نبض أرقام
04:32 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

سقطت الأقنعة وانكشفت المؤامرة! .. احترس من أشرار سوق الأسهم

2019/05/17 أرقام - خاص

"من دون شرير لا توجد قصة" .. تحكم العبارة السابقة أشهر وأهم الحبكات السينمائية والدرامية التي شاهدناها واستمتعنا بها عبر التاريخ. فرائعة شكسبير الشهيرة "هاملت" مثلاً ربما لم تكن لتحظى بالمكانة التي تحظى بها الآن في تاريخ الأدب العالمي لو لم تكن هناك شخصية "كلوديوس" عم هاملت وقاتل أبيه الذي اغتصب التاج وعرش الدنمارك واعتدى على أمه (زوجة الملك القتيل).
 

شخصية الشرير محورية دائماً في أي قصة لأن وجودها يخلق الصراعات ويؤجج المؤامرات التي تسمح بدورها بظهور بطولة البطل الذي يقاتل ذلك الشرير لينتصر عليه في نهاية سعيدة أو يفشل في ذلك ويموت مظلوماً إذا كان كاتب القصة كئيباً ذا اتجاه (واقعي) يريد أن يصدم الجمهور.



 

هذا الاهتمام الكبير الذي حظيت به شخصية الشرير في السينما والمسرح والأدب العالمي بصفة عامة أثر على طريقة تعاطي الكثير من الناس مع واقعهم وعلى قدرتهم على اكتشاف مواطن الخلل في أسلوب تفكيرهم والاعتراف بأخطائهم وقبولها.
 

وهذا يبدو واضحاً جداً في مجال الاستثمار أكثر من أي مجال آخر. ففي أكثر الأحيان يستدعي المستثمر المبتدئ أو قليل الخبرة تحديداً شخصية الشرير ونظرية المؤامرة أثناء شرحه لسبب خسارته للمال في سوق الأسهم، وهي التجربة التي يعيشها أغلب المستثمرين في السوق كل يوم.
 

لكن بالنسبة له، هناك شخص ما أو جهة ما تربصت به واستولت على الألف ريال التي يملكها دون وجه حق. ومع الوقت تجعل اعتقاده عن الاستثمار في سوق الأسهم ما هو إلا عملية نصب. ولكن هل هذا صحيح؟ هل هذا الرجل كان بالفعل ضحية عملية نصب؟ وإذا لم يكن هذا هو الحال فكيف خسر أمواله؟ هل كما في الأفلام دائماً هناك شرير يتربص بنا؟
 

من الجاني؟
 

قصتك مع سوق الأسهم على خلاف الأفلام لا مكان لشخصية الشرير فيها، ولا يوجد فيها سواك أنت فقط. وخسارتك لأموالك كانت في الأغلب بسبب قرارات خاطئة اتخذتها وتقدير غير موفق منك للموقف. وهذه الأموال لم تذهب سدى كما تعتقد، بل دفعتها كرسوم للحصول على الخبرة، ولكنك ستستمر في دفع تلك الرسوم إلى ما لا نهاية ما لم تعترف بأخطائك وتتعلم منها.
 

لقد كنت أنت الذي قررت بعد دراسة متأنية أن السهم "س" يساوي أكثر من 50 ريالاً التي دفعتها مقابله قبل أن ينخفض إلى أقل من 35 ريالاً. لا يمكنك إلقاء اللوم على أحد لأنك في النهاية كنت الشخص الذي فحص الأدلة واتخذ القرار. وهذا لم يكن أول ولا آخر سهم يفقد جزءاً كبيراً من قيمته خلال فترة قصيرة.

 

 

تقول لي أهو خطأي؟ أقول لك لا، ليس كذلك بالضبط، ولكنه في الوقت نفسه ليس خطأ شخص آخر لتلومه.

وما لم يكن هناك تزوير أو تلاعب متعمد ومثبت فليس هناك إلا نفسك لتلومها لأنك أنت من اتخذ القرار وأنت من توصل إلى استنتاج مفاده أن هذا السهم سيرتفع إلى 65 ريالاً أو أكثر وعلى هذا الأساس دفعت فيه 50 ريالاً.

 

لكن لم تأت الرياح بما تشتهي سفنك وانخفض السهم إلى 35 ريالاً، وهناك ألف سبب ممكن لذلك الانخفاض. لم تكن ضحية مؤامرة شريرة كما تعتقد وإنما كل ما في الأمر هو أنك لم تكن موفقاً في تحليلاتك واستنتاجاتك واصطدمت بالحائط كما هو حال أغلب المنضمين حديثاً إلى السوق الذين ما زالوا يتحسسون خطواتهم الأولى.
 

تحت تأثير مزيج من الخوف والإحباط والشعور بالاستغفال قررت التخلص من السهم بسرعة ووضع حد لخسائرك هكذا دون أن تكلف نفسك عناء معرفة سبب تراجعه. وبعدها بعدة أسابيع تجلس متحسراً تراقب سعر السهم يرتد مرة أخرى ليستقر بالقرب من 55 ريالاً. أي أنك لكم تكن ضحية عملية نصب كما تعتقد، كل ما في الأمر هو أنك لا تعرف لماذا دخلت أو لماذا خرجت.
 

اصدق مع نفسك
 

القول بأن الاستثمار بالأسهم ما هو إلا عملية نصب كلام فارغ أبعد ما يكون عن الحقيقة. فالسوق يوجد به كل شيء. فهناك أسهم مبالغ في تقييمها بشكل كبير وهناك شركات صغيرة ذات آفاق نمو كبيرة ولكن عالية المخاطر وبإمكانها إهداء المستثمر ثروة أو القضاء على رأس ماله، وهناك شركات شهرتها تجعل المستثمرين يدفعون في أسهمها أسعاراً لا تبررها بأي شكل حالة الأساسيات. الاستثمار في أي من هذه الأنواع مقامرة كبيرة ولكن في النهاية لا أحد يجبرك على الاستثمار فيها.
 

نحن هنا لا ننفي وجود التلاعب كلية، ولكن ليس من المنطقي أن يعتقد كل من يخسر أمواله أو جزءاً منها في السوق أنه ضحية مخطط أو مؤامرة ما.



 

لكن حتى لو لم تكن من أولئك الذين يعتقدون أن السوق يُتلاعب به ضدهم فقد تكون لديك بعض الشكوك، وهذا أمر مفهوم جداً لا يستطيع أحد أن يلومك عليه خاصة إذا كنت جديداً في الاستثمار. فطبيعة سوق الأسهم وتركيبته معقدتان للغاية، ولذلك ليس من المستغرب أن يجد الكثيرون أنفسهم متشككين أو مرتبكين أو خائفين حتى من الاستثمار.
 

ورغم ذلك ليس من العدل أبداً إلقاء اللوم على السوق وتحميله أخطائنا الشخصية. هناك دائماً رابحون وخاسرون على جانبي كل صفقة تتم في السوق، وكونك على الجانب الخاسر لا يعني أن المستثمرين الكبار الذين يرتدون قمصاناً فاخرة أو صغار المستثمرين أمثالك هم السبب، لأن في الحقيقة من يحول بينك وبين النجاح في السوق هو ذلك الشخص الذي تراه حين تنظر في المرآة.
 

هذا بالمناسبة هو الحال في أي نوع من أنواع المنافسة. ففي أكثر الأحيان أخطاء نرتكبها هي ما تؤدي بنا إلى الفشل. أنت ربما لا يعجبك هذا الحديث ولا تود سماعه ولكن أتخيل أنك إذا اعطيت نفسك فرصة لمراجعة تجربتك في ضوء ما أسوقه لك في هذا التقرير ستدرك أنه صحيح.
 

لا تستغرق أكثر من اللازم في نظرية المؤامرة لأنها لن تفيدك ولن تعوض خسائرك. وبدلاً من محاولة البحث عن من تلقي عليه اللوم بينما يضاعف الآخرون ثرواتهم في السوق حاول التركيز أكثر على فهم قواعد اللعبة. أغلب المستثمرين حديثي العهد بالسوق يخسرون الأموال في البداية، ويستمرون في التعلم من التجربة والخطأ إلى أن يعثروا على طريقهم ويكتشفون الاستراتيجية المناسبة لأهدافهم.
 

لكل منا طريقته الخاصة في الاستثمار، وليست هناك طريقة أفضل أو أسوأ من أخرى. كل طريقة لها إيجابياتها وسلبياتها، وهناك استراتيجية تناسب نقاط قوتك وضعفك وأخرى لا تناسبها.



 

ستسمع طوال الوقت من يقول لك إن استراتيجيته هي الأفضل، ولكن ذلك ببساطة ليس صحيحاً. فاستراتيجيته التي يتحدث عنها ربما هي الأفضل بالنسبة له ولكنها ليست كذلك بالنسبة لك. يجب أن تجتهد في العثور على استراتيجيتك الخاصة التي تتوافق مع وضعك المالي الحالي وأهدافك طويلة الأجل ومع قدرتك على تحمل المخاطر.
 

استراتيجيتك الاستثمارية يجب أن تتناغم بشكل كبير مع شخصيتك خصوصاً إذا كنت تنوي إدارة محفظتك بنفسك. ومن المهم جداً أن تدرك أن سوق الأسهم يحكمه الخوف والجشع وهو الشعور الذي يقود المستثمرين إلى الوقوع في شراك تسبب خسارتهم لرؤوس أموالهم.
 

بريال ثقة
 

مشكلة حديثي العهد بالسوق أنهم يفتقرون إلى الثقة في قراراتهم، والثقة مهمة جداً في سوق الأسهم لأنها تساعدنا على التصدي للخوف. المسارعة إلى التخلي عن السهم على خلفية انخفاضه نتيجة حادث عرضي  خطأ كبير. فخسارتنا تظل خسارة على الورق إلى أن نقوم بالبيع. ماذا لو كانت أساسيات السهم صلبة ولم تتغير؟
 

إن القدرة على التمييز بين الحادث العرضي وبين تدهور الأساسيات هي واحدة من أهم المهارات التي يمكن للمستثمر تطويرها واكتسابها، ولكن ذلك لن يحدث إلا إذا كان لديه درجة عالية من الثقة في قدرته على الفحص والتحليل.
 


 

الثقة تأتي من المعرفة والمعرفة نكتسبها من الخبرة والخبرة نجنيها من أخطائنا التي نقع فيها من آن لآخر. وإذا كان لدينا التواضع الكافي لقبول أخطائنا فمن الممكن أن نتعلم منها. لماذا؟ لأن سوق الأسهم ليس لعبة حظ. فعلى الرغم من أنه يوجد به الكثير من المتغيرات إلا أنه في النهاية عبارة عن نظام تحركه البيانات.
 

أخيراً، إن المستثمر المبتدئ الذي يخسر المال مع دخوله السوق لأول مرة عادة ما يكون مصيره واحداً من اثنين: فإما يستمر في الخسارة إلى أن يضيع رأسماله بالكامل مما يثبط عزيمته ليخرج من السوق حاملاً مشاعر عداء كبيرة تجاه المجال بالكامل، وإما يكون لديه الانضباط والصبر الكافيين للتعرف على أخطائه ومن ثم معالجتها والتعلم منها ليجد طريقه في النهاية.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.