نبض أرقام
04:27 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

هل يصبح "اقتصاد المشاركة" "طوق إنقاذ" لليابان؟

2018/12/11 أرقام - خاص

في مايو الماضي فقط نجحت شركة "أوبر" في إقناع الحكومة اليابانية ببدء عملها في طوكيو، وذلك بعد سنوات طوال حاولت الشركة خلالها افتتاح فرعها هناك دون جدوى، وحتى عندما نجحت في ذلك عقدت صفقة معقدة تضمنت استخدام شركات التاكسي المحلية في المناطق النائية، ونوعيات محددة من السيارات في طوكيو نفسها.

 

 

لماذا التخوف؟

 

ويبدو الأمر مستغربًا بالطبع لأن اليابان تعد الدولة الأكثر تقدمًا تكنولوجيًّا في العالم وتسبق حتى الولايات المتحدة وأوروبا، غير أن الرفض الياباني لـ"أوبر" والتطبيقات المماثلة يرجع لتخوفات اليابانيين من "اقتصاد المشاركة" بمختلف تطبيقاته، لا سيما مع معاناة بلاد الشمس المشرقة من تراجع سكاني حاد.

 

ويعني اقتصاد المشاركة قيام شخص بالعمل في "أوبر" مثلا وتوصيل الركاب بسيارته بدلًا من استخدام الليموزين أو التاكسي، وتأجير بعض الناس لمنازلهم لاستيعاب السياح أو الأغراب في مدينتهم في منافسة مع فنادق المدينة، وبيع أو تأجير الناس (ليسوا تجارًا أو شركات) لسلع أو خدمات مختلفة.

 

وحال استمرار معدل تراجع عدد السكان في اليابان منذ عام 2009 حتى الآن فإن هذا العدد سيتقلص 27 مليون نسمة، مع تدني معدلات المواليد قياسًا إلى الوفيات، ليصل تعداد الدولة إلى 100 مليون نسمة عام 2050، وسيترافق ذلك بالطبع مع انكماش في النشاط الاقتصادي.

 

ولذلك كانت الحكومة اليابانية متحفظة فيما يخص بتفعيل اقتصاد المشاركة، حتى أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن حجمه لا يتعدى 11 مليار دولار فقط، في ظل حظر الحكومة اليابانية رسميًا لغالبية تطبيقات اقتصاد المشاركة.

 

تغير في الموقف

 

ولتبيان مدى ضآلة حجم اقتصاد المشاركة في اليابان يكفي الإشارة إلى أنه يقدر بحوالي 244 مليار دولار في الجارة الصين على سبيل المثال، وأنه يصل إلى 10% من الناتج المحلي في بعض الدول الأوروبية ، لا سيما مع اتساع تطبيقاته مؤخرًا.

 

 

غير أنه ومع استضافة اليابان لأولمبياد طوكيو بعد عامين من الآن ينتظر أن يزيد عدد السياح في البلاد من 27 مليون سائح إلى 40 مليونًا ولأن الغرف السياحية في البلد الآسيوي لا تستطيع مواكبة هذه الزيادة الكبيرة في الطلب وافقت طوكيو على تشغيل تطبيقات تسمح لليابانيين بتأجير غرف في منازلهم.

 

وعلى الرغم من ذلك فقد وضعت الحكومة قيودًا على ذلك أيضًا بقصر تأجير الغرف في المنازل فقط على أيام الإجازة (من الجمعة إلى الأحد) بحيث لا تؤثر على عمل الفنادق بشكل عام وتكتفي باستيعاب الزائرين الإضافيين الذين لا تستطيع الفنادق استيعابهم.

 

وسبب قيام اليابانيين أيضًا بإعادة التفكير في تفعيل اقتصاد المشاركة هو حقيقة أن تطبيق "ميركوري إنك" جاء كأكبر طرح عام أولي هذا العام في اليابان مقابل 1.2 مليار دولار. و"ميركوري إنك" هو تطبيق يسمح بشراء وبيع السلع المستعملة من المواطنين بعضهم البعض مباشرة.

 

إنقاذ للشباب

 

كما يعد اقتصاد المشاركة أيضًا حلًا لتقلص أو تراجع أداء الاقتصاد التقليدي من ناحية أخرى، فمع تراجع عدد السكان بنسب كبيرة، ستكون المناطق النائية –وهي كثيرة في اليابان بسبب الطبيعة الجبلية للبلاد وتقسيمها لجزر- بدون استثمارات حقيقية، وبوسع اقتصاد المشاركة تعويض ذلك بصورة نسبية.

 

ويقول "أوساما ناكانو" مدير العلاقات الدولية في مؤسسة الاقتصاد الياباني التشاركي إن اليابان تعاني من وجود 20 مليون شخص كعمالة مؤقتة أو موسمية، وذلك بسبب نقص العمالة الكبير، واضطرار الشركات لتعيينهم بأي صفة، وعلى الرغم من ذلك يزداد اليابانيون الذين يتلقون مساعدات حكومية عاما بعد عام".

 

وعلى الرغم من أن اقتصاد المشاركة قد لا يخلق إنتاجًا جديدًا (ببيع منتجات مستعملة مثلًا)، إلا أنه يعمل في بعض الأحيان على تحسين توزيع الدخل في البلاد من خلال تأجير البعض لسياراتهم أو بيوتهم أو حتى لبعض السلع الأخرى (هناك تطبيقات لتأجير الآلات الزراعية والصناعية على سبيل المثال).

 

 

لذلك أيضًا بدأت اليابان في تخفيف القيود المفروضة على اقتصاد المشاركة، حيث يكشف "ناكانو" أن معدلات الفقر بين الشباب الياباني بين الأعلى في الدول الصناعية، بما يعكس الحاجة لإيجاد "متنفس" اقتصادي جديد يفيد هؤلاء الشباب، بما قد يعيد معدلات النمو السكاني إلى المؤشرات الموجبة مجددًا وينقذ سكان اليابان من "التآكل" تدريجيًا.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.