نبض أرقام
06:16 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

عقلية المليونير .. كيف يبني العصاميون ثرواتهم؟

2018/12/07 أرقام - خاص

لا تتراكم الثروة من فراغ. فأولئك الذين شقوا طريقهم من الطبقتين الفقيرة والوسطى وأصبحوا من أصحاب الملايين العصاميين ليسوا مجرد مجموعة من المحظوظين بل هم أناس فهموا ما لم يفهمه غيرهم. ورغم أن هذا بلا شك هو رزقهم المقدر لهم إلا أن هؤلاء أخذوا بالأسباب. وحديثنا اليوم سيكون عن هذه الأسباب.

 

الفارق الرئيسي بين أصحاب المليونيرات العصاميين وبين غيرهم أنهم يفهمون جيداً آليات بناء وتكوين الثروات، وفي نفس الوقت لديهم الانضباط والعزم الكافيان لتنفيذ تلك الآليات.

 

 

في عام 2006 أجرى مستشار إدارة الثروات "لويس ششيف" مسحاً لتحديد السمات المميزة لأصحاب الملايين العصاميين الذين تتراوح قيمة ثرواتهم من مليون إلى 10 ملايين دولار. ووجد المسح أن 98% من المليونيرات لا يؤمنون بالفكرة السائدة القائلة بأن اتباع الشخص لشغفه سوف يجلب له الثروة.

 

كما رفض أغلبهم أيضاً الفكرة التي تقول إن الشخص بإمكانه بناء ثروة حقيقية من خلال الادخار. وفي المقابل تلخصت فلسفتهم حول أهم آليات إنتاج الثروات في الآتي: امتلاك حصة في عمل تجاري والعثور على مستثمرين بإمكانهم توفير الدعم المالي، وبناء شبكة جيدة من العلاقات وأخيراً التعلم من الأخطاء التجارية.

 

أشار مسح آخر أجراه "ششيف" في عام 2009 إلى أن أكثر من 75% من أفراد الطبقة الوسطى المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن الادخار هو مفتاح تكوين الثروات. ولكن على العكس، رفض 9 من أصل كل 10 مليونيرات هذه الفكرة قائلين إن الادخار يمكنه أن يوفر الأصول التي يمكن استخدامها في بناء الثروة ولكن ليس الثروة ذاتها.

 

وفي هذا التقرير سنستعرض معاً أهم ما ذكره "ششيف" في كتابه "عبقرية الأعمال" المنشور في عام 2011 حول آليات إنتاج الثروة التي استخدمها أصحاب الملايين، كما سنلقي نظرة سريعة على فلسفتهم في التجارة والاستثمار.

 

قلد .. لا تبتكر!

 

ابتكار منتج أو خدمة، فكرة تبدو جريئة ومثيرة بالنسبة للكثيرين، ولكن 90% من أصحاب الملايين يعتقدون أن التميز في التنفيذ أهم 100 مرة من الابتكار. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، حققت 6 اختراعات فقط من أصل 1091 اختراعاً جديداً أرباحاً كبيرة لمخترعيها، في حين أن 88% من الشركات المائة الأسرع نمواً في البلاد هي شركات تقوم بتنفيذ الأفكار الشائعة. ولكنها تقوم بتنفيذها بشكل أفضل.

 

وهذا بالضبط ما فعله "بول أورفاليا" مؤسس شركة " فيديكس كينكوز". ففي عام 1970 كانت ظاهرة نسخ الصور لا تزال في بداياتها، وحينها لاحظ "أورفاليا" أن العملاء المحتاجين لهذه الخدمة يشتكون من أشياء معينة. وعلى هذا الأساس قرر الدخول في ذلك النشاط ولكنه ركز على تقديم خدمة أفضل للعملاء من تلك التي يقدمها المنافسون.

 

 

رغم أن أسعارها كانت أعلى من أسعار المنافسين إلا أن الشركة سرعان ما جنت حصة سوقية كبيرة، وخصوصاً بعد قرارها بفتح الفروع التابعة لها 24 ساعة بغرض تسهيل الأمور أكثر على العملاء. ورويداً رويداً بدأت "كينكوز" تتوسع وتقدم المزيد من المنتجات والخدمات.

 

وعلى الرغم من أن التنفيذ أكثر أهمية من الإبداع، إلا أن قصص النجاح الفريدة التي تحرص وسائل الإعلام على نشرها طوال الوقت هي التي تنفخ في أسطورة الملايين التي حققها أصحاب الابتكارات، مما رسخ اعتقاداً سلبياً لدى أغلبية أفراد الطبقة المتوسطة مفاده أنه إذا لم تكن لديهم فكرة تماثل في ثوريتها اختراع "الترانزستور" فلا يوجد لديهم فرصة في الانضمام إلى نادي المليونيرات.

 

أهمية تكوين العلاقات

 

البعض يعتقد خطأ أن الملياردير الأمريكي "وارن بافيت" أصبح أحد أغنى أغنياء العالم فقط لأنه يستطيع اختيار الأسهم الجيدة أفضل من أي شخص آخر. غير أن هذا التصور في الحقيقة هو تصور مخل. "بافيت" لم يكن ليجني هذه الثروة الهائلة لو لم ينجح في إقناع أناس آخرين بالاستثمار معه.

 

في بدايته لم يمتلك "بافيت" سوى 100 دولار، ولكنه أقنع عدداً من أصدقائه وأقاربه بمشاركته والاستثمار معه، وتمكن بالفعل من تحقيق عوائد جيدة له ولهم. وقد ساعده هذا في الحصول على دعم مالي من آخرين تمكن بفضله من التفاوض على صفقات كان من المستحيل أن ينفذها مستثمر واحد بمفرده.

 

في المسح الذي أشرنا إليه سابقا، اعتقد 90% من أفراد الطبقة الوسطى المشاركين بالاستطلاع أن رواد الأعمال يجب أن يستثمروا بأموالهم الخاصة. وهذا عكس فلسفة "بافيت" وغيره من أصحاب الملايين الذين يدركون جيداً أهمية الحد من تعرضهم للمخاطر والسماح لآخرين بمشاركتهم في الربح والخسارة.

 

 

نحن لا نتحدث هنا عن الاقتراض حتى لا يسيء البعض الفهم. فلا تذهب وتقترض من هذا وذاك لكي تبدأ مشروعك وتعتقد بذلك أنك بأمان لأن الأموال المستثمرة ليست كلها لك. هذا نهج ساذج جداً وخطير في نفس الوقت. ما نحاول قوله هنا هو من الأفضل أن تبحث عمن لديه استعداد لمشاركتك في الربح والخسارة.

 

على سبيل المثال، "بول جرين" مؤسس شركة "سكول أوف روك" لم يتمكن من توسيع نطاق أعمال شركته إلا بعد أن أقنع طبيب الأسنان الخاص به وآخرين بالاستثمار في شركته.

 

أصحاب المشاريع الذين يصرون على الاستئثار بالملكية ويدخلون بمفردهم السوق، غالباً ما يفقدون مدخرات حياتهم عندما تفشل مشاريعهم.

 

كن على استعداد لقلب الطاولة في أي لحظة

 

لنفترض أنك دخلت معرضا للسيارات بغرض شراء سيارة، وأخبرك صاحب المعرض أن سعرها 80 ألف ريال، وهو السعر الذي تعتقد أنت أنه مبالغ فيه، وتريد أن تتفاوض على سعر أفضل. إذا لم يشعر صاحب المعرض بأنك قادر على القيام من على مكتبه في أي لحظة ومغادرة المكان غير عابئ بالسيارة فسيصر على 80 ألفاً ولن تستطيع الوصول معه إلى سعر أقل.

 

نفس الفكرة تنطبق على إدارة الأعمال التجارية. في كتابه الشهير "المساومة من أجل ميزة" الصادر في عام 1999 يقول "ريتشارد شيل" إنه "في عملية التفاوض بإمكان الطرف الذي ليس لديه الكثير ليخسره أن يفرض الشروط التي ستحول الأمور لصالحه".

 

أصحاب الملايين العصاميون دائماً ما يكونون أكثر استعداداً من نظرائهم من أفراد الطبقة المتوسطة لمغادرة طاولة التفاوض في أي لحظة. ببساطة، لا تتصرف وكأن حياتك متوقفة على هذا الاتفاق أو تلك الصفقة.

 

 

معظمنا حين يدخل أي عملية تفاوض يبحث عن نتيجة رابحة للجانبين (Win-Win). ولكن تظهر الأبحاث أنه كلما كان الأفراد أكثر ثراءً كانوا أقل رغبة في هذا السيناريو، لأن السعي إلى تحقيق نتيجة رابحة للطرفين قد يكون كارثياً إذا واجهت خصماً لا يرحم يصر على تحقيق فوز حاسم عليك.

 

بهذه الطريقة سينتهي بك الأمر وأنت تقدم تنازلات تلو الأخرى تجعلك تبدو ضعيفاً. بإمكانك الوصول إلى النتيجة الرابحة للطرفين فقط إذا أظهرت للطرف الآخر قدرتك واستعدادك لمغادرة الطاولة في أي لحظة والتخلي عن الصفقة.

 

لا تبالغ في تقدير قدراتك

 

أمية رجل الأعمال الأمريكي "جاي ثيسينس" لم تمنعه من تأسيس شركة لإنتاج الأدوات المستخدمة في صناعة الآلات في ولاية نيفادا الأمريكية في عام 1972. والمدهش هو أن "ثيسينس" صاحب الشركة التي تولد عشرات الملايين من الدولارات من الإيرادات أبقى سر أميته لنفسه حتى العام 1998.

 

لكن كيف تمكن هذا الأمي من إدارة واحدة من أنجح الشركات في مجالها طوال هذه السنوات؟ ببساطة حرص الرجل منذ اللحظة الأولى على إحاطة نفسه بموظفين موهوبين وذوي كفاءة.

 

 

المليونيرات الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم يدركون عيوبهم ونقاط ضعفهم ومتصالحون معها، ولذلك يستعينون بأولئك القادرين على مساعدتهم في هذه النواحي.

 

الملياردير البريطاني الشهير "ريتشارد برانسون" مؤسس مجموعة "فيرجين جروب" التي تضم أكثر من 360 شركة لا يستطيع فهم جداول البيانات، لكنه في نفس الوقت لديه حس تجاري عال جداً. وكغيره من أصحاب الملايين العصاميين يحرص "برانسون" على استغلال نقاط قوته جيداً، ويعتمد على الآخرين لتعويض نقاط ضعفه.

 

الفشل .. ما لا يعلمونه في الجامعات

 

على الرغم من أن الفشل شعور مؤلم ومحرج إلا أنه يعلمك دروساً لا يمكن أن تتعلمها بأي طريقة أخرى. يشير المسح الذي أجراه "ششيف" إلى أن غالبية أصحاب الملايين العصاميين عانوا على الأقل من ثلاثة إخفاقات كبيرة خلال حياتهم المهنية، وذلك مقارنة مع حالتي إخفاق لدى أفراد الطبقة المتوسطة.

 

أهمية لحظات الفشل تكمن في أنها تساعدنا على إعادة تقييم أهدافنا وتجديد العزم والتصميم لدينا. المليونيرات العصاميون يقبلون الفشل باعتباره ضرورة لتحقيق الثروة. لكن في المقابل يتخلى 50% تقريباً من أفراد الطبقة المتوسطة عن أهدافهم ويتخلون عما يسعون إليه بمجرد مواجهتهم لأي حالة فشل.

 

 

المليونير يفهم جيداً أن العائد على قدر المخاطرة. لذلك، من المستحيل أن تصبح ثرياً دون أن تتحمل مخاطر "محسوبة". وطريقة تعامل كل منا مع حالات الفشل تحدد ما إذا كان بارعاً ولديه القدرة على بناء ثروة أو أنه مجرد شخص عادي حاول الخروج من فخ دخله المتوسط، ولكن ما لبث أن عاد إلى مكانه بمجرد أن لسعته نيران السوق عاقداً العزم على ألا يحاول التجربة مرة أخرى.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.