مايكل فيلبس .. الرياضي الأولمبي الأعظم الذي منح بلده مجدًا قد يَصعُب تكراره

كان لاعب ألعاب القوى الأمريكي "كارل لويس" أحد الأساطير الأولمبية بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث حقق 10 ميداليات (بينها 9 ذهبية)، فيما قدم العداء الجامايكي "يوسين بولت" أداءً خرافيًا وحصل على 8 ميداليات ذهبية واعتبر أسرع إنسان في التاريخ.

وفي حين يضم تاريخ الألعاب الأولمبية قائمة واسعة من اللاعبين المميزين من أصحاب الأرقام القياسية، سواء على صعيد المنافسات أو عدد الميداليات التي حصلوا عليها، لكن أيًّا من هؤلاء اللاعبين لا تضاهي إنجازاته ما حقق أسطورة السباحة الأمريكي "مايكل فيلبس".

ويعد "فيلبس" على نطاق واسع – ووفقًا لتعريف موقع اللجنة الأولمبية الدولية – أعظم رياضي أولمبي على الإطلاق نظرًا لمكاسبه وأرقامه القياسية في المنافسات وعدد الميداليات التي حصل عليها.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

أسطورة لا تضاهى

- ولد "فيلبس" في بالتيمور الأمريكية عام 1985، وبدأ في التعامل مع الرياضة بجدية بعد انضمامه إلى نادي "نورث بالتيمور" للرياضات المائية.

- ميدالياته الذهبية أكثر من ضعف عدد ميداليات أقرب منافسيه، وليس الأمر وكأن السباحين الآخرين قد جمعوا عددًا قليلًا من الميداليات أيضًا، ولكن ما حققه "فيليبس" كان استثنائيًا.

- حصل "مارك سبيتز" -واحد من أعظم السباحين في التاريخ- على 9 ذهبيات، وحصل "مات بيوندي" و"جيني طومسون" على 8 ذهبيات لكل منهما، فيما لم يتمكن أي سباح آخر في العالم من الحصول على أكثر من ست ميداليات ذهبية في المجمل.

- على مدى مسيرته الاستثنائية، صنف بعض مؤرخي الألعاب الأولمبية هذه الفترة باعتبارها "عصر مايكل فيلبس"، وامتدحوا الجينات الوراثية الفريدة من نوعها التي اعتبروها "السر" وراء نجاحه منقطع النظير.

عقلية فذة

- شارك الأمريكي في الأولمبياد لأول مرة خلال منافسات سيدني عام 2000، وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان أصغر مشارك في فريق الولايات المتحدة الأمريكية منذ 68 عامًا، كان أبرز إنجازاته آنذاك؛ المركز الخامس في سباق 200 متر فراشة.

- لكنه هيمن على الدورات التالية منذ ذلك الحين، حيث احتل المركز الأول فيها باعتباره أكثر تتويجًا بالميداليات، ولعل ذلك ليس غريبًا على شخص سن لنفسه قانونًا يقول: "لا يمكنك وضع حد لأي شيء، كلما زاد حلمك تقدمت أكثر".

- كان "فيليبس" أيضًا أول رياضي يفوز بثماني ميداليات ذهبية في دورة أوليمبية واحدة (في بكين عام 2008)، وهي أيضًا أكبر حصيلة ميداليات لأي رياضي في الأولمبياد، حيث فاز بجميع السباقات الثمانية التي شارك فيها وحطم الأرقام القياسية العالمية في 7 منها.

- تقاعد "فيليبس" (الذي تقدر ثروته بنحو 100 مليون دولار) بعد ذلك وهو الآن متزوج ولديه ثلاثة أبناء، ويعمل فيلبس لصالح مؤسسته الخيرية الخاصة، والتي تركز بشكل كبير على الصحة العقلية للأطفال.

أسرار التفوق

- كان "فيلبس" يتمتع بصفات جسمانية يراها البعض "نادرة"، مثل ذراعين أطول من المتوسط وقوة كاحلين أعطته ميزة استثنائية في الركل، إلى جانب إنتاج جسمه حمض لاكتيك (الذي يسبب التعب) أقل من الرياضي العادي، ورئة قوية أيضًا.

- من حيث الشكل الخارجي، وفيما يتعلق بطول الأطراف وعرض ووزن الجسم، كانت ساقا "فيليبس" تنتجان مقاومة أقل للماء مع كل ضربة منهما، وهذه أيضًا إحدى المميزات التي منحتهما التفوق، لكن هذا لا يقلل من جهده في شيء.

- لم يستيقظ "مايكل فيلبس" ذات يوم ليجد 28 ميدالية أولمبية في معرض بطولاته، وإلى جانب التدريب الدؤوب، كانت عقليته تدفعه دومًا للبحث عن النجاح، ولم تثبط عزيمته عقبة أو ينتابه الشك في قدراته على تحقيق ما بدا لغيره "مستحيلًا".

- في يوليو عام 2021، قال الرياضي الأمريكي إن هذا الإرث استغرق سنوات من التفاني والأهداف القصيرة والطويلة الأجل والمثابرة للتغلب على العقبات والقدرة على الحلم الكبير، وأكد ضرورة إعطاء الأولوية للصحة العقلية في الرياضة.

- قال "فيلبس": "أعتقد أنه من المهم أن يكون لديك حلم لأن هذا ما سيقودك ويساعدك ويحفزك على الخروج من السرير كل يوم، وكانت لدي أحلام بالفعل أن أكون سباحًا أولمبيًا وحاملًا للرقم القياسي العالمي".

- كان "فيلبس" أيضًا قادرًا منذ صغره على تحويل المِحن إلى منح، إذ يذكر في كتبه أنه تعرض للتنمر في المدرسة بسبب أذنيه الكبيرتين ونحافته، كما شُخّص في وقت مبكر بالإصابة باضطراب "نقص الانتباه وفرط الحركة".

- كان يتكلم بسرعة كبيرة ولا ينظر في أعين الناس أثناء التحدث، وقالت معلمته إنه "لن يتمكن أبدًا من التركيز على أي شيء"، ومع ذلك، عندما اصطحبته أسرته للسباحة في النادي المحلي شعر بأنه "لا يرغب في مغادرة المسبح أبدًا"، ومن هنا بدأت أسطورته.

القوة والتأثير خارج الرياضة

- تقوم فكرة الألعاب الأولمبية على مبدأ توجيه المنافسة الدولية من خلال التفوق الرياضي (بدلًا من الحروب)، حيث يمكن للدول إثبات براعتها من خلال الفوز بالبطولات المختلفة، ولعل ذلك يفسر أحد أسباب الاهتمام الجماهيري والاستثمار الرائج في الرياضة الآن.

- يؤثر الرياضيون الناجحون أمثال "فيلبس" على المجتمعات بأشكال إيجابية مختلفة، وبشكل أساسي فإن الترويج المباشر وغير المباشر للرياضة يدعم الصحة البدنية، ما يجعله أحد المكاسب الرئيسية، علاوة على قدرة الرياضيين في زيادة الوعي والحث على التغيير.

- كما أنهم يعززون الإيمان والتمسك بالقيم والثقافة الشعبية عبر الألعاب المختلفة، إلى جانب تعزيز الروابط الاجتماعية على المستوى المحلي وبين الأمم، بالإضافة إلى إلهام وتحفيز الشباب للنجاح في مجالات الحياة الأخرى.

- على سبيل المثال، كان "فيلبس" أحد أبرز الرياضيين الملهمين للشباب وقصته تدعو للمثابرة وتحدي الصعاب، كما لفت الانتباه إلى تأثير الأمراض العقلية والضغوط النفسية على الرياضيين وغيرهم، ولعل تجربته الشخصية كانت دافعاً رئيسياً في ذلك.

- في شهادته أمام الكونجرس في يونيو، اتهم "فيليبس" الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، بتطبيق القواعد بشكل غير متسق، وقال إن رياضيي روسيا والصين يسمح لهم بتجنب التدابير الصارمة، وبغض النظر عن حقيقة الأمر، فإن التصريح يبدو كأحد استخدامات واشنطن لأسلحتها الناعمة.

المصادر: أرقام- اللجنة الأولمبية الدولية- موسوعة المعلومات البريطانية "بريتانيكا"- واشنطن بوست- موقع منظمة "آندرستود- Understood"- موقع بايوجرافي- ميديم- ماركا- سي إن إن- هيرالد نت