ماذا يحمل الذكاء الاصطناعي لمستقبل البشر؟

يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي إلى سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. ومن أهم هذه الخصائص القدرة على التعلم والاستنتاج، والتفاعلية بين البشر والبرامج والحواسيب، بالاعتماد على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، بما يمنحها القدرة على التعلم وتطوير نفسها ذاتيًا دون تدخل الإنسان.

مظاهر الذكاء الاصطناعي
 

تتعدد مظاهر الذكاء الاصطناعي، لتشمل تقنية "التعلم العميق"، والتعرف على الوجوه أثناء التصوير، واختيار المحتوى المناسب وعرضه للمستخدم على صفحات الأخبار.
 

واعتمد موقع "فيسبوك" على تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم المساعد الشخصي الرقمي التابع لفيسبوك "إم"، الذي يجيب على أسئلة المستخدمين مثل تحديد مكان أقرب مطعم.
 

وليست شركة "فيسبوك" وحدها من قامت بتطوير المساعد الشخصي، فقد سبقها إلى ذلك شركة "آبل" بمساعدها الرقمي الشخصي "سيري"، و"جوجل ناو" الخاص لأنظمة "آندرويد"، و"إس فويس" لأجهزة سامسونج، وأطلقت "مايكروسوفت" "كورتانا".
 

كما ساعدت هذه التقنية شركة "جوجل" على تطوير خدماتها بشكل كبير، فبفضلها أصبح بإمكان جوالات أندرويد فهم أوامر مستخدميها، والترجمة الفورية للعبارات المكتوبة بلغة أجنبية على اللافتات في الطرقات.

وقد يتطور الذكاء الاصطناعي حتى لا يحاكي طريقة عمل الدماغ البشري فحسب، بل قد يتجاوزها "أحيانا"، مثلما حدث حين هزم حاسوب جوجل "ديب مايند" بطل العالم في لعبة الشطرنج الصينية "غو"، وقد استسلم اللاعب "لي سيدول" بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة، إذ تأكد أن الحاسوب قد سيطر على الوضع كليًا، قائلاً إن الحاسوب قام بتحركات لا يمكن لأي عقل بشري أن يقوم بها.

الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة
 

صار مصطلح البيانات الضخمة متداولاً كثيرًا في الفترة الأخيرة، ويشير إلى مجموعة البيانات الضخمة جداً والمعقدة لدرجة أنه يُصبح من الصعب معالجتها باستخدام أداة واحدة فقط من أدوات إدارة قواعد البيانات، أو باستخدام تطبيقات معالجة البيانات التقليدية.
 

وتُستخدم البيانات الضخمة في تحديد القرارات المصيرية للشركات الكبرى، أو لتحديد خطط العمل لعملية التشغيل نفسها، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل تلك البيانات بهدف اتخاذ القرارات بشكل أسرع 5 مرات.
 

ويُتوقع أن يكون هناك نقص عالمي يُقدر بـ 1.5  مليون خبير من المتخصصين في هذه البيانات بحلول عام 2018.
 

وتقول شركة "آي بي إم" لتطوير الحواسيب، إننا ننتج 2.5 كوينتيليون بايت من البيانات يوميًا من مصادر مختلفة، ففي كل مرة ننشر شيئًا على مواقع التواصل الاجتماعي، أو نستخدم خاصية تحديد المواقع على جوالاتنا، أو نلتقط صورة أو مقطع فيديو باستخدام جهاز رقمي، تنتج بيانات يُشار إليها بالبيانات الضخمة.
 

وتوضح الإحصاءات أن البيانات الضخمة تنمو بشكل سريع وملحوظ بمعدل سنوي يبلغ 40%، فيما تشير التوقعات إلى إنتاج البيانات سوف يتضاعف بنسبة 44% في عام 2020 أكثر مما كان عليه في عام 2009، ويوضح الجدول التالي مقارنة بين نمو البيانات منذ عام 2008 وحتى عام 2020:
 

بينما يوضح الجدول التالي حجم الإنفاق المتوقع على البيانات الضخمة خلال عشر سنوات والذي من المنتظر أن يقفز إلى 9.83 مليار دولار في 2020.

وتتوقع دراسة أعدتها شركة "بيتر بايز" Better buys الأمريكية، والمتخصصة في تطوير حلول ذكية للشركات؛ أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي المرتبط بتحليل البيانات بنحو 20 مليار دولار بحلول عام 2019.

ويعتقد 85% من قادة الأعمال أن البيانات الضخمة سوف تغير طريقة العمل بشكل كبير.
 

 ومن المتوقع أن يستخدم أكثر من 50% من محللي البيانات في المنظمات والشركات أدوات التطوير الذاتي بحلول عام 2017، بينما تخطط 42% من الشركات لنشر الذكاء الاصطناعي للهواتف، ومن المتوقع أن توظف 90% من المنظمات الكبرى مديرين تنفيذيين للبيانات بحلول عام 2019.

بين الحاضر والمستقبل
 

يرى الباحث المتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي لدى شركة "جوجل" وجامعة تورنتو "جيوفري هينتون"، أن الآلات ستوازي الإنسان ذكاءً خلال خمسة أعوام من الآن.
 

ويرى "سوندار بيشاي" المدير العام لشركة "جوجل" أن عصر الجوالات الذكية اقترب من نهايته، ليُستبدل بالذكاء الاصطناعي، الذي يتيح الوصول الفوري إلى المعلومات الضرورية.
 

بينما يرى مؤسس "فيسبوك" ورئيسها التنفيذي "مارك زوكربيرج" أن الأجهزة ذات الذكاء الاصطناعي، ستستطيع يوما ما أن تتمتع بالحواس الإنسانية، مثل الرؤية والشعور أكثر من البشر أنفسهم.
 

وطور مهندس البرمجيات "بيندر أرمان" روبوتًا جديدًا يمكنه الرسم بشكل دقيق والعمل على لوحات فنية مبهرة، والذي تمكن بالتدريب المستمر من رسم لوحة فنية للملكة إليزابيث.
 

وأعلنت شركة "مومنتم ماشينز" Momentum Machines افتتاح أول مطعم فى "سان فرانسيسكو" يستعين بروبوت متطور لإعداد البرجر بكفاءة وسرعة فائقة، إذ يمكنه إعداد 400 قطعة برجر خلال ساعة واحدة والقيام بمهام ثلاثة عمال.
 

كما طور مجموعة من الباحثين روبوتًا جديدًا يساعد أطفال مرضى السكر فى التعايش مع مرضهم، ويمكنه بسهولة قياس معدل السكر فى الدم ومادة الكربوهيدرات فى الوجبات المختلفة، مما يساعد فى إنقاذ حياة الأطفال وحمايتهم من الأضرار التى يتعرضون لها نتيجة إصابتهم بهذا المرض.

مخاوف تتعلق بمستقبل الذكاء الاصطناعي
 

أشار عالم الفيزياء الشهير "ستيفن هوكينغ" في ديسمبر عام 2014 إلى أن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لفناء الجنس البشري، محذرًا من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتيا.
 

كما أعلن المؤسس والرئيس السابق لشركة "مايكروسوفت" "بيل غيتس" العام الماضي، رغبته في بقاء الروبوتات "غبية" إلى حد ما، وقال: "أنا في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق".
 

وقد وصف المخترع والمستثمر الأميركي "إيلون ماسك" العام الماضي الذكاء الاصطناعي بأنه من أعظم المخاطر التي تهدد الوجود البشري، كما شبه تطوير الآلات الذكية "باستحضار الشيطان".
 

ويستثمر "ماسك" (مؤسس"تيسلا" ، و"سبيس إكس") وغيره ملايين الدولارات في أبحاث لاكتشاف المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، وكيفية التعامل معها.