نبض أرقام
06:18 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

"أنجيلا ميركل"..ابنة القس التي سطع نجمها في أوج الأزمات السياسية والمالية في أوروبا

2018/11/10 أرقام - خاص

ولدت "أنجيلا ميركل" واسمها "أنجيلا دوروثيا كازنر" في السابع عشر من يوليو/تموز عام 1954 في "هامبورج" بألمانيا الغربية – في ذلك الوقت – وأصبحت عام 2005 أول سيدة تقود منصب المستشارية في ألمانيا، ولكنها أعلنت مؤخرا عزمها عدم الترشح لولاية خامسة بوصفها زعيمة للحزب الديمقراطي المسيحي.

 

شكلت "ميركل" صورة الزعيمة التي تتسم بالحكمة والعملية ولقبت في وقت ما بـ"ملكة ألمانيا" وأيضا بـ"امبراطورة أوروبا" نظرا لكونها تدير أكبر اقتصاد في القارة العجوز، فمن هذه السيدة؟

 

 

البداية

 

كان والد "أنجيلا" القس "كازنر" قد انتقل من "برادندبيرج" مع أسرته إلى ألمانيا الشرقية بعد ولادة ابنته بأسابيع، ثم غيرا مكان معيشتهم مجددا عام 1957 إلى "تمبلين" حيث أنهت الفتاة دراستها الثانوية عام 1973.

 

- انتقلت "أنجيلا" لاحقا إلى "ليبزيج" لدراسة الفيزياء في جامعة "كارل ماركس" (جامعة ليبزيج حاليا) حيث التقت زميلها "أولريتش ميركل" ليتزوجا عام 1977، وبعد إنهاء دراسة الدبلوما عام 1978، عملت في الكلية الأكاديمية بالمعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية بأكاديمية العلوم، بحسب البيانات المتوافرة في "بريتانيكا".

 

- رغم انفصالها عن زوجها عام 1982، إلا أن "أنجيلا" احتفظت باسمها الأخير ليظل "أنجيلا ميركل"، وحصلت على الدكتوراه عن نظرية تتعلق بكيمياء الكم عام 1986.

 

- شاركت "ميركل" في منظمات شبابية في ألمانيا وكانت عضوا في منظمتي "الرواد الشباب" و"الشباب الألمان الأحرار" خلال ستينيات القرن الماضي حتى أن أحد زملائها اتهمها بأنها تنفذ دعايا سياسية في هذه الحركات، ولكنها أكدت على اهتمامها بالشؤون الثقافية فقط.

 

ابنة القس تصعد السلم السياسي

 

- رغم أنها ولدت في ألمانيا الغربية، إلا أنها نشأت في ألمانيا الشرقية بمنطقة ريفية أي في الشطر الشيوعي من البلاد المقسمة بعد الحرب العالمية الثانية، وبحلول عام 1989، انخرطت "ميركل" في حركة ديمقراطية – عقب سقوط حائط "برلين" – وحصلت على وظيفة كمتحدثة رسمية باسم حكومة ألمانيا الشرقية بعد عقد أول انتخابات ديمقراطية بها.

 

قبل شهرين من إعادة دمج الشطرين الشرقي والغربي إلى ألمانيا موحدة عام 1990، انضمت "ميركل" إلى الحزب الديمقراطي المسيحي، وفازت بمقعد في البرلمان، وفي العالم التالي، تولت منصب وزيرة المرأة والشباب في حكومة المستشار الأسبق "هيلموت كول".

 

قال مراقبون لـ"بي بي سي" إن "كول" اختار "ميركل" لتكون بمثابة رمز للتنوع الديمغرافي نظرا لأن الشابة قادمة من الشطر الشرقي لألمانيا لتصبح فيما بعد من بين الدائرة المقربة للمستشار الألماني في ذلك الوقت.

 

عام 1994، عينت "ميركل" وزيرة للبيئة والمحافظة على سلامة المفاعلات، وتمت الإشادة بها في قمة للأمم المتحدة عن المناخ عام 1995، وفي عام 1998، انتخبت أمينا عاما للحزب الديمقراطي المسيحي.

 

- عندما تورط "كول" في فضيحة مالية ومساهمات في حملات غير قانونية عام 1999، أرسلت "ميركل" إليه خطابا طالبته فيه بالاستقالة عام 1999، وهو ما عزز شعبيتها ورؤيتها السياسية حتى تم انتخابها عام 2000 لقيادة الحزب الديمقراطي المسيحي لتصبح أول سيدة تقوده.

 

دعا المستشار السابق "جيرهارد شرويدر" لعقد انتخابات عامة مبكرة أجريت في سبتمبر/أيلول عام 2005، وفاز ائتلاف من الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاشتراكي المسيحي، لتتشكل الحكومة بزعامة "ميركل" التي أصبحت أول سيدة تتولى منصب المستشارية في تاريخ البلاد، وكان عمرها وقتها 51 عاما.

 

 

"ميركل" والأزمات المالية

 

في بداية ولايتها الأولى، لم تكن "ميركل" الشخصية التي تتسم بالحضور على الصعيدين العام والسياسي، لكنها حاولت إظهار حقبة جديدة في تاريخ ألمانيا، ولم تكن حكومتها الائتلافية الأولى سهلة من حيث تشكيلها مع الحزب الاشتراكي.

 

كانت الولاية الثانية لـ"ميركل" بمثابة أجواء عاصفة حيث ظهر دورها الرئيسي بشكل كبير بعد تعامل حكومتها مع أزمة الديون في منطقة اليورو، وشكلت هي والرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" حينها جبهة داعمة لسياسات تقشفية كوسيلة لتعافي الاقتصادات المتضررة من الأزمة في المنطقة.

 

كان نجاح "ميركل" في هذه الأزمة ملحوظا وتصدرت المشهد إلى حد كبير عام 2013 حينما تم إطلاق اتفاق مالي يربط الحكومات في منطقة اليورو بمعايير محددة لموازناتها.

 

أدارت "ميركل" اقتصاد بلادها أثناء أزمة الديون بمنطقة اليورو والأزمة المالية العالمية باقتدار، وكانت ألمانيا هي محور صفقات الإنقاذ المالي التي منحت لدول التكتل الموحد عندما واجهت أزمة في ديونها كما رأت "سي إن إن".

 

كانت الاحتجاجات في اليونان وإسبانيا ودول أخرى موجهة بشكل كبير إلى ألمانيا ومستشارتها – التي شبهوها بالزعيم النازي "هتلر" –  لفرض برلين سياسات تقشف مالي على حكوماتهم مقابل الحصول على المساعدات المالية، ولكن مراقبين نظروا إلى "ميركل" على أنها قوة محركة لجهود استعادة الثقة في اليورو.

 

قادت "ميركل" اقتصادا هو الأكبر في القارة بمعدل بطالة منخفض وصادرات قوية على مدار سنوات مما عزز شعبيتها في الأوساط العامة ووصفوها بالأيدي الأمينة في الأوقات الصعبة.

 

عام 2013، هدأت نبرتها بشأن التدابير التقشفية حيث صرحت بأن أوروبا في حاجة لتحسين وتيرة التشغيل لمواجهة شبح البطالة.

 

 

سياسة الحدود المفتوحة

 

لعل أكبر تحدي واجهته "ميركل" كان تدفق مئات الآلاف من المهاجرين نحو أوروبا لاسيما أكبر اقتصاد بها، وحتى أواخر يوليو/تموز عام 2015، اعتبر الكثيرون المستشارة الألمانية بلا شعور عندما تجاهلت فتاة تنتظر الحصول على إقامة في البلاد.

 

لكن مع زيادة أعداد المهاجرين، اتخذت "ميركل" قرارا بتبني سياسة الحدود المفتوحة واستقبال المهاجرين وتعليق العمل بتأشيرة "شنجن".

 

أشادت الأمم المتحدة بموقفها الإنساني وصنفتها مجلة "التايم" بشخصية العام وقائدة فعلية للاتحاد الأوروبي، ولكن لم يكن الجميع سعداء بهذه السياسة لاسيما الأحزاب الشعبوية في ألمانيا.

 

رغم كثرة المشكلات بسبب هذه السياسة وشكاوى المجتمع الألماني من حوادث كالتحرش والانتقادات اللاذعة الموجهة لحكومتها، إلا أن "ميركل" لم تتراجع واكتفت فقط بالتصريح بأنها لو عاد بها الزمن للوراء عدة سنوات، لكانت قد أعدت ألمانيا لاستقبال المهاجرين واللاجئين بشكل أفضل.

 

واجه الاقتصاد الأوروبي صعوبات في ولاية "ميركل" الثالثة تزامنا مع أحداث سياسية أضرت بالقارة ووحدتها مثل ضم روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا إلى أراضيها عام 2014، وتبع ذلك توترات عسكرية وسياسية وفرض عقوبات اقتصادية ضد موسكو.

 

صاحب ذلك أيضا قطع روسي لإمدادات الغاز إلى أوكرانيا وتدخل أطراف أوروبية على رأسهم "ميركل" لحل الأزمة.

 

دخل أكثر من مليون مهاجر ألمانيا عام 2015 ودفعت "ميركل" وحزبها ثمنا سياسيا باهظا بسبب هذه السياسة، وهو ما انعكس سلبيا على استطلاعات الرأي ونتائج الانتخابات التمهيدية.

 

نهاية حقبة "ميركل"

 

ألقت "ميركل" في التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي خطابا أعلنت من خلاله نهاية عهدها في قيادة ألمانيا حيث كشفت عن نيتها الاستقالة من زعامة الحزب الديمقراطي المسيحي في ديسمبر/كانون الأول لتنهي بذلك عقدين تقريبا في قيادته.

 

أكدت "ميركل" أيضا على أنها لن تسعى لتولي منصب المستشارية لولاية خامسة وأنها ستظل مستشارة حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية عام 2021.

 

جاء خطاب "ميركل" بعد يوم من انتخابات تمهيدية في ولاية "هيس" حيث ربح حزبها بنسبة 27% من الأصوات، ورغم ذلك، فإن ذلك يمثل تراجعا هائلا للتأييد الذي حصلت عليه عام 2013.

 

أظهرت استطلاعات رأي تناولتها "الإيكونوميست" بأن ناخبي "هيس" أرادوا معاقبة الحكومة الحالية بزعامة "ميركل" وإظهار أن زمن التأييد لها قد ولّى، واعتبرت "ميركل" هذه النتائج علامة على عدم قدرتها على المضي قدما بنفس الوتيرة.

 

رأى محللون ومراقبون للمشهد الألماني ان سياسة "ميركل" بفتح الحدود أمام المهاجرين كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وكتبت نهاية لتاريخها السياسي.

 

تترقب الأوساط السياسية ديسمبر/كانون الأول الذي سيشهد انتخاب قائد جديد للحزب الديمقراطي المسيحي – والذي سيكون بالطبع مرشح الحزب للمستشارية – لمعرفة توجهات السياسة القادمة لـ"برلين".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.