كيف ساهمت المنافسة في تحويل شركة ناشئة لأخرى رائدة بقيمة 1.5 مليار دولار؟

ساعدت العقلية التي تعامل بها المستثمر الأمريكي "مايكل كيربان" مع التهديدات التنافسية التي واجهتها شركته الناشئة لإنتاج مياه جوز الهند "فيتا كوكو - Vita Coco" في تحويلها من شركة صغيرة ناشئة، إلى أحد أهم رواد هذه الصناعة بقيمة تجاوزت 1.5 مليار دولار في غضون قرابة 20 عاماً فقط.

هذه العقلية تتثمثل في تقبل المنافسة، وتحويلها إلى حافز لدفع أعمال الشركة نحو التقدم، ويلخص "كيربان" استراتيجيته للنجاح في عبارة "أحضر لي بعض المنافسة الشرسة، وتحداني للتغلب عليها".

وقال "كيربان" الشريك المؤسس، والرئيس التنفيذي لدى "فيتا كوكو" في لقاء مع شبكة "سي إن بي سي"، إن العقلية التي تعامل بها منذ تأسيس شركته، والتي تم ترسيخها كمبدأ ثابت، وسمة مميزة لشركته هي بذل كافة الجهود اللازمة للفوز على المنافسين ممن يراهنون على فشله، مضيفاً أنه ليس من النوع الذي يفضل تحقيق الانتصارات بأي ثمن، لكنه يُصر على تنفيذ الأمور التي يشرع في القيام بها على أكمل وجه. 

وأضاف "كيربان" أن المرة الأولى التي عرف فيها بوجود شركة "زيكو – Zico" التي كانت المنافسة المباشرة لشركته، وتأسست معها في نفس العام في 2004، كانت أثناء تجواله في شوارع مدينة نيويورك حاملاً عينات من "فيتا كوكو" على ظهره، ثم دخل إلى أحد متاجر سلسلة "جي إن سي" لعرض منتجه، ليتفاجأ برفض صاحب المتجر شراء أي شيء منه لأنه اشترى لتوه ماء جوز الهند من مندوب شركة "زيكو".

وتلك هي اللحظة التي اشتعلت فيها المنافسة في نفس "كيربان"، وأردف:  قُلت لنفسي يجب أن أذهب إلى خمسة متاجر أخرى قبل أن يصل إليها هذا الرجل، وكان الأمر فوريًا، وأدركت أنها ستكون منافسة.

وانخرطت العلامتان التجاريتان في معركة محتدمة استمرت لسنوات، وشهدت اتباع الشركتين بعض الممارسات التي لا تتسم بالنزاهة، تنوعت بين خفض أسعار بعضهما البعض، وحتى سحب منتجات المنافس من المتاجر وإخفائها في مستودعات، لكن "كيربان" أكد مازحاً خلال اللقاء عدم ارتكاب أي أفعال غير قانونية.

واشتدت المنافسة بين الشركتين في عام 2009 عندما تقدمت "كوكاكولا" لشراء 20% في "زيكو"، لتمنحها فرصة لدعم أعمالها التجارية حول العالم، وإيرادات بمليارات الدولارات، ثم استحوذت الأولى على الشركة بالكامل بعد أربع سنوات فقط.

وأوضح "كيربان" أن الأمر كان بمثابة صدمة له، لكنه تغلب على مخاوفه وأفسح المجال لإصراره على محاربة كلا المنافسين على حد سواء، ليشرع في تحليل الصفقة من وجهة نظر شركته، وكانت خطورة الصفقة من وجهة نظر "فيتا كوكو" تتمثل في استفادة "زيكو" من شبكة التوزيع الضخمة لدى "كوكاكولا"، أما المميزات فهي احتمال أن تضيع منافسته بين العلامات التجارية الواقعة تحت مظلة "كوكاكولا" إذا ما قررت الأخيرة تخصيص موارد أكثر لمنتجاتها الرئيسية على حساب شركة ماء جوز الهند.

وكان الحل الأمثل من وجهة نظر تنافسية هي العثور على شريك يضاهي "كوكاكولا" ولكن مع الحفاظ على حصة الأغلبية في أسهم "فيتا كوكو"، وبالفعل وقعت الشركة صفقة توزيع مع "كيوريج دكتور بيبر" عام 2010، واحتفظ "كيربان" وشريكه "إيرا ليران" بحصة الأغلبية من الأسهم خلال جولة جمع التمويلات التي تمت في نفس العام.

وطُرحت "فيتا كوكو" للاكتتاب العام في سنة 2021، وتسيطر الآن على قرابة 50% من سوق منتجات ماء جوز الهند في الولايات المتحدة وفق الإقرارات الخاصة بالشركة لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات، بينما صحت توقعات "كيربان" بشأن الشركة المنافسة، حيث أعرب "مارك رامبولا" مؤسس "زيكو" عن أسفه حيال الشراكة مع "كوكاكولا"، ليعيد شراء شركته في نفس العام.

وشدد "كيربان" خلال اللقاء على أن ما أطلق عليه "حروب ماء جوز الهند" لم تصل أبداً إلى مستوى المنافسة الشرسة التي ما إذا تم تجاوز حدودها، فقد يرتكب الناس أفعالاً غير أخلاقية، وأوضح أن الممارسات التي اتبعتها الشركتان كانت بمثابة آثار جانبية غير ضارة للمنافسة.

المصدر: سي إن بي سي