نبض أرقام
06:24 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

هل تتحرك"العولمة الاقتصادية" نحو النهاية ؟

2018/11/16 أرقام - خاص

على الرغم من أن "العولمة" أصبحت مصطلحًا قديمًا نوعًا ما، إلا أن ما تمثله اقتصاديًا لا يزال قائمًا في عالمنا المعاصر، من خلال التجارة الدولية، وتقسيم العمل بين الدول، والشركات متعددة الجنسيات، والاستثمارات الدولية، وغيرها من أشكال "تواصل" العالم ببعضه البعض.

 

 

عودة التاريخ

 

غير أن الكاتب الاقتصادي "ستيفن دي كينج"، يرى قرب نهاية العولمة في كتابه "قبر العالم الجديد: نهاية العولمة وعودة التاريخ"، مؤكدًا على "تداعي الكثير من الأسس التي تقوم عليها العولمة لتصبح مهددة بالزوال، ليعود العالم إلى مرحلة "ما قبل العولمة".

 

وبدأت العولمة في الظهور في عام 1850، مع بدء انتقال رؤوس الأموال والسلع بصورة كبيرة بين الدول الأوروبية، وبين بريطانيا والولايات المتحدة، بل وبين حتى بعض الدول النامية، بما شكل تغييرًا كبيرًا للغاية في الفكر الانعزالي الذي ساد قبل هذا العام.

 

وانتعشت التجارة الدولية تدريجيًا، غير أن ذروة النمو كانت بين عامي 1896 و1913، إذ ارتفع حجم التجارة الدولية من  8 مليارات دولار إلى 18 مليار دولار، أي أنها زادت بنسبة 125% خلال 17 عامًا فحسب في نمو قياسي وقتها.

 

وأتت الحرب العالمية الأولى، ثم الكساد الكبير، تلاهما الحرب العالمية الثانية لتلحق ضررًا كبيرًا بالنظام "المعولم" الناشئ، فتراجعت التجارة وتحويلات النقود بسبب غياب الأمن وشكوك أصحاب رؤوس الأموال في الحصول على عوائد ملائمة مقابل الاستثمارات.

 

رفض شعبي

 

ومنذ إقرار نظام العولمة الجديد، جاء غياب العدالة الاقتصادية كالمقوض الرئيس المحتمل للنظام الاقتصادي، حيث تركزت 41% من الثروة مع 1% من السكان في الولايات المتحدة، وتشابهت النسب في دول متقدمة مثل فرنسا وبريطانيا وغيرهما.

 

ولعل هذا هو ما يدفع 30% من الأمريكيين فحسب و23% من البريطانيين، و13% من الفرنسيين إلى الإعراب عن اعتقادهم بأن مستقبل العالم الاقتصادي سيكون أفضل في ظل العولمة، وفقًا لاستفتاء أجراه مركز "بيو" الشهير لاستطلاعات الرأي.

 

 

وكذلك ازدادت القيود على أحد أهم أشكال العولمة الاقتصادية، وهي الهجرة، من خلال إعراب 79% من الأمريكيين على سبيل المثال باعتقادهم بأن الهجرة تشكل "أزمة يجب مواجهتها" في استطلاع تم إجراؤه عام 2017.

 

بل أعرب 86% من الأمريكيين عن اعتقادهم بأن مشكلة الهجرة تتفاقم عما كانت عليه عام 2008، وذلك على الرغم من إثبات الإحصاءات تراجع أعداد المهاجرين عام 2017 مما كانت عليه في 2008، بما يعكس رفضًا شعبيًا كبيرًا لأحد أهم أشكال العولمة.

 

"أمل" العولمة

 

ويمتد رفض العولمة الاقتصادية ليظهر آثاره في انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي "بريكست" إذ أثبتت استطلاعات الرأي أن رفض البريطانيين لحرية تنقل الأوروبيين إلى أراضيهم، وحرية انتقال السلع أيضًا كان من الأسباب الرئيسية لتصويتهم لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

 

وعلى الرغم من ذلك يبقى "الأمل" في استمرار العولمة الاقتصادية –بما لها وما عليها- في دول جنوب آسيا والصين، فالطبقة الوسطى في تلك الدول هي الأكثر استفادة على مستوى العالم (مقارنة بتلك الغربية أو في الدول النامية) ولذا تبدو حريصة على بقاء العولمة.

 

فدخل الطبقة المتوسطة في الصين تضاعف 3 مرات خلال الـ18 عامًا الأخيرة بسبب الصادرات القياسية لبكين، كما أن دول جنوب شرق آسيا –ومعها الهند- تحصل على عائدات قياسية بسبب سياسات حرية تدفق الأفراد عبر الحدود، وبالتالي تبدو "الأحرص" على العولمة.

 

 

ويرى "كينج" أن الأزمة الحقيقية التي تواجه العولمة هي "رفض فكرتها" لدى السواد الأعظم من الناس في وقتنا الحالي، مشيرًا إلى أن العولمة فكرة قبل أن تكون مؤسسات أو قوانين واتفاقات، وعندما يبدأ الناس- غالبيتهم- في معاداتها فإنها ستتراجع آجلًا أو عاجلًا.

 

ولهذا يشهد اليمين المتطرف، الذي يدعم سياسات الانعزال الاقتصادي، صعودًا تدريجيًا ولافتًا خلال العقد الأخير، ولا سيما في الدول الأوروبية وبدرجة ما في الولايات المتحدة، وعندما يصل هذا اليمين إلى الحكم في الكثير من الدول فإن "شهادة وفاة" العولمة سيتم كتابتها رسميًا.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.