نبض أرقام
06:18 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

ما المعادلة الفعّالة لتحقيق النمو الاقتصادي؟

2018/11/03 أرقام - خاص

"كيف تحدث "المعجزات" الاقتصادية بانطلاق دولة، أو مدينة، لتحقيق معدلات نمو كبيرة تنقلها من زمرة الدول النامية إلى تلك المتقدمة، ولنقلها من "العجز" الاقتصادي إلى الوفرة؟".

 

يحاول كتاب "كيف يتحقق النمو حقا؟ صنع المعجزات الاقتصادية باستخدام الإنتاج، والحكومة، والمهارات" للكاتب الأمريكي "مايكل بيست" الوصول إلى إجابة عن هذا السؤال من خلال استعراض عدد من التجارب الاقتصادية في الماضي والحاضر.

 

 

"بوسطن" مثالًا

 

ويبرز مثال إنتاج الطائرات في الولايات المتحدة في فترة الحرب العالمية الثانية كمثال واضح على توافر عوامل النمو الثلاثة، حيث أنتجت الولايات المتحدة خلال فترة الحرب ما يفوق كافة الطائرات المنتجة حول العالم منذ البدء في تصنيعها بشكل موسع قبل أكثر من 30 عامًا.

 

ويرجع ذلك إلى "فانيفار بوش" وهو المهندس الخاص بالتنسيق في معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا، إذ تمكن من تنسيق جهد الإنتاج الحكومي مع جهود القطاع الخاص وتنسيق عقود التعاقد المباشر من الحكومة الأمريكية، وذلك كله مع جمع كافة المهارات المطلوبة للإنتاج.

 

ولذلك وخلال أعوام الحرب العالمية الثانية الستة شهدت صناعة الطائرات الحربية طفرة كبيرة للغاية، بنموها بنسبة تفوق 700%، كما ظهرت العديد من أشكال التكنولوجيا الجديدة التي شكلت اختراقًا ليس في مجال الطائرات الحربية فحسب ولكن في مجال الطيران المدني أيضًا.

 

وتبرز مدينة "بوسطن" الأمريكية كأحد أمثلة النمو اللافتة خلال التاريخ الحديث، فالمدينة عانت كغيرها من آثار الحرب العالمية الثانية على الاقتصاد، لكنها تمكنت من تحقيق معدلات نمو تفوق ضعف معدلات النمو الأمريكي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

 

المعجزة الصينية

 

عن طريق 55 ألف شركة تعمل في مجالات متنوعة أهمها التوربينات والبصريات والأجهزة الطبية ومعدات الاتصالات والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الكيميائية، وحكومة أمريكية تستثمر فيها، فضلًا عن وجود الكثير من الجامعات والمدارس، تمكنت المدينة من تحقيق الطفرات وحققت "بوسطن" معجزتها.

 

 

وعلى الرغم من أثر تلك المعجزة الإيجابي، إلا أن هذا الأثر تضاءل لاحقًا بفعل موجات كبيرة من الهجرة للمدينة الأمريكية طمعًا في الحصول على الأجور العالية التي تميزت بها، غير أن الأثر الإيجابي انعكس بشكل عام على الاقتصاد الأمريكي وليس اقتصاد المدينة فحسب.

 

وتأتي المعجزة الصينية أيضًا لتمثل ائتلاف الثلاثة عناصر، الحكومة، والقطاع الخاص، والمهارات. فالحكومة الصينية لم تحقق معدلات نمو تفوق 4% حتى سبعينيات القرن الماضي ومع بدء التخلي عن النظام الشيوعي الصارم والاتجاه للاعتماد على القطاع الخاص، أصبحت معدلات النمو أكثر ارتفاعا في الثمانينيات مع تطور القطاع الخاص.

 

غير أن بداية المعجزة الصينية ترجع إلى بداية التسعينيات وإلى العقدين الماضيين، من خلال معدلات النمو التي تتخطى 7% تعود إلى تضافر الثلاثة عوامل معًا، الحكومة والقطاع الخاص والمهارات، والأخيرة تم اكتسابها من خلال برامج تطوير التعليم في الثمانينيات.

 

تدخل حكومي "مدروس"

 

ولذلك تستمر دول مثل الصين والهند في تحقيق معدلات نمو قياسية، ليس فقط بسبب وجود مجالات للتوسع الاقتصادي الطبيعي ولكن بسبب استمرار التدخل الحكومي المباشر في الاقتصاد، بما يميزها عن الاقتصادات الغربية التي لا تحظى بنفس الدور للحكومة.

 

ويرجح "بيست" قدرة الولايات المتحدة وأوروبا على تحقيق معدلات نمو تصل إلى 5-6% سنويًا إذا ما قررت عودة الحكومات للعب دور أكبر في الاقتصاد (دور المنتج لبعض السلع والخدمات) بما يضمن للاقتصاد توافر بعض الخدمات والسلع المطلوبة والتي قد لا يقبل القطاع الخاص تقليديًا على إنتاجها بأسعار جيدة للاقتصاد.

 

والمثال الذي يؤكد هذا، ما فعلته ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إذ حققت معدلات نمو تفوق كافة الدول الأوروبية رغم معاناتها الشديدة بسبب القيود المفروضة عليها بسبب الحرب ونتائجها، وكانت كلمة السر في ذلك دور الحكومة الألمانية.

 

 

فالأخيرة استمرت في إنتاج الصلب لعقدين حتى تستطيع الصناعات الخاصة الوفاء بمتطلبات السوق، كما بقيت حتى يومنا هذا مشاركة في إنتاج الكهرباء والمياه وغيرهما من "خدمات البنية التحتيتة" لتؤكد أنه لا غنى عن تدخل حكومي "مدروس" في الإنتاج مع توافر قطاع خاص ثري ومهارات متميزة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.