نبض أرقام
06:19 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

"الفريق الأفضل"..فن الإدارة في الشركات وفقا لخبرة قادمة من ساحة المعركة

2018/09/07 أرقام - خاص

لا يتعلق الأمر في الإدارة والاقتصاد، بكم الموارد المتاحة فقط، ولكنه يمتد ليشمل كيفية استغلال تلك الموارد، وآلية اتخاذ القرارات، ومدى "واقعية" الصورة التي يحصل عليها متخذو القرارات ليتمكنوا من الوصول لأفضل قرار ممكن.

 

 

قرارات فورية ومرنة

 

هذا ما يؤكده الجنرال "ستالني ماكريستال" القائد السابق في الجيش الأمريكي، والذي خاض معارك عدة أبرزها في العراق وأفغانستان، في كتابه "الفريق الأفضل: القواعد الجديدة لـ"الاشتباك" في عالم متشابك"، والذي يعده محاولة للإجابة عن تساؤل "لماذا لم تنجح القوات الأمريكية في العراق، في الوقت الذي نجحت فيه المقاومة في مواجهة القوات الأمريكية.

 

ويرى "ماكريستال" في "القرارات الفورية والمرنة" عنصر التفوق الأهم في المواجهة بين القوات الأمريكية والمقاومة في العراق، مشيرًا إلى أن الفريق الأخير يتخذ قراراته في المعارك بصورة فورية ووفقًا للمتغيرات الحادثة أمامه، بما يمنحه –من وجهة نظر إدارية وعسكرية أيضًا- ميزة نسبية كبيرة في مواجهة الجيش الأمريكي.

 

وفي المقابل، يتبع الجيش الأمريكي ما يعرف بـ"تسلسل القيادة" والمقصود به وجود شخص باستمرار منوط به اتخاذ القرار ويسأله من هم أقل منه في الدرجة اتخاذ القرار بعد توفير المعطيات اللازمة، وعلى الرغم من أهمية هذا الأمر في الجيوش النظامية لكي لا تسودها الفوضى، إلا أن هذا يؤخر اتخاذ القرارات في مواجهة "عدو" يتخذ قراراته بأعلى درجات المرونة والانسيابية، كما قد يجعل الصورة لدى متخذ القرار "غير دقيقة" أو "متأخرة".

 

ولذلك فكثيرًا ما تكون "القرارات السابقة" التي حققت نجاحًا غير قابلة للتكرار بنفس النجاح بسبب وجود متغيرات على الأرض يجب مراعاتها، لذا يعتبر "استنساخ" التجارب السابقة بمثابة "وصفة للفشل" وفقًا لـ"ماكريستال"، وكثيرًا ما يميل القادة في الجيوش والشركات إلى اتخاذ نفس المسارات التي حققت نجاحات سابقًا بغض النظر عن المتغيرات الطارئة بما يجعلها لا تحقق نفس النجاح مجددًا.

 

خبرة الحروب تفيد الشركات

 

ويسقط "ماكريستال" ما حدث في حرب العراق على الشركات، التي يرى أن "البيانات الضخمة" (big data) والصور العامة لن تنقذها في اتخاذ القرارات العاجلة، التي تحتاج لـ"فريق مرن" يقوم بتقييم الوضع ودراسته وتحليله سريعًا وتقدير الخيارات لاتخاذ أفضلها، بحيث يكون ذلك كله في وقت سريع ودون الحاجة لتدخل من خارج هذا الفريق.

 

 

وينتقد "ماكريستال" في كتابه اعتماد الجيش الأمريكي –وبعض الشركات- على برامج الذكاء الاصطناعي من أجل اتخاذ القرارات، فقد تكون مفيدة بالطبع، لكن يجب إخضاعها لـ"إشراف بشري"، يسمح بمراعاة بعض العوامل التي يفشل الكمبيوتر في تقديرها.

 

ويضرب "ماكريستال" مثالًا باتخاذ الكمبيوتر قرارًا بحتمية سيطرة القوات الأمريكية على بعض المناطق الاستراتيجية في العراق، وعلى الرغم من أهمية تلك المناطق بالفعل، إلا أن "إخضاعها" كان بكلفة بشرية عالية من الأمريكيين والعراقيين، بما جعل الأمور تتعقد وتزداد درجة الرفض للقوات الأمريكية في العراق بما زاد من المقاومة ضد وجودها.

 

وينطبق نفس الأمر، وفقًا لـ"ماكريستال"، على الشركات التي قد تتخذ قرارات بالتوسع تخدم مصالحها الآنية، ولكنها تخسر "صورة الشركة" وتشعر الكثير من المستهلكين بأنها "تتضخم أكثر مما ينبغي" بما قد يدفعها نحو طريق السقوط عاجلًا أو آجلا.

 

"آي.بي.إم" و"جوجل"

 

وكثيرًا ما يضرب المثل بشركة "آي.بي.إم" في مجال الأخطاء الإدارية، غير أن "ماكريستال" يرى في الشركة "جانبًا مشرقًا" لم يلتفت إليه الكثيرون وأدى لاستمرار الشركة رغم أخطائها المتكررة، ويتمثل في إدارة الشركة على شكل خلايا عنقودية لكل منها وظيفته التي تتكامل مع الوظائف الأخرى بالنهاية لتحقق أهداف المؤسسة.

 

ويختلف الشكل العنقودي عن الشكل الهرمي في التخطيط في أن الأول يتسم بدرجة أكبر من المرونة واتخاذ القرارات لا سيما في ظل بيئة معقدة كتلك الموجودة في الحروب أو في الشركات الكبيرة، بينما النظام الهرمي أبطأ وإن حقق ميزة السيطرة بدرجة أكبر.

 

ويشير "ماكريستال" إلى أنه لتجنب الآثار السلبية لـ"تشتت" اتخاذ القرار يجب الاهتمام بصورة كبيرة للغاية بمرحلة "التوظيف" أي اختيار العناصر الأفضل، حتى يمكن ترك اتخاذ القرارات لهم دون خوف من آثار ذلك السلبية على الشركات، واختيار العناصر الراغبة في النجاح والتي تتمتع بالقدرة على القيادة واتخاذ القرارات حتى لو لم يكن موقعها قياديًا في الهيكل التنظيمي.

 

 

ويرى "ماكريستال" في أسلوب "الإدارة بالفرق" الحل الأمثل لتلافي العقبات المتعددة التي تعترض طريق الشركات في ظل التعقيد الكبير الذي يتسم به عالم الأعمال في وقتنا الحالي، ويضرب مثلًا بـ"جوجل" التي لا يوجد لديها أقسام بالمعنى التقليدي، قدر ما يوجد بها "فرق" كل منها يقوم بمهمة بعينها ويتخذ القرارات بصورة "شبه مستقلة" وإن خدمت تلك القرارات استراتيجية الشركة العامة ولكن اتخاذها يتم بصورة أسرع وبقدر أكبر من الكفاءة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.