مفاجآت سارة في انتظار قطاع الطيران خلال 2025 .. أبرزها إيرادات تتجاوز تريليون دولار

رغم أن العالم ودّع العام المنصرم بكارثتين في قطاع الطيران، إحداهما في أذربيجان والأخرى في كوريا الجنوبية، ما أسفر عن في وفاة العشرات، إلا أن سنة 2025 قد تحمل آفاقًا جديدة لهذا القطاع الحيوي.

ومن المتوقع أن يشهد عالم الطيران تغيّرات مؤثرة في عام 2025، تشمل إدخال طائرات جديدة، وتدشين مسارات جوية جديدة، بالإضافة إلى توسّع القطاع في تبني الوقود المستدام ما يصب في مصلحة البيئة.

تلك التغيرات جعلت اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) يتوقع أن تُحقق صناعة الطيران إيرادات تتجاوز تريليون دولار في عام 2025، بالإضافة إلى تسجيل أعداد قياسية من الركاب، برغم تحذير رئيسه "ويلي والش" الشهر الماضي من صعوبات "غير مقبولة" في توفير طائرات جديدة.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

وأظهر قطاع الطيران مرونة كبيرة في التعافي من الاضطرابات التي سبّبتها جائحة كوفيد-19، ومن المتوقع أن يتجاوز حجم حركة النقل الجوي العالمية في عام 2025 المستويات التي كانت عليها قبل الجائحة، مدفوعًا بانتعاش السفر الدولي وزيادة الطلب في الأسواق الناشئة. كما يُتوقع أن تقوم شركات الطيران منخفضة التكلفة بتوسيع شبكاتها، ما يجعل السفر الجوي متاحًا لملايين الأشخاص.

ومع ذلك، فإن التعافي يختلف من منطقة لأخرى؛ حيث تشهد مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ نموًا أسرع بفضل الأسواق المحلية القوية، بينما تواجه مناطق أخرى، خاصة أوروبا، قيودًا تنظيمية وتحديات تشغيلية.

ويُعد قطاع الطيران ركيزة أساسية للاتصال العالمي والنمو الاقتصادي، ورغم من التحديات التي واجهها في السنوات الأخيرة، فإن القطاع يتكيف ويتطور لتلبية تغيرات طلبات المستهلكين، والتقدم التكنولوجي، والاعتبارات البيئية.

أحداث ينتظرها قطاع الطيران العام الجاري

من المقرر أن يشهد قطاع الطيران العديد من الأحداث البارزة خلال العام الجاري ومن بينها انضمام طائرة إيرباص إيه 321 إكس إل آر إلى الأساطيل الجوية في عام 2025، ما سيمكن شركات الطيران من تشغيل رحلات طويلة المدى بكفاءة أكبر.

وستتيح هذه الطائرة ربط مدن لم تكن متصلة سابقًا، مما يوسّع خيارات السفر للمسافرين.

وفي سبتمبر الماضي، أعلنت شركة دلتا للطيران -ثاني أكبر شركة طيران في العالم من حيث حجم الأسطول- عن صيف قياسي في عام 2025، مع أكبر عدد من المسارات عبر الأطلسي في تاريخها.

ووفقًا لخططها المعلنة فأن الشركة ستشغل 700 رحلة أسبوعية عبر المحيط، إلى 33 وجهة أوروبية في ذروة موسم السفر، وستشمل مساراتها الجديدة رحلات بين أتلانتا وبروكسل، ونيويورك وصقلية، ومينيابوليس إلى كوبنهاجن وروما وغيرها من الوجهات.

وفي الوقت نفسه ستطلق شركة يونايتد إيرلاينز -أكبر شركة طيران في العالم- أكبر جدول رحلات عبر الأطلسي على الإطلاق، مع رحلات جديدة إلى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان وكرواتيا.

وبمجرد بدء هذه المسارات في مايو 2025، ستبلغ خدمة يونايتد عبر الأطلسي 760 رحلة أسبوعية إلى أكثر من 40 وجهة.

وفي مناطق أخرى من العالم، أعلنت شركة الاتحاد للطيران الإماراتية إضافة 10 وجهات جديدة لعام 2025، بما في ذلك رحلات بين أبو ظبي وأتلانتا، حيث ستسير أربع رحلات أسبوعيًا بدءًا من يوليو المقبل.

كما ستبدأ شركة الطيران الهولندية في الطيران بين أمستردام وسان دييجو في الولايات المتحدة، حيث ستسير ثلاث رحلات أسبوعيًا بدءًا من مايو المقبل.

وخلال العام الحالي أيضًا، من المتوقع أن تبدأ شركة طيران الرياض رحلاتها التجارية بعد أن أطلقت أولى رحلاتها التجريبية في شهر سبتمبر الماضي.

وذكرت الشركة حينها في حسابها على منصة إكس، أن هذه الإجراءات جاءت استعدادا لبدء العمليات التشغيلية الرسمية في عام 2025.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة طيران الرياض توني دوجلاس في وقت سابق من العام الماضي، إن الشركة تعمل مع مصنعي الطائرات بوينغ وإيرباص بشكل قريب، للتأكد من انطلاق رحلاتها في صيف عام 2025 كما هو مخطط له.

وحسب خططها المعلنة، تهدف شركة طيران الرياض لإطلاق رحلات تصل لأكثر من 100 وجهةٍ حول العالم بحلول عام 2030، كما أعلنت بعد تأسيسها أول طلباتها لأسطول الطائرات عبر شراء 72 طائرة بوينج دريملاينر من طراز 787-9.

أخبار سارة قد تكون في الطريق

ومن بين الأخبار السارة المتوقع أن يشهدها قطاع الطيران في 2025، بدء شركة "كانتاس" بيع تذاكر أطول رحلة طيران مباشرة في العالم بين سيدني ولندن بحلول نهاية العام.

ورغم أن فتح باب الحجز سيكون متاحًا في نهاية العام، إلا أن الرحلات الفعلية لن تبدأ بين المدينتين حتى النصف الثاني من 2026.

أيضًا من المقرر أن تعيد إيرباص النظر في قرارها السابق بإيقاف إنتاج طائراتها من طراز إيه 380 والذي اتخذته في 2020، مع زيادة الطلب الحالي على الطائرات ذات السعة العالية.

وتشير بعض التقارير إلى أن إيرباص قد تعيد التفكير في إنتاج نسخة جديدة بتحديثات تشمل محركات أكثر كفاءة وانبعاثات أقل.

تلك الأنباء قد تخفف من وطأة التأخيرات التي تواجهها شركات الطيران من قبل عملاقتي صناعة الطائرات بيونج وإيرباص والتي أجبرت تلك الشركات على تأجيل خطط توسعها.

قد يشهد عام 2025 أيضًا انفراجة في الحرب الدائرة في أوكرانيا مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكرسي الرئاسة والذي تعهد مررًا بإنهاء الصراع الدائر هناك في حال وصوله للبيت الأبيض.

إذا تحقق ذلك، فقد يعاد فتح المجال الجوي الروسي، وهو ما سيخفف الأعباء على الشركات الأوروبية التي تعاني منافسة غير عادلة مع شركات الطيران الصينية والهندية والتركية التي تستفيد من المسارات الأقصر.

كما أنه من المتوقع أن تستفيد شركات الطيران من انخفاض أسعار النفط الخام، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض أسعار وقود الطائرات.

ويعد الوقود هو أكبر عنصر تكلفة لشركات الطيران، حيث يمثل 30% من إجمالي تكاليف التشغيل بالنسبة لتلك الشركات.

أيضاً أنصار الحفاظ على البيئة قد يحمل عام 2025 بادرة أمل لهم، إذ يُتوقع ارتفاع الطلب على وقود الطيران المستدام بشكل كبير خاصة في أوروبا، ومن المقرر زيادة استهلاكه في العام الحالي بنسبة 216% ليصل إلى 1.9 مليون طن متري.

هذا التوجه يأتي في إطار الجهود المبذولة للحد من البصمة الكربونية لقطاع الطيران، الذي يعتمد بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري وينتج كميات كبيرة من الانبعاثات الكربونية.

نمو قطاع الطيران والتحديات

تشير التوقعات إلى أن عام 2025 سيشهد نموًا قويًا في قطاع الطيران، مع توقع وصول عدد الركاب إلى 5.2 مليار، ما يمثل زيادة بنسبة 6.2% مقارنة بالعام السابق، هذا النمو يعكس تعافي القطاع وعودة مستويات السفر إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.
 

وتوقع صافي ربح على مستوى الصناعة يبلغ 36.6 مليار دولار في عام 2025، ارتفاعًا من 31.5 مليار دولار متوقعة في عام 2024.

يأتي ذلك بعد انهيار الصناعة وتسجيل خسارة قدرها 140 مليار دولار في عام 2020 نتيجة جائحة كوفيد-19.

ورغم التفاؤل بتعافي شركات الطيران بفضل انتعاش الطلب على السفر، إلا أنه لا تزال هناك تحديات تواجه هذا القطاع، على رأسها إعاقة نمو تلك الشركات بسبب تأخيرات تسليم الطائرات من قبل شركتي بوينج، وإيرباص.

وتقول شركات الطيران إنه بدون طائرات أحدث وأكثر كفاءة، لا يمكنها خفض تكاليف التشغيل.

وقال "ويلي والش" المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي إن الشركات المصنعة والموردين للطائرات الجديدة استفادوا من المشكلات التي تسببوا فيها، بعدما أدت التأخيرات إلى زيادة أسعار قطع الغيار، مما خلق ربحًا غير متوقع لهم على حساب شركات الطيران.

وخفضت إيرباص، أكبر شركة لصناعة الطائرات في العالم، أهداف التسليم في يوليو الماضي، كما أبطأت بوينج الإنتاج بسبب الإضراب والمشكلات التنظيمية التي لحقت بها في أعقاب التشكك بشأن إجراءات السلامة المتعلقة بطائراتها.

وفي يونيو من العام الماضي، طلبت شركات الطيران من اتحاد النقل الجوي الدولي إجراء محادثات مع شركات صناعة الطائرات للبحث عن حل لهذه المشكلة.

إلى جانب هذا التحدي، يواجه نمو قطاع الطيران انتقادات من الجماعات الداعمة للبيئة، والتي تقول إن زيادة أرباح للقطاع تأتي من خلال إضافة مزيد من الرحلات، وهو ما يتسبب في أضرار بيئية.

ويقول "مات فينش"، مدير السياسات في المملكة المتحدة لمجموعة المناصرة للنقل والبيئة، "إن زيادة عدد الطائرات في السماء سيؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات أكثر فأكثر، حتى لو كانت الطائرات أكثر كفاءة في استخدام الوقود".

فعلى سبيل المثال رحلة الطيران من مدينة نيويورك إلى طوكيو في اتجاه واحد تنتج في المتوسط، نحو 2 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فيما يبلغ متوسط البصمة الكربونية السنوية للفرد 5.9 طن.

وحتى الرحلات المتوسطة والقصيرة لها تأثير تراكمي كبير يتراوح ما بين 0.2 إلى 1.5 طن لكل رحلة.

وقد يسهم الوقود المستدام بشكل جزئي في حل هذا التحدي، لكن لا يزال أمام قطاع الطيران مزيد من الخطوات من أجل الوصول إلى ما يعرف بالحياد الكربوني أو الانبعاثات الصفرية خلال السنوات المقبلة.

المصادر: أرقام- سي إن إن- اتحاد النقل الجوي الدولي- منظمة الطيران المدني الدولي- رابطة مطارات العالم- فلايت كليب- منظمة الطيران العالمية- رويترز