ما مكاسب الشركات العالمية مثل "آبل" و"سوني" من الاستثمار في الطاقة المتجددة؟

أعلنت شركة "آبل" في أبريل/ نيسان من هذا العام، نجاحها في الوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسها قبل نحو 10 أعوام، بتشغيل جميع مقراتها على مستوى العالم بالطاقة المتجددة بشكل كامل، ويشمل هذا التعهد المقرات والمتاجر والمكاتب ومراكز البيانات ومتنزه "آبل".

ولم تكن "آبل" وحدها الشركة العالمية التي تأخذ على عاتقها مسؤولية المساهمة في خفض الانبعاثات الملوثة للبيئة نتيجة حرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء، فشركات مثل "جوجل" و"فيسبوك" و"مايكروسوفت" و"جولدمان ساكس" و"سوني" و"فوجيستو"، وغيرها العشرات، تعهدت باعتماد جميع منشآتها على الطاقة المتجددة بنسبة 100%.

قد يكون من المفهوم دور الشركات في هذا الصدد كنوع من المسؤولية المجتمعية التي تتحملها ونظرًا لمكانتها الريادية على الصعيد العالمي، لكن في الحقيقة، وعلى عكس المعتقد السائد، فإن التحول إلى الطاقة المتجددة يشكل مكسبًا كبيرًا لهذه الكيانات ويحمل في طياته فرصًا عظيمة للعلامات التجارية، خاصة أنه يخفض التكلفة عليها كثيرًا.

في الولايات المتحدة فقط هذا العام، سجلت الشركات الكبرى أمثال "جوجل" و"فيسبوك" و"إيه تي آند تي" مستوى قياسيًا من تبني الطاقة المتجددة بحلول أغسطس/ آب، وقبل 4 أشهر من نهاية السنة، وبحسب مركز "بزنس رينيوابلز سنتر"، أبرمت عشرات من تلك الشركات صفقات لتوليد 3.86 جيجاواط من الطاقة المتجددة (ما يكفي لتشغيل مليوني منزل).

مكاسب مادية

- أول وأهم مكاسب التحول إلى الطاقة المتجددة، هو خفض البصمة الكربونية للشركة، ومع توليد الشركة لاحتياجاتها من الطاقة المتجددة يمكنها خفض معدلات شراء الإمدادات النظيفة من الكهرباء وفقًا لقواعد خفض الانبعاث الكربوني في بعض البلدان، بحسب "التلغراف".

- علاوة على ذلك، فإن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة غير مكلف نسبيًا، ويضيف أقل من 1% إلى فواتير الكهرباء، وفقًا لشركة الأبحاث "باين آند كو"، والتي تقول إنه استثمار يحقق فوائد أكثر مما يكلف.

- هذا التحول يثبت أن الشركات تنخرط في الأنشطة الصديقة للبيئة، وهذه الأخبار لها أثر متزايد على الموظفين والعملاء، وغالبًا ما يشكل نظام الإمداد المستدام أساسًا لبرنامج آخر مهم للغاية بالنسبة للشركات، وهو توفير الطاقة.

- وفقًا لمؤسسة "كاربون تراست" فإن استثمار ما بين 1% إلى 2% من إنفاق الشركة على الطاقة في حملة تحث الموظفين على توفير الكهرباء، يمكنه بالفعل توفير ما يصل إلى 10% من فاتورة الطاقة الخاصة بالشركة بعد ذلك.

- على سبيل المثال، تقول شركة "يونيليفر" البريطانية إنها وفرت أكثر من 280 مليون جنيه إسترليني (359 مليون دولار) منذ عام 2008 وحتى 2017، بفضل اعتمادها على تدابير صديقة للبيئة، لذا تخطط لبلوغ نفس هدف "آبل" بالاعتماد كليًا على الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

- في مثال آخر، أظهر تقرير الاستدامة لعام 2015 الصادر عن شركة "إيكيا"، أنها تمكنت من توفير 133 مليون يورو (151 مليون دولار) عبر معايير كفاءة الطاقة منذ عام 2010.

- مكاسب الاستثمار في الطاقة المتجددة تظهر على المدى الطويل، فبحسب موقع "كونزرف إنرجي فيوتشر"، يشكل هذا النمط من الطاقة حصنًا ضد الارتفاع الكبير في تكاليف الموارد التقليدية مثل النفط والغاز، والذي عادة ما يحدث عند انخفاض الإمدادات أو زيادة الطلب، وهو ما قد يدفع الشركات إلى إنفاق المزيد لتأمين الحصول على الكهرباء.

الاستقلال.. ومكاسب أخرى غير مباشرة

- من بين أهم المكاسب الأخرى لهذا الاستثمار، أنه يظهر العلامة التجارية ككيان يهتم بشأن العملاء والمجتمع ومصلحتهم، وهو ما قد يكون أكثر أهمية من مجرد تزويدهم بأفضل المنتجات والخدمات، إذ يزيد ذلك من الشعبية العامة للعلامة والتعاطف معها.

- علاوة على المكاسب المالية، فإن التحول إلى الطاقة المتجددة يضمن استقلال الطاقة للبلدان، ويساعدها على تقليل حجم الواردات من النفط  والفحم والغاز، بحسب تقرير للموقع الرسمي لشركة تجزئة الطاقة الأمريكية "آي جي إس إنرجي".

- هذه أيضًا طريقة أخرى لتوفير نفقات البلدان في التجارة الخارجية وتقليص عجز الميزان التجاري، لا سيما أن الشركات تشكل جزءًا كبيرًا من استهلاك الطاقة، يصل في المملكة المتحدة على سبيل المثال إلى 56% من إجمالي استهلاك البلاد.

- الشركات أيضًا ترغب في تحقيق استقلال الطاقة، وهو ما أكدته "إيكيا" في تقريرها لعام 2015 عندما قالت: نتحول إلى الطاقة المتجددة لأننا نرغب في أن نكون مستقلين في هذا الجانب.

- أفادت بيانات صانعة الأثاث بأن 76% من استهلاك متاجرها للطاقة في المملكة المتحدة وآيرلندا جاء من مصادر متجددة، فعلى سبيل المثال، غطت الألواح الشمسية أسطح عدد من المتاجر إضافة إلى إمدادات الكهرباء التي وفرتها مزرعتان لطاقة الرياح تمتلكهما الشركة.

- انخراط الشركات في الاستثمار بمجال الطاقة الكهربائية، ربما يأتي في بعض الأماكن بدافع من التعاون مع الحكومات في تعزيز الاقتصاد وخلق الوظائف، وهو أمر مبني على مبدأ المصلحة المتبادلة، فزيادة الوظائف ينعش الاقتصاد، وإنعاش الوضع الاقتصادي، ينعكس إيجابيًا على الشركات بطبيعة الحال.

- اختيار الشركات التحول نحو نماذج الطاقة المتجددة يشجع النمو في هذه الصناعة ويوفر المزيد من الوظائف بها، والأهم في الأمر أن توليد الطاقة الشمسية والكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية يحتاج يد عاملة أكثر من الوقود الأحفوري التقليدي.

- وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فإن الطاقة الخضراء كانت توظف 7.7 مليون شخص حول العام في عام 2014، بارتفاع نسبته 18% عن عام 2013، ومن المتوقع بلوغ هذا العدد 16 مليون شخص بحلول عام 2030.