أو العقوبة التي يمكن أن توقّع عليه نتيجة تلك الجريمة.
ولفتت مصادر إلى أن كل أركان الجريمة واقعة، خصصوا أن الهدف منح جمهور المتداولين إيحاء زائفا لجذب الأنظار للسهم، فضلا عن أن التداولات لم يترتب عليها أي نقل للملكية، مما يعني أن العملية «تدوير».
لكن ما يمكن الإشارة إليه هو أن رصد هذه المخالفات له جملة آثار إيجابية أهمها:
1- تأكيد نزاهة التداولات، ومن شأن ذلك منح إشارات ورسائل طمأنة لجموع المستثمرين المحليين والأجانب بأن السوق جدير بالثقة.
2- عدم مرور المخالفات والتلاعبات يزيد من جاذبية رؤوس الأموال المؤسسية، خصوصا من المستثمرين والكيانات الأجنبية.
3- رصد التلاعبات والتعامل معها قانونيا يقلل منها مستقبلا، نتيجة الرسائل التي تصل إلى جموع المتداولين بأن السوق تحكمه نظُم وقوانين والجهة الرقابية ممثلة في هيئة أسواق المال ملتزمة بتنفيذها بكل دقة.
4- التشدد الرقابي يرفع مستوى الأمان الاستثماري في البورصة، ويصبّ في جهة تشجيع المستثمرين على التعاملات الاستثمارية الطويلة الأجل.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}