مراجعة كتاب كيف يُمكن للاقتصاد أن ينقذ العالم؟

يشهد عالمنا اليوم حالة من الفوضى العارمة، حيث طغت أزمات التغيُّر المناخي، وتفاقم أوجه عدم المساواة، وانتشار الجوع، وعبء وتبعات الجائحة العالمية على أسلوب الحياة، وزادت من الانقسامات المجتمعية بشكل غير مسبوق.

- ولكن، قد يكون الاقتصاد جزءًا من الحل، ويقدم لنا الأدوات اللازمة لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجهنا.

- وبعيدًا عن كونه مجرد أداة للتنبؤ بحركة الأسواق أو وسيلة لتكديس الثروات، يعتبر الاقتصاد بمثابة العدسة التي نطل من خلالها لفهم العالم من حولنا بشكل أفضل، وصياغة حلول مبتكرة، وبناء مجتمعات مزدهرة.
 

- في هذا الكتاب المشوق، يأخذنا "إريك أنجنر"، الاقتصادي البارز وأستاذ الفلسفة العملية في جامعة ستوكهولم، في رحلة شيقة عبر عالم الاقتصاد، ويُظهر لنا كيف يستخدم هو وزملاؤه الاقتصاديون المعرفة الاقتصادية لتحسين حياة الناس.
 

- وبلمسة من التفاؤل، واعتمادًا على أمثلة واقعية من الحياة اليومية، يكشف لنا أن الاقتصاد يمكن أن يكون قوة دافعة نحو عالم أكثر عدالة واستدامة وسعادة.
 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

- يسعى أنجنر إلى أن يثبت في كتابه أن الاقتصاد ليس مجرد دراسة للأرقام والإحصائيات، بل هو علم يتبنى منهجية دقيقة في تحليل السلوك الاقتصادي للإنسان، مستخدمًا أدوات كمية نوعية مثل مقايضة السلع والخدمات لفهم التفاعلات المعقدة بين الأفراد والمجتمعات.
 

- يقدم الكتاب دراسة منهجية لموضوع الاقتصاد، ويُعد مرجعًا قيمًا للدارسين والباحثين في هذا المجال، كما أنه دليل عملي لمن يرغب في التخصص في هذ المجال.
 

- حيث يتناول "أنجنر"، من خلال تغطية مواضيع شتى، دور الاقتصاديين في معالجة أبرز التحديات العالمية، من قبيل تغيّر المناخ والفقر، وكيف أسهموا في إيجاد حلول مبتكرة لها.
 

دور الاقتصاد والاقتصاديين
 

- ويؤكد أنجنر على أن الاقتصاد ليس علماً دقيقاً كالفيزياء أو الكيمياء، بل هو علم اجتماعي يتعامل مع سلوك الأفراد والجماعات، وهو سلوك يتأثر بدوره بعوامل نفسية واجتماعية وثقافية متعددة.
 

- لذلك، فإن الاستنتاجات الاقتصادية غالباً ما تكون مبنية على بيانات غير كاملة أو غير دقيقة، مما يجعل عملية التحليل الاقتصادي أكثر تعقيداً وتحدياً.
 

- ولكن هذا لا يعني أن الاقتصاد ليس علماً، بل يعني أن عليه أن يتعامل مع تعقيدات الواقع البشري، لذلك، ليس كل من يدعي الخبرة في الاقتصاد يتمتع بالكفاءة العلمية اللازمة، فكما يوجد من يدعي القدرة على الشفاء دون أساس علمي، يوجد أيضاً من يدعي فهم الاقتصاد دون أن يمتلك الأدوات التحليلية المناسبة.
 

- ومع ذلك، فإن غالبية الاقتصاديين يسعون إلى بناء معرفة اقتصادية قوية من خلال البحث العلمي والتحليل النقدي.
 

- ولا يسعى "أنجنر" لتحويل الاقتصاديين إلى نجوم وتسليط الضوء عليهم، ولكنه يؤكد على أن الاقتصاديين لا يتمتعون بشعبية لأنهم يتحدثون عن ندرة الموارد وعواقب السياسات بطريقة قد تكون غير مستساغة.
 

أهمية البيانات
 

- على الجانب الآخر، يُبرز الكتاب تطورًا ملحوظًا في أساليب جمع البيانات وتحليلها، وكيف أصبحت هذه الأساليب متداخلة بشكل أكبر مع مختلف التخصصات.
 

- ومع ذلك، لا تزال العديد من القرارات المصيرية التي تؤثر على العالم مبنية على بيانات خاطئة، وهي حقيقة يعترف بها الاقتصاديون.
 

- وعند إعادة النظر في هذا الأمر، نجد أننا غالبًا ما ننشغل بمعالجة الأزمات الراهنة بشكل يمنعنا من التخطيط للمستقبل وتوقع التحديات المقبلة.
 

- فقبل ثمانينيات القرن العشرين، كانت قضايا مثل الفقر والتنمية تحتل الأولوية، وكان من الممكن تجاهل ندرة الموارد الطبيعية، لكن الواقع اليوم يختلف تمامًا، حيث أصبح الحفاظ على البيئة وتدبير الموارد أولوية قصوى.
 

الموارد وفاعلية الاقتصاد
 

- ويشدد "أنجنر" في كتابه على أننا نعيش على كوكب محدود الموارد، ومن يعتقد أن النمو يمكن أن يستمر إلى الأبد في بيئة محدودة إما أنه واهم أو اقتصادي لا يعي حقيقة الطبيعة.
 

- ويؤكد على أن الطبيعة هي أغلى أصولنا، وأن البشرية قد أساءت إدارة ثرواتها العالمية بشكل مأساوي، فاحتياجاتنا تفوق بكثير قدرة كوكبنا على توفير الموارد الحيوية التي نعتمد عليها جميعًا.
 

- في ختام هذا التقرير، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للاقتصاد أن يكون أداة فعالة لتحسين حياتنا ومواجهة التحديات الكبرى التي نواجهها؟
 

- يتضح لنا من خلال استكشاف هذا الكتاب أن الاقتصاد يتجاوز كونه مجرد علم للأرقام والتوقعات، ليصبح منهجًا شاملاً لتحليل وتحسين السلوكيات والتفاعلات البشرية.
 

- حيث يقدم البروفيسور "أنجنر" رؤية ملهمة حول كيفية تسخير الاقتصاد لبناء عالم أكثر عدلاً واستدامة، مما يجعلنا ندرك أن الاقتصاد قد يكون المفتاح لتحقيق مستقبل أفضل للجميع.

المصدر: جمعية مهندسي البترول