«أسواق المال».. عهد جديد لمنتجات استثمارية متطورة ومشتقات مالية
تسعى هيئة أسواق المال بشكل مستمر إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تنمية أسواق المال وتنويع وتطوير أدواتها الاستثمارية بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، وقد تبنت الهيئة برنامجا طموحا تحت مسمى «مشروع تطوير السوق» حيث يتم تنفيذه على مراحل وفقا للأولويات والاستحقاقات التي تراها الهيئة مناسبة لتطوير السوق وتنويع الأدوات الاستثمارية وبما يتناسب مع جاهزية أطراف السوق المعنية والمتأثرة بتطبيق هذا البرنامج وتتمثل في مرجعية الهيئة في التطوير الى الممارسات الدولية المعمول بها في أسواق المال العالمية.
وقامت هيئة أسواق المال وبالتعاون مع الجهات المعنية في التطبيق وعلى رأسها شركة بورصة الكويت والشركة الكويتية للمقاصة في تقسيم هذا المشروع إلى 4 مراحل حيث تم تنفيذ المرحلتين الاولى والثانية والجزء الاول من المرحلة الثالثة ونجحت الهيئة في تطبيق ودعم بعض المبادرات بشكل منفصل في برنامج تطوير السوق، ونتيجة لهذه الجهود الجبارة التي تقوم بها هيئة أسواق المال برئاسة رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال - المدير التنفيذي د.أحمد عبدالرحمن الملحم - نجحت الكويت في الدخول الى مصاف الأسواق الناشئة ضمن العديد من المؤشرات مثل فوتسي راسل وستاندرد آند بورز داو جونز وأخيرا MSCI للأسواق الناشئة وتحقيق بورصة الكويت أعلى تداول يومي في 30 نوفمبر 2020 بقيمة 961 مليون دينار، نتيجة للتدفقات الأجنبية بعد إضافة بورصة الكويت للمؤشر.
وتؤمن «أسواق المال» بأن رفع معيار الاستثمار في السوق الكويتي وتطويره بما يتماشى مع المعايير العالمية الهدف منه أشمل وأبعد من ذلك والمتمثل في رفع كفاءة السوق ومعالجة نظام التقاص والتسوية وتحسينه والارتقاء بمنظومة عمل الاطراف المعنية تمهيدا لطرح منتجات جديدة ومتقدمة للسوق الكويتي مثل المشتقات المالية وطرح منصة تداول السندات والصكوك والعمل بمفهوم أعضاء التقاص.
وفي هذا السياق، تستعرض «الأنباء» الجهود التي قامت بها هيئة أسواق المال لتطوير البورصة تحت مفهوم «الهندسة المالية».. وإلى التفاصيل:
يعد مفهوم «الهندسة المالية» من المفاهيم الحديثة في عالم المال والاستثمار، حيث تعود بوادر ظهوره الأولى إلى ثمانينات القرن الماضي كعلم لقياس المخاطر، إلا أنه سرعان ما تطور ليشمل عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ للعمليات المالية المبتكرة، إضافة إلى البحث عن حلول إبداعية لمشاكل التمويل، خاصة أن التطورات المتلاحقة في عوالم المال والاستثمار جعلت من البحث عن أدوات ومنتجات مالية قليلة التكلفة، منخفضة المخاطر، مرتفعة العائد، مطلبا أساسيا لاستمرارية المؤسسات المالية والمصرفية في ظل المنافسة الشرسة التي تفرضها استحقاقات العولمة، والتطورات التقنية المتسارعة.
وقد أثبتت الأزمات الاقتصادية والمالية المتعاقبة وصولا لجائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية، وبما لا يدع مجالا للشك ضرورة تفعيل إجراءات التحوط المالي وإدارة المخاطر والتحكم فيها، مع إتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية في الوقت ذاته، وذلك من خلال استخدام أساليب عدة ترتكز على تنويع الأصول المالية وتوزيع مخاطرها، ورسم سياسات مالية جيدة، وابتكار أدوات مالية ومنتجات استثمارية مبتكرة تسمح بتلبية الاحتياجات وخلق إستراتيجيات مرنة لضمان التوافق المطلوب مع تطورات أسواق المال، وإتاحة فرص استخدام أفضل المصادر التمويلية لتحقيق فرص استثمارية جديدة، الأمر الذي يعني بطريقة أو بأخرى تبني مفاهيم الهندسة المالية والمسارعة إلى وضعها موضع التطبيق.
وشهدت الأعوام القليلة الماضية قيام الجهات الرقابية المحلية كهيئة أسواق المال وشركائها في منظومة أسواق المال (شركة بورصة الكويت للأوراق المالية، الشركة الكويتية للمقاصة)، وجهات رقابية أخرى كبنك الكويت المركزي ووزارة التجارة والصناعة خطوات حثيثة للعمل على وضع الركائز الأولى للتأسيس لعهد جديد للهندسة المالية في مجال أنشطة الأوراق المالية، حيث تبنت هيئة أسواق المال منذ عام 2016 مشروعا لتطوير نظام ما بعد التداول، تطور لاحقا لتجعله مشروعا لتطوير منظومة سوق المال كاملة بكل مفرداتها، وإحداث تغييرات جذرية في نواح شتى تنظيمية وتشريعية وتقنية وأخرى فنية تتصل بأنظمة التداول وما بعدها، كما تستهدف في نهاية المطاف تقديم مشتقات مالية وأدوات استثمارية تمثل ترجمة لمنتجات الهندسة المالية المطلوبة.
مرحلة تأسيسية
وبطبيعة الحال لم يكن تقديم مشتقات مالية وأدوات استثمارية مبتكرة هدفا بحد ذاته بالنسبة للهيئة، وإنما كان تفصيلا هاما في مشروع متكامل لتطوير منظومة أسواق المال، يستهدف الارتقاء بأداء المنظومة وتحقيق التوافق المطلوب مع المعايير العالمية المطبقة، وكان لابد للهيئة أن تبدأ مشروعها بمرحلة تأسيسية تستكمل معها البنية التحتية والتشغيلية والتشريعية والتنظيمية للمنظومة، وهذا ما تم عبر مرحلتي المشروع الأولى والثانية والجزء الأول من المرحلة الثالثة التي تم الانتهاء منها، وقد تضمنت تغييرات جذرية عدة: كتوحيد دورة التسوية، وتطبيق مبدأ التسليم مقابل الدفع، واعتماد مفهوم الضمانات المالية لمواجهة مخاطر الإخفاقات، وكذلك تغيير آلية تحديد مواعيد استحقاقات الأسهم، وتطوير أنظمة التقاص والتسوية من خلال تقديم الوسيط المقابل المركزي، وتوفير النظم الملائمة لعمل صانع السوق، واستحداث الإغلاق العشوائي، إضافة إلى تقسيم السوق إلى مستويات عدة، واستحداث سوق خارج المنصة للأسهم غير المدرجة، واستحداث مؤشرات جديدة للسوق وجلسة للشراء الإجباري وكذلك فواصل للتداول، وتسهيل إجراءات الصفقات الخاصة والتوزيع الإلكتروني للأرباح النقدية، وغير ذلك الكثير.
انعكاسات مباشرة
بدأت الهيئة وشركاؤها في منظومة أسواق المال العمل في المشروع وفق مسارات عدة منذ مطلع عام 2017، ويمكن القول بأن التغييرات الجذرية المستحدثة آنفة الذكر آتت أكلها سريعا، إذ بدأ بالتوازي مع تطبيقها مسار الترقيات المتتالية للكويت وفق مؤشرات وكالات التصنيف الدولية للأسواق الناشئة والتي بدأتها مع شركة فوتسي رسل في عام 2017، تلتها شركة ستاندر أندر بورز في عام 2019 وأخيرا شركة مورجان ستانلي كابيتال أنتر ناشيونال أواخر عام 2020، تلك الترقيات ترافقت مع تداولات قياسية للبورصة كان بعضها تاريخيا، وفي إطار متصل، شهدت مؤشرات بيئة الأعمال المحلية قفزات نوعية لاسيما ما تعلق منها بحماية حقوق المستثمرين الأقلية.
على أعتاب مرحلة جديدة
المرحلتان المتبقيتان من المشروع قيد التنفيذ راهنا تتضمنان بدورهما تغييرات أخرى في آليات عمل المنظومة تمثل استكمالا للبنية التنظيمية والتقنية المطلوبة (استحداث الوسيط المركزي للسوق النقدي، تطبيق نموذج التسويات النقدية من خلال نظام البنك المركزي والبنوك التجارية، تقديم نموذج الوسيط المؤهل، استحداث الوسيط المركزي لسوق المشتقات، وتقديم نموذج أعضاء التقاص)، إلا أن الأبرز في هاتين المرحلتين هو الإعداد لوضع أدوات استثمارية مبتكرة موضع التطبيق وتقديم منتجات مالية عدة، لذا تبنت الهيئة مشاريع عدة تعكف على تنفيذها راهنا، كمشروعها لتأهيل البيئة التشغيلية والتشريعية لطرح المنتجات الاستثمارية المستحدثة، ومشروع تأهيل كيانات البنى التحتية (CCP، CSD، SSF)، إضافة إلى مشروع تأهيل مقدمي خدمات الأوراق المالية (أعضاء البورصة وأعضاء المقاصة)، ومشروع آخر لتنفيذ الحسابات الفرعية وتطوير أنظمة الرقابة المتصلة بتلك المنتجات.
وتستلزم المشاريع آنفة الذكر استحداثا لكيانات بنى تحتية وارتقاء بكفاءة البنى الحالية، وكذلك تحديثا للأنظمة التقنية، وإعدادا للكوادر البشرية، الأمر الذي يعني أن الهيئة قاب قوسين أو أدنى من بدء عهد جديد على صعيد المنتجات الاستثمارية والمشتقات المالية التي أخذ بعضها طريقه للتطبيق بالفعل، في حين تجري إجراءات الإعداد لتطبيق بعضها الآخر في الأمد المنظور.
وفيما يلي استعراض لأبرز الأدوات والمنتجات المطروحة من قبل الهيئة:
المشتقات المالية
تمثل المشتقات المالية أدوات استثمارية جديدة ومتنوعة، أو عقودا مالية، تشتق قيمتها من قيمة أصول مالية أو حقيقية أخرى (أسهم، سندات، عقارات، عملات وسلع)، يمكن بيعها وشراؤها وتداولها، وتأخذ المشتقات أشكالا عدة كالعقود المستقبلية، والعقود الآجلة، وعقود الخيارات، وعقود المبادلات وغيرها.
وتمثل العقود الآجلة اتفاقا ملزما ببيع أو شراء أصل ما محل التعاقد، على أن يتم تسليمه في موعد لاحق وبسعر يتم الاتفاق عليه في تاريخ التعاقد، ولهذه العقود أنواع عدة بعضها للعملات وأخرى لأسعار الفائدة وثالثة لمؤشرات الأسهم وغيرها.
أما العقود المستقبلية فتمثل تعاقدا بين طرفين لبيع أو شراء أصل ما والاتفاق على تسليمه بسعر محدد في تاريخ لاحق يتم الاتفاق عليه وقت التعاقد، وتتشابه مع العقود الآجلة إلى حد بعيد، فكلتاهما ورقة مالية قابلة للتداول، إلا أن الفرق الجوهري بينهما يتمثل في كون بنود العقد المستقبلي نمطية، أما بنود العقود الآجلة فتتحدد وفقا لاتفاق المتعاقدين.
أما عقود الخيارات فتعني اتفاقا تعاقديا بين طرفين يمنح أحدهما حق (وليس التزام) في شراء أو بيع الأصل محل التعاقد بسعر معين للتنفيذ في تاريخ مستقبلي وذلك مقابل دفع علاوة.
تنظيم المشتقات المالية
ولإعادة تنظيم المشتقات المالية، قامت الهيئة بالتنسيق مع كل من بنك الكويت المركزي ووزارة التجارة والصناعة بشأن التعامل بالمشتقات وتوفيق أوضاع الشركات تمهيدا للتعامل بالمشتقات تحت مظلة رقابية رسمية.
هذا، وقد سبق للهيئة أن أصدرت في عام 2016 قرارها بإيقاف المشتقات المالية المتداولة حينها، وفي أبريل الماضي أصدرت قرارها لتنظيم تداول المشتقات المالية ألزمت بموجبه الشركات التي تتضمن أغراضها الوساطة في التعامل مع المشتقات المالية أو الشركات التي تسوق خدمات تتصل بالمشتقات التقدم بطلب توفيق أوضاعها وفقا لأحكام قانون إنشاء الهيئة ومنحتها فترة انتقالية تمتد لسنة كفترة انتقالية، مع الإشارة إلى أن رقابة الهيئة تقتصر على المشتقات المالية المصدرة أو تلك التي يتم تداولها في الكويت فقط.
التداول بالهامش
في إطار الإعداد لتقديم هذه الخدمة، قامت الهيئة بإجراء تعديلات تشريعية عدة شملت تعريف هذه الأداة المالية، والشخص المقدم لها، وشروط تقديمها، ومهام ومسؤوليات مقدمها، كما أوجبت على مقدم الخدمة تشكيل لجنة مخاطر تختص بإدارة المخاطر المتعلقة بتقديمها، وحددت أيضا ضمانات حسابات التداول بالهامش وضوابطه.
هذا، وقد حصرت الهيئة تقديم هذه الخدمة في الأشخاص المرخص لهم بمزاولة نشاط مدير محفظة الاستثمار، وهو النشاط الأبرز الذي تحرص شركات الاستثمار على تقديمه في الوقت الراهن مع التوجه للتوسع في قاعدة الأشخاص المرخص لهم لتقديم هذه الخدمة لاحقا.
وشملت التعديلات التشريعية التي أجرتها الهيئة خلال شهر أبريل الماضي بشأن هذه الأداة الاستثمارية تعديلات في بعض أحكام كتب لائحتها التنفيذية (الكتابين الأول والحادي عشر) كما تم اعتماد تعديلات قواعد الشركة الكويتية للمقاصة ذات الصلة بالتداول بالهامش.
وتجدر الإشارة إلى أن إطلاق خدمة التداول بالهامش تساعد على زيادة معدلات السيولة في السوق، نظرا لقيام المستثمر بتنفيذ صفقات عبر تمويل جزء منها من ماله الخاص، في حين يقوم مقدم الخدمة بتمويل الجزء الآخر منها مقابل رسوم معينة (يمكن للجهة المقدمة للخدمة تمويل المستثمر بما لا يزيد على 50% من قيمة الصفقة)، الأمر الذي يمنحه قوة شرائية أكبر مما يمتلكه بالفعل، ويوسع دائرة خياراته، إلا أن ذلك لا ينفي وجود مخاطرة، لاسيما حين انخفاض السوق، وهو ما يجب أن يدركه المستثمر جيدا.
تداول حقوق الأولوية
تمثل حقوق الأولوية ورقة مالية قابلة للتداول أو التنازل تعطي صاحبها حق أولوية الاكتتاب في زيادة رأس مال ذلك المصدر بنسبة ما يملكه من أوراق مالية في رأسمال ذلك المصدر، وتعتبر هذه الحقوق حقوقا مكتسبة لمساهمي الشركات تمنح حاملها الأحقية في الاكتتاب في الأسهم المطروحة عند زيادة رأس المال للشركات المدرجة.
ثمة امتيازات عدة لحقوق الأولوية: كإدراجها في البورصة، وتداولها بشكل تلقائي، وزيادة قاعدة المكتتبين المحتملين.
أجرت الهيئة في إطار الإعداد لتطبيق هذه الأداة المالية عدة تعديلات تشريعية على بعض أحكام لائحتها التنفيذية، لاسيما بيانات نشرة الاكتتاب العام وما تشمله من حقوق متعلقة بها، إضافة إلى بيانات نشرة الاكتتاب التكميلية، وكذلك قواعد الإدراج، حيث تم إعفاء إدراج هذه الحقوق من إجراءات الموافقة على الإدراج وإلغائه وذلك وفق ضوابط محددة.
وفي إطار ذي صلة، تم إجراء تعديلات على قواعد بورصة الكويت تتعلق بإدراج حقوق الأولوية وآلية احتساب السعر المرجعي لها، وتعديلات أخرى في قواعد الشركة الكويتية للمقاصة.
صانع السوق هو الشخص الذي يعمل على توفيق قوى العرض والطلب على ورقة مالية مدرجة أو أكثر طبقا للقواعد الصادرة عن الهيئة أو المعتمدة منها، ويتيح «صانع السوق» مزايا عدة كإيجاد التوازن المستمر بين العرض والطلب في السوق والعمل على استقراره، والحد من مخاطر السيولة، وتسهيل إمكانية دخول وخروج المستثمرين من السوق.
تعديلات عدة بدأتها الهيئة وشركة بورصة الكويت بشأن إتاحة مجال عمل صانع السوق منذ عام 2016 إلا أن واقع صانع السوق في البورصة لا يزال دون الطموحات، إذ ثمة حالة ترقب لدى الشركات الاستثمارية بشأن تقديم الخدمات الجديدة بما فيها صانع السوق، ويؤمل للتوجهات المتعلقة بتحفيز إدراج الشركات العائلية، وتعزيز إدراج الشركات التشغيلية وتجاوز تداعيات جائحة كورونا وإجراءاتها الاحترازية أن تسهم بصورة فاعلة في زيادة نشاط السوق وتعزيز سيولته، وانعكاس ذلك تشجيعا لاستخدام الخدمات المطروحة بما في ذلك خدمة صانع السوق.
الصفقات المتفق عليها
تعد الصفقات المتفق عليها إحدى الممارسات العالمية المطبقة في الأسواق المالية المتطورة، ويقصد بها الصفقات التي تتطلب طبيعتها أن يسبق تنفيذها اتفاق بين طرفيها (البائع والمشتري) على تنفيذها على سهم مدرج في البورصة وفق سعر وكمية محددين، كما تتطلب تلك الصفقات موافقة البورصة نظرا لطبيعتها والظروف التي تحيط بها. وثمة حالات عدة لتنفيذ هذه الصفقات، كانطباق الخصوصية على طبيعتها، وحجمها الذي يفوق عادة معدلات التداول على السهم، أو كانت لأغراض وأسباب محاسبية أو إستراتيجية، أو كان تنفيذها سدادا لقرض بنكي. تتيح هذه النوعية من الصفقات تسهيل الكثير من الإجراءات المتبعة، الأمر الذي يشجع على استعمالها بما ينعكس تعزيزا لسيولة السوق نتيجة جذب رؤوس أموال جديدة، وبالتالي تعزيز الثقة به.
في عام 2016 أصدرت الهيئة قرارها الذي يسمح بتنفيذ الصفقات ذات الطبيعة الخاصة (والتي أعيد تسميتها إلى الصفقات المتفق عليها) في البورصة وفق الإجراءات التي تضعها البورصة بهذا الشأن، كما تم تحديد المجالات التي يسمح بتطبيق تلك الصفقات فيها، كما حددت إجراءات تنفيذها والإجراءات التالية المتممة لها.
أدوات الدخل الثابت
أدوات الدين، كما عرفتها اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة هي أدوات استثمار متوسطة وطويلة الأجل كالسندات والصكوك القابلة وغير القابلة للتحويل ذات عائد ثابت أو متغير وسندات الخزانة وأذونات الخزانة أو أي أدوات دين أخرى توافق عليها الهيئة.
بصورة عامة، تمثل أدوات الدخل الثابت أدوات استثمارية تحقق عوائد دورية منتظمة إلى حد بعيد يمكن التنبؤ بها بصورة معقولة، ومن أهم هذه الأدوات:
السندات: أداة مالية تمثل مديونية على المصدر لصالح حامل السند يحصل بموجبه حامل السند على توزيعات دورية خلال أجل السند أو دفعة أو أكثر من سداد الاستهلاك أو كلاهما الذي يؤدي عند استحقاقه إلى انقضاء السند، وتتنوع السندات بين: سندات حكومية، سندات ذات دخل ثابت، سندات الشركات، سندات قابلة للتحويل، السندات المضمونة والسندات غير المضمونة، سندات صفرية الكوبون، السندات القابلة للاسترداد، سندات مدعومة بالموجودات.
سندات الخزينة: سندات تصدرها الحكومة (البنوك المركزية) لآجال مختلفة قد تمتد من سنة إلى 30 سنة، وتمنح عليها فائدة سنوية تدفع إما بشكل سنوي أو نصف سنوي حتى تاريخ الاستحقاق.
أذونات الخزانة: ورقة مالية يصدرها البنك المركزي تتراوح مدتها بين ثلاثة شهور وسنة وعادة ما تباع بخصم على قيمتها الاسمية كاملة في تاريخ الاستحقاق.
الصكوك: وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري، وتتنوع بين: صكوك حكومية وصكوك قائمة على الموجودات، وصكوك قابلة للتحويل، وصكوك مدعومة بالموجودات.
بصورة عامة، أدوات الدخل الثابت تحقق عائدا منتظما يمكن معرفته مسبقا بصورة تقريبية، تعد قليلة المخاطر مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى، إلا أنها لا تخلو نهائيا منها إذ ثمة مخاطر تتعلق بالتضخم وأخرى تتصل بتخلف الجهة المقرضة عن السداد، إضافة إلى مخاطر تقلبات أسعار الصرف.
وقد وقعت الهيئة مذكرة تفاهم مع بنك الكويت المركزي خاصة بأدوات الدين العام وأدوات البنك المركزي للتدخل في السوق النقدية، كما حددت عبر اللائحة التنفيذية الصادرة في عام 2015 شروط إدراج السندات والصكوك، إضافة لما تمنحه سنويا منذ ذلك التاريخ من موافقات على إصدار السندات والصكوك للشركات المدرجة والمرخص لها، وقد انعكس وضوح الإجراءات ذات الصلة والتسهيلات المقدمة بشكل كبير على حجم هذه الإصدارات وتنوعا في مصدريها، الأمر الذي دفع الهيئة في الوقت الراهن للتنسيق مع الجهات المحلية المعنية كبنك الكويت المركزي ووزارة المالية وبالاستعانة بفريق من صندوق النقد الدولي لبحث آليات إنشاء سوق ثانوي لتداول السندات والصكوك وتسويقها في السوق المحلي، وكذلك التنسيق مع شركة بورصة الكويت والبنوك والمؤسسات المالية للمساهمة بهدف إدراجها في البورصة بالتزامن مع تنفيذ الجزء الثاني من المرحلة الثالثة من مشروع تطوير منظومة سوق المال.
صناديق المؤشرات المتداولة
صناديق المؤشرات المتداولة ETFs هي صناديق استثمارية مفتوحة تتبع أحد المؤشرات، ويتم تداولها يوميا، وتتميز بإتاحتها فرصا عدة متنوعة للاستثمار في الأسواق الناشئة والمتطورة، ووفرا لتكلفة الاستثمار ووقته، والمساعدة في التحول إلى الاستثمار المؤسسي.
وتتمتع هذه الصناديق بالشفافية إذ تتبع حركة المؤشرات وتتطابق استثماراتها مع مكونات تلك المؤشرات، كما يلتزم مصدروها بنشر معلومات الإفصاح كاملة عن صناديقهم والمؤشرات التي تتبعها، ومع استكمال البنية التحتية الخاصة بصناديق المؤشرات المتداولة من المتوقع إطلاق تداول هذه الصناديق مع إطلاق الوسيط المركزي.
صناديق الدخل المتداولة (REITs)
الهيئة بالتعاون مع شركائها في منظومة أسواق المال عملت على تهيئة البيئة التنظيمية والتشريعية لطرح صناديق الدخل المتداولة (REITs) صناديق في إطار مشروعها لتطوير منظومة السوق في الجزء الأول من المرحلة الثالثة، وكان إدراج أول صندوق عقاري مدر للدخل في البورصة نقطة البداية على صعيد المنتجات الاستثمارية المماثلة.
البيع على المكشوف
تتيح هذه الأداة الاستثمارية قيام المستثمر ببيع ورقة مالية لا يملكها وإنما قام باقتراضها وبيعها بهدف شرائها لاحقا بسعر أقل استنادا إلى توقعات بانخفاض سعرها، وبالتالي تحقيق أرباح (في حال تحقق توقعه) تعادل الفرق بين سعر البيع على المكشوف وسعر الشراء لاحقا، وتتيح هذه العملية بيع الأصل دون امتلاكه، كما تتيح رفع كفاءة التسعير في السوق وتعزيز سيولته ومقومات كفاءته وتفعيل مراقبة إدارة الشركة المصدرة للسهم، وتفعيل تطبيق مبادئ الحوكمة.
هذه الأداة الاستثمارية قيد التطبيق في البورصة منذ ما يقارب العامين بعد إجراء التعديلات المطلوبة على قواعد التداول بالبورصة واعتمادها من الهيئة واعتماد قواعد الإقراض والاقتراض الصادرة من الشركة الكويتية للمقاصة واقتصر تطبيقها على أسهم السوق الأول بداية وبما يعادل 10% فقط من الأوراق المالية القائمة للشركة، أعقب ذلك توسعها لتشمل أسهما منتقاة في السوق الرئيسية.
اتفاقيات إعادة الشراء
أداة استثمارية تتيح للمستثمر الحصول على تمويل قصير الأجل ليبيع بموجبه أوراقا مالية لمستثمر آخر مع قبوله إعادة شراء الأوراق المالية نفسها في اليوم التالي بسعر أكبر من سعر البيع ليستفيد من الفارق بين السعرين، وتعد هذه الاتفاقية بمنزلة قرض قصير الأجل بضمانة الأوراق المالية محل القرض. ومن المتوقع إطلاق هذا المنتج خلال مراحل تطوير السوق القادمة.
صفقات المبادلة
يتم بموجب هذه الأداة الاستثمارية قيام طرفين (أشخاص طبيعيين أو اعتباريين) بتبادل ورقة مالية مدرجة بأخرى مدرجة بشكل مباشر، على أن تكون الأوراق المالية (محل المبادلة) متساوية القيمة ومملوكة بالكامل لأطراف الصفقة إضافة إلى عدم وجود قيود قانونية أو أية اتفاقيات تمنع التصرف فيهما. يساعد تطبيق هذه الأداة الاستثمارية على زيادة سيولة السوق وتعزيز تداولاته ويفتح آفاقا واسعة أمام متداوليه.
جهود رقابية توعوية متزامنة
معظم تلك الأدوات والمنتجات (ما طبق منها وما هو في طريقه للتطبيق في المستقبل القريب) يعد حديث عهد بواقعنا الاستثماري، الأمر الذي يستلزم تفعيل تطبيق هذه الأدوات والمراقبة المرنة لتطبيقها بما يضمن التدخل السريع لمعالجة ما قد يظهر من اختلالات في تطبيقها، كما تقتضي أن يتزامن تطبيقها بجهود رقابية موازية تضمن توافر مستويات الشفافية والإفصاح المطلوبة في تعاملاتها، والتعقيب المباشر على الأخبار المتداولة، والردع المطلوب إزاء ما قد يرافق تطبيقها من ممارسة سلوكيات مخالفة وممارسات مضللة كانتشار الشائعات ومحاولات التلاعب المخالفة.
الجانب التوعوي ذي الصلة بتطبيق المنتجات الاستثمارية لا يقل أهمية عن الجانب الرقابي، خاصة أن التوعية في هذا الإطار سابقة لتطبيق تلك الأدوات ولاحقة لها. هيئة أسواق المال وشركاؤها لم يدخروا جهدا في هذا المجال، إذ شهدت المرحلة السابقة تنفيذ العديد من الندوات وورش العمل التوعوية الهادفة لإلقاء الضوء على تلك المنتجات، ومن المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الحملات التوعوية المكثفة الهادفة للتعريف بتلك الأدوات وآلية التعامل بها ومزايا ومخاطر كل منها.
ومما لا شك فيه أن تطبيق هذه الأدوات الاستثمارية يمثل إيذانا بالتأسيس لعهد الهندسة المالية محليا وفق رؤى إستراتيجية واضحة المعالم محددة الأطر (تنظيميا وتشريعيا وتقنيا ورقابيا) وبعد إرساء مقومات بنى تحتية مطلوبة تحاكي المعايير العالمية، ويفتح المجال واسعا لانعكاسات إيجابية متوقعة تتصل بما تتيحه تلك الأدوات من نطاق خيارات واسع ومتنوع للمستثمرين، وزيادة في الفرص الاستثمارية الممكنة، وتعزيز لنشاط السوق وسيولته ونموه والثقة فيه، وزيادة جاذبيته لرؤوس الأموال الأجنبية، وتنويع قاعدته الاستثمارية، كما يساعد تطبيق بعضها على تشجيع الإصدارات الأولية للشركات المالية، وبالتالي تجاوز مشاكل الحصول على التمويل، وتمويل المشاريع التنموية الحكومية وإطلاق مشروعات جديدة، إلا أن تلك المنتجات المالية تبقى كما نواحي الحياة الأخرى سلاحا ذا حدين، إذ انها لا تخلو من مخاطرة قد تكون من طبيعة أسواق المال، ومن المؤكد أن وعي المستثمرين بها وجهودا رقابية فاعلة يضمنان نجاحا في تطبيقها، ووصولا لما قد تكتنفه من مخاطر إلى حدودها الدنيا.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}