تعافي خدمات مايكروسوفت السحابية يتفوق على أمازون وغوغل

تتفوق "مايكروسوفت" على "أمازون" و"غوغل"، أكبر منافسيها، في سباق التعافي من تراجع الإنفاق على الحوسبة السحابية الذي طال لعامين.
 

ارتفعت مبيعات الخدمات السحابية "مايكروسوفت أزور" (Microsoft Azure) بنسبة 29% خلال الفصل المنتهي، بوتيرة أسرع من توقعات المحللين، مدفوعةً إلى حد ما باهتمام العملاء من الشركات بمنتجات الذكاء الاصطناعي الجديدة.
 

وفي تقرير "ألفابت"، مالكة "غوغل"، عن الفترة نفسها الذي صدر في اليوم ذاته بوقت سابق هذا الأسبوع، استخدمت الشركة نبرة أكثر تواضعاً، وقالت إن عملاء الخدمات السحابية ما زالوا في وضع خفض التكلفة.

ويوم الخميس، كانت صورة إيرادات "أمازون" من الخدمات السحابية متخبطة، إذ جاءت المبيعات أدنى من التوقعات بقدر طفيف، وتجاوز الدخل التشغيلي تكهنات المحللين.

أما "مايكروسوفت"، صاحبة المركز الثاني في السوق بعد "أمازون" وقبل "غوغل"، فأشارت إلى أنها اقتنصت حصة في سوق الخدمات السحابية من المنافسين، لكنها لم تسمهم.
 

شركات البرمجيات تسعى للكفاءة
 

بعد موجة الاستثمار خلال الجائحة، أمضت الشركات أغلب عامي 2022 و2023 في ما أطلقت عليه كبرى شركات البرمجيات مجازاً "تحقيق الاستفادة المُثلى"، أي استخدام أفضل للخدمات التي يدفعون مقابلها، والبحث عن أوجه يمكن التوفير فيها. وهذا يعني أن أكبر مقدمي الخدمات السحابية يتنافسون على الفوز بعقود كبيرة في بيئة تتسم بتحديات متزايدة، ما قادهم إلى البحث عن سبل لجذب الشركات، ومنها عرض إدماج أحدث المنتجات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التي تعد بزيادة الكفاءة.
 

قال ستيفان سلوينسكي، المحلل بشركة "إكسان" (Exane) التابعة لـ"بي إن بي باريبا" (BNP Paribas): "العالم سيعوّل على نقل أعباء العمل إلى المنصات السحابية بوتيرة أسرع. يتخذ الرؤساء التنفيذيون هذا القرار اعتماداً على الحدس.. وما زالوا حذرين في الفترة الحالية".
 

سباق على اقتناص العملاء عبر الذكاء الاصطناعي
 

الاهتمام الجديد بتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتشغيلها أثّر بالتأكيد على قرارات المؤسسات في الآونة الأخيرة حول اختيار أي شريك للخدمات السحابية سيتعاقدون معه. تقدم "مايكروسوفت" طرقاً للعمل باستخدام عدد من أدوات الذكاء الاصطناعي، واكتسبت صيتاً بصفتها رائدة في المجال الوليد نظراً لشراكتها مع "أوبن إيه آي" (OpenAI)، التي طورت برنامج "تشات جي بي تي" الرائج لإنتاج المحتوى. ساعد هذا التحالف على زيادة العملاء الجدد، بحسب "مايكروسوفت"، فجذبت خدمة اسمها "أزور أوبن إيه آي"، تمكّن عملاء منصة "مايكروسوفت" السحابية من استخدام تكنولوجيا الشركة الناشئة في تطبيقاتهم، أكثر من 18 ألف عميل، ارتفاعاً من 11 ألفاً.

كما استثمرت الشركة أيضاً 13 مليار دولار في "أوبن إيه آي" بصفتها مقدمة الخدمات السحابية، وبذلك ستستفيد "مايكروسوفت" أيضاً من تزايد حاجة الشركة للقدرة الحاسوبية.
 

أما "أمازون"، فتسعى إلى جذب العملاء عبر قائمة تضم خيارات مختلفة، إلى جانب الشراكة مع "أنثروبيك" (Anthropic)، مُطورة الذكاء الاصطناعي، التي تطور روبوت المحادثة "كلود" (Claude).

وقالت "غوغل"، إنها خيار مفضل بين الشركات الكبرى وشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة على حد سواء، إذ قال الرئيس التنفيذي، سوندار بيتشاي، في مؤتمر عبر الهاتف، أن أكثر من 60% من أكبر ألف شركة في العالم عملاء بالفعل لخدمات "غوغل" السحابية، إلى جانب أكثر من نصف شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي المُمولة بشكل كامل.
 

أطلع الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون"، أندي جاسي، المحللين في اجتماع إعلان نتائج أعمال عملاقة التجارة الإلكترونية يوم الخميس، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل فرصة "بمليارات الدولارات" لـ"أمازون ويب سيرفيسز" (Amazon Web Services)، وحدة الخدمات السحابية بالشركة والتي أدارها خلال منصبه السابق. زادت إيرادات الوحدة 12%، بالمعدل ذاته تقريباً في الفصل السابق. لكن الدخل التشغيلي تجاوز توقعات المحللين بنحو 1.3 مليار دولار، ليرفع هامش الربح التشغيلي لوحدة الخدمات السحابية -الذي عادة ما يمثل كل أرباح الشركة- إلى أعلى مستوياته منذ الفصل الأول من 2022.
 

قفزة في مبيعات "أزور"
 

في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين، قال المدير المالي لشركة "أمازون"، برايان أولسافسكي، إن الشركات ما تزال في مرحلة "تحقيق الاستفادة المُثلى"، لكن الوتيرة "بدأت تتباطأ"، وإن بعض الشركات تقدم تعهدات جديدة لـ"أمازون ويب سيرفيسز" أو يستأنفون مشروعات أوقفوها مؤقتاً في وقت سابق.

وفي مكالمة لاحقة مع المحللين، قالت الشركة إنها أبرمت عديداً من الصفقات الجديدة مع العملاء في أواخر الفصل الثالث، ولن تنعكس على الإيرادات حتى نهاية الفترة الحالية. ودفعت التصريحات أسهم "أمازون" للارتفاع في التعاملات المتأخرة يوم الخميس.
 

وبالنسبة لـ"مايكروسوفت"، قفزت مبيعات خدمات "أزور" السحابية بنسبة 29% ، مقارنة بـ26% في الفصل السابق، لترفع سهم الشركة في بورصة نيويورك خلال تعاملات اليوم التالي.

وقالت المديرة المالية، إيمي هود، إنه بينما تشابهت "اتجاهات تحقيق الاستفادة المُثلى" مع وضعها في الفصل السابق، تجاوز الاستهلاك- وهو مقياس لحجم خدمات "أزور" المستخدمة- التوقعات، ليرتفع عدد عقود خدمات "أزور" و"أوفيس" السحابية التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار.
 

مبيعات "غوغل كلاود" أدنى من التوقعات
 

أما وحدة الخدمات السحابية لشركة "غوغل"، والتي تشمل نوعي خدمات البنية التحتية اللذين يمثلان جزءاً من نشاط "أزور" و"أمازون ويب سيرفيسز"، مُضاف إليها نتائج من برنامج الإنتاجية، فشهدت زيادة قدرها 20% خلال الفصل الثالث، مقارنة بالفترة ذاتها في العام الماضي. ما يُعد بمثابة تباطؤ عن نسبة صعود الفصل السابق. بلغت مبيعات الوحدة 8.4 مليارات دولار، منخفضة عن توقعات "وول ستريت" عند 8.6 مليارات دولار.

كما جاءت الأرباح أقل من التقديرات. قالت رئيسة "ألفابت"، روث بورات، في مقابلة إن مبيعات الوحدة تأثرت بتقشف بعض العملاء. تراجعت الأسهم 9.5% في اليوم التالي، في أكبر انخفاض لها منذ مارس 2020.
 

قال ماكس ويلنز من شركة "إنسايدر إنتليجنس" (Insider Intelligence): "تتفاوت إيرادات نشاط الحوسبة السحابية بشكل أكبر من الإعلان، وهو أحد المجالات التي تواجه فيها (غوغل) منافسة ضارية.

ورغم أن الجاذبية التي تتمتع بها بين شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة قد يؤتي ثماره في المدى البعيد، إلا إنه لا يساعد (غوغل كلاود) بالقدر الكافي الذي يُرضي المستثمرين".