نبض أرقام
04:18 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

تحدي التحول الذكي.. لماذا تخفق فيه أغلب المدن؟

2019/06/10 أرقام

التوجه الأكثر لفتًا للأنظار في العديد من أنحاء العالم بوجه عام وفي جميع أرجاء الولايات المتحدة بشكل خاص هو جعل المدن ذكية، عبر الاستفادة من التطبيقات الإلكترونية والخوارزميات والذكاء الاصطناعي في خلق كفاءات جديدة وتحسين الحياة الحضرية، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
 


 

يبدو الأمر منطقيًا، فلا توجد مدينة لا ترغب في أن توصف بالذكية، ولا توجد مدينة ترفض مواكبة طليعة التكنولوجيا، لذا، فلا عجب أن أغلب المدن الآن في الولايات المتحدة وغيرها تغازل شركات التكنولوجيا لاستخدام أراضيها وشوارعها كميدان لاختبار التقنيات الذكية.

 

لكن المدن بدأت تفطن لحقيقة أن الحصول على التكنولوجيا هو الجزء السهل، أما التحدي الحقيقي فهو معرفة أفضل السبل لتوظيفها، فعند تطبيقها بعناية ستصبح أداة فائقة القوة لدفع عجلة التقدم الاجتماعي، في حين أن سوء الاستخدام قد يتسبب في تفاقم المشكلات المستهدف حلها.

 

التكنولوجيا كحل مكمل
 

- الخطأ الأول الذي تقع فيه العديد من المدن هو سماحها للتكنولوجيا بأن تستهلك إمكاناتها بغض النظر عما إذا كانت تتوافق فعليًا مع الرؤية طويلة الأجل، مثل المركبات المستقلة التي دفعت العديد من الحكومات لتركيز استثماراتها وسياساتها على استيعاب السيارات ذاتية القيادة.
 

- اقترح خبراء التكنولوجيا رؤى للمركبات المستقلة تتحدث عن مدن تتجول فيها السيارات دون احتقان بفضل تنسيق الحركة فيما بينها دون حاجة حتى لإشارات المرور، مما دفع المدن إلى التفكير في تقليل الاستثمارات في النقل العام، الذي اعتبروه عفا عليه الزمن بفضل قدوم هذه التقنيات.
 


 

- ما لا تدركه العديد من المدن، هو أن التركيز على السيارات ذاتية القيادة يمكنه عرقلة جهودها الرامية إلى الحد من الاعتماد على السيارات، وبمعنى آخر، فإن الاهتمام المفرط بهذه التقنية يأتي على حساب الطموح والإجراءات المبذولة لتعزيز ظاهرة قيادة الدراجات داخل الأحياء.

 

- إذا تمكنت السيارات من السير بسرعة أكبر، فمن المحتمل أن يستجيب الناس لذلك بالانتقال بعيدًا عن وسط المدينة، ما يزيد من التمدد السكاني، وهو أمر يحاول كثير من مخططي المدن تجنبه، كما أن السرعة الأكبر في المدن تقلل من الأمان وسهولة الحركة.

 

- بدلًا من ذلك، يجب أن تكون المدن مدفوعة بأهداف وسياسات واضحة وخطوط طويلة الأجل بغض النظر عن التكنولوجيا، ومن ثم يمكن توظيف التكنولوجيا المتوافرة في خدمة تلك الأهداف.

 

التكنولوجيا كعلاج سريع

 

- الخطأ الثاني، هو اعتقاد المدن أن التكنولوجيا ستوفر حل سريع لمشاكل حضرية عميقة، مثل الجهود المبذولة لزيادة المشاركة المدنية، فقد اقترحت حكومات محلية عددًا لا يحصى من المنصات وشبكات التواصل الاجتماعي لجعل الحياة السياسية وإدارة المدن أكثر بساطة وفعالية.

 

- هذه الحلول مثل التطبيقات التي تسمح للمقيمين في المدن بإخطار الحكومة بمشكلات البنية التحتية عبر الجوالات الذكية، وهي جهود تجعل بعض أجزاء الإدارة المحلية أكثر كفاءة، لكن ينطوي عليها مجموعة من المشاكل الأساسية.

 

- أولًا، قد يتم إساءة استخدامها من قبل بعض فئات المجتمع، وثانيًا، يؤدي التركيز على تقديم الخدمة بكفاءة عبر التطبيقات الإلكترونية إلى تقليل اهتمام الناس بالصالح العام، لأنه يرسخ إلى وجود الحكومة دائمًا لتلبية أبسط الاحتياجات الشخصية.

 

 

- ثالثًا، تقود رغبة الحكومات المحلية في تحسين كفاءة خدماتها عبر التطبيقات الإلكترونية إلى منح الأولوية للاحتياجات البسيطة نسبيًا مثل إصلاح الشوارع على حساب احتياجات أكثر تعقيدًا مثل تطوير المدارس.

 

- بدلًا من توقع أن تشكل التكنولوجيا حلًا جذريًا لمشاكل المشاركة المدنية، يجب على حكومات المدن أن تحدد جوانب المشاركة التي يمكن وصفها على أنها مشاكل تقنية، كأن تصمم منصات على الإنترنت لتعزيز الحوار المجتمعي.

 

تكنولوجيا ذكية وتطبيق غبي

 

- الخطأ الثالث والأخير الذي ترتكبه أغلب المدن، هو التركيز أكثر على التكنولوجيا نفسها دون خطط دمج هذه التكنولوجيا في الممارسات والعمليات المؤسسية، ما يعني أن الكثير من الحكومات تندفع للحصول على التقنيات الحديثة واستخدامها دون رؤية واضحة لكيفية فعل ذلك.

 

- ينطوي العمل الحقيقي لجعل التكنولوجيا ذات قيمة في المدن، على تقليل الحواجز المؤسسية وتطوير البنية التحتية والممارسات، ومثال ذلك، إذا أرادت مدينة الاستعانة بالتقنيات الحديثة في مكافحة الحرائق.

 

- لنفترض أن الحكومة المحلية تريد تطوير خوارزمية تهدف إلى الحد من الحرائق عبر التنبؤ بالمباني الأكثر عرضة للاحتراق، هنا سيكون تطوير الخوارزمية نفسها أمرًا سهلًا مقارنة بإزالة الحواجز المعرقلة لتشغيلها واستخدامها على نطاق واسع.

 

 

- قد تحتوي إدارة الإطفاء على بيانات غير كاملة، وقد تكون هناك قائمة كاملة للمباني لكن في دائرة حكومية أخرى، بيد أنه من الصعب دمج مجموعتي المعلومات المتاحة في مكانين مختلفين، وفي الوقت نفسه، ربما لا يفهم أو يثق موظفو إدارة الإطفاء التنبؤات الصادرة عن الخوارزمية.

 

- إذا كانت التنبؤات توفر معلومات لا يمكن دمجها بسهولة في العمليات الحالية، على سبيل المثال، قد لا تكون جميع التنبؤات مفيدة إذا كانت قدرة المدينة تقتصر على التدخل في الحالات المتعلقة بالمباني التي تواجه خطر الاشتعال بسبب الأنظمة الكهربائية التي عفى عليها الزمن.

 

- ينبغي التركيز على تطوير البنية التحتية والعمليات التي تجعل البيانات مفيدة في الممارسة العملية، وفي المثال السابق يعني ذلك ضمان دقة البيانات والتنسيق بشأنها عبر الإدارة المختلفة وتدريب الموظفين، ومعرفة ما إذا كانت تدخلات الإدارة سيكون لها التأثير المطلوب.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.