نبض أرقام
04:30 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

"مضاعف الاستثمار".. أداة الحكومات للتحكم في الاقتصاد

2019/01/01 أرقام - خاص

يعد الركود "الرعب الأكبر" للحكومات للعديد من الأسباب منها تقلص النشاط الاقتصادي، وزيادة البطالة، وتراجع مؤشرات النمو، ودخول الاقتصاد في دوامة يصعب انتشاله منها إلا باستخدام مكثف و"ذكي" ومتزامن لعدد من الأدوات المالية والاقتصادية.

 

وتشمل تلك الأدوات نسبة الفائدة، وتشجيع بعض الصناعات على حساب غيرها، وتخصيص برامج لاستيعاب البطالة، فضلًا عن العديد من الأدوات الأخرى من بين أهمها زيادة الإنفاق الحكومي كمحاولة للخروج من دوامة الركود أو الكساد.

 

 

رواج

 

وتستفيد الحكومات في ذلك من مصطلح صكه "جون ماينارد كينز" وهو "مضاعف الاستثمار" ويقصد به أن إنفاق الحكومات (أو الشركات) لأموالها يتسبب في حالة من الرواج تفوق كثيرًا ما تنفقه الحكومات، وذلك بفعل متوالية هندسية متعلقة بالإنفاق والادخار.

 

فعلى سبيل المثال إذا قررت حكومة إقامة مشروع طريق بتكلفة مليار ريال، فإن المقاول الذي يحصل على المناقصة يستخدم 900 مليون على سبيل المثال في شراء حاجياته وتأجير المعدات، وإذا اشترى بـ100 مليون معدات من 8 شركات وأنفق الباقي رواتب فإن الشركات الثمانية تعيد إنفاق الـ100 مليون على شراء معدات ومواد خام ورواتب وهكذا.

 

ويؤدي هذا في ختام الأمر إلى أن يفوق المبلغ الذي يتداول في الأسواق الرقم الأولي للاستثمارات، بما يحقق رواجًا كبيرًا ويزيد من مستوى السيولة في الأسواق، ويحقق مواجهة الكساد بدون الحاجة لأدوات مالية لها آثارها السلبية.

 

وهناك عاملان رئيسيان يؤثران على مدى فاعلية النفقات في تحقيق حالة من الرواج، الأول هو نسبة النفقات مقارنة بالادخار بشكل عام، فكلما ارتفعت نسبة النفقات ازداد الرواج وارتفعت آثار الاستثمار على تحقيق درجة عالية من السيولة، والعكس بالعكس.

 

عوامل مؤثرة

 

أما العامل الآخر هو مدى اتساع الدائرة الاقتصادية، فإذا ما كانت أموال الاستثمار سيتم توزيعها من الحكومة لشركة ما ثم توزعها الشركة فقط، فسيكون تأثير المضاعف أقل كثيرًا مما لو كانت هناك 10 مراحل للتوزيع بما يعني رواجًا أكبر ورقماً أكبر لمضاعف الاستثمار بما يحقق هدف تلافي الركود.

 

 

وهناك بعض العوامل التي تؤثر على فاعلية "مضاعف الاستثمار"، ومن بينها وجود مخزون من المواد الأولية أو فائض من العمالة والآلات لدى المنتجين بما يحد من نفقاتهم كثيرًا ويحول دون تحقيق الاستثمار لهدفه بتحقيق الرواج في الاقتصاد ككل.

 

ولعل الحالة الأبرز في هذا الإطار تتمثل في تأخر مشروع "مارشال" في إعادة العجلة الاقتصادية للدوران في أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث تأخرت آثار المشروع في الظهور لمدة عام تقريبًا بسبب مخزون المواد الأولية الكبير لدى المصانع الأمريكية والأوروبية على حد سواء.

 

 كما تبرز ثقة المستثمرين والمستهلكين كعنصر حاسم أيضًا في الاستفادة من "مضاعف الاستثمار"، فكلما ارتفعت تلك الثقة ازداد الميل للإنفاق وبالتالي للرواج، ولذلك يحذر كثيرون من تأثير تراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين في الكثير من البلدان الغربية حاليًا على احتمالات استمرار الرواج الاقتصادي.

 

مخاوف وسلبيات

 

ولا شك أن التخفيضات الضريبية الأخيرة في الولايات المتحدة تتمتع بنفس الفائدة التي توفرها مضاعفات الاستثمار، بل تقدر دراسة لـ"هارفرد" أنها ساهمت في نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.5%، بسبب سماحها للشركات باستثمار المزيد من المبالغ المالية بما ساعد في خلق حالة من الرواج.

 

وهناك تأثيرات سلبية بالطبع لفكرة مضاعف رأس المال، وعلى رأسها ارتفاع مستوى التضخم، فمع ارتفاع نسبة مضاعف الاستثمار يزداد الإنفاق على مستوى كافة الطبقات الاقتصادية، بما يعني ارتفاع مستوى السيولة وارتفاع المستوى العام للأسعار.

 

وتزداد الأزمة إذا لم يصاحب مضاعف الاستثمار ارتفاع موازٍ في الاستهلاك، فذلك قد يؤدي مع الوقت إلى ظهور حالة من الركود التضخمي، في ظل توسع للاستثمارات، وبالتالي الإنتاج، لا يواجهه توسع مماثل في الاستهلاك، بما يعكس ركودًا في ظل ارتفاع الأسعار وهي من أشد الحالات التي قد يعانيها أي اقتصاد صعوبة.

 

 

لذا فكثيرًا ما يوصف مضاعف الاستثمار بـ"الأداة الخطيرة" التي ينبغي استخدامها بحرص شديد، ودمجها مع سياسات اقتصادية ومالية كفيلة بمنع تضخم الأسواق أو الوصول بها إلى حالة التشبع، حتى لا تنقلب الأداة من أداة بناء إلى معول هدم.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.