نبض أرقام
08:31 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30

محفظتك "صوتك الانتخابي الاقتصادي".. قاطع وادعم

2018/05/25 أرقام - خاص

"إذا كنت تصوت في الانتخابات السياسية رغبة منك في اختيار الأفضل لإحداث التأثير الذي تنشده في المستقبل، فإن "محفظتك" هي أداتك للتصويت في الاقتصاد، لذا فعليك أن تتعامل مع ما تخرجه منها من أموال بحرص شديد لأنه سيؤثر على مستقبلك كله".

 

 

كان هذا هو شعار حملة أمريكية انطلقت على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تحت اسم "صوت باستخدام محفظتك"، وتقوم على توعية المستهلكين بضرورة الإنفاق فقط على السلع الجيدة، لأن ذلك من شأنه أن يدعمها ويجعلها تتحسن، بينما ستتراجع السلع الرديئة وتضطر للتحسن للبقاء أو حتى للاختفاء كلية.

 

حملات مقاطعة تتسع

 

وتبدو تلك الحملة متسقة مع اتساع نطاق حملات المقاطعة لمنتجات أو شركات عدة، ولعل أبرزها خلال العامين الماضيين شركة "أوبر" بسبب بعض المواقف العنصرية والتهرب من دفع الضرائب، و"فيسبوك" بسبب انتهاك الخصوصية وتسريب بيانات المستخدمين.

 

ويرى موقع "فاست كمبوني" المتخصص في الإدارة أن الكثيرين يقعون في خطأ مقاطعة الشركات التي يعترضون على أدائها فقط، أو تلك التي تنطلق ضدها حملات شعبية لمقاطعتها، دون أن يفكروا في أي الشركات يدعمون.

 

فعلى سبيل المثال إذا كان المستهلك حريصًا على حالة البيئة، فليس عليه أن يقاطع شركة إنتاج السيارات فقط لأن منتجاتها تلوث البيئة، بل عليه أيضًا أن يبحث عن شراء منتجات الشركة الأكثر محافظة على البيئة وهكذا.

 

وبهذا الشكل ستضطر الشركات باستمرار لمراعاة مجموعة من العوامل التي يعلم أنها تحتل صدارة أولويات المستهلكين (ولا سيما المنتمون للشركة من خلال فكرة المستهلك الراضي)، وبالتالي يعمل المستهلك على "تحقيق أجندته" من خلال طريقة إنفاقه.

 

هل المقاطعة وسيلة ناجحة؟

 

وتكشف دراسة لـ"مؤسسة أبحاث السياسات" المتخصصة في الإدارة التابعة لجامعة "نورث ويسترن" "IPR" أنه في كثير من الأحيان لا تكون المقاطعة وسيلة ناجحة في توجيه سياسة الشركات، وأن الكثير من الشركات تتجاهل حملات المقاطعة تمامًا لعلمها بمحدودية تأثيرها.

 

 

ويقول "برايدن كينج" أستاذ الإدارة بالمعهد في ورقة بحثية لمؤسسة أبحاث السياسات إن هناك العديد من الأشياء التي تعترض فكرة المقاطعة، ولعل أهمها وأبرزها فكرة التعود، حيث إن المستهلك غالبًا ما يشكل "نمطا استهلاكيا" معينا يصعب عليه للغاية أن يغيره إلا في حالات محدودة.

 

وفي كثير من الحالات (وفقا لـكينج)، فإن الشركات تعلم مثلًا أن حملة المقاطعة تأتيها من جانب المهتمين بالبيئة فحسب، وأن نسبتهم ضئيلة بين عملاء الشركة لذا فإن تأثير حملات المقاطعة تلك لن يكون ملحوظًا على المبيعات الكلية لها.

 

وما يلحق الضرر بالشركات من حملات المقاطعة غالبًا لا يتعلق بعدد هؤلاء الذين يستجيبون لها ويقررون الانضمام إليها، ولكن بمدى التغطية الإعلامية التي تحظى بها حملة المقاطعة بما يعكسه ذلك من تأثير على حملة الأسهم والسوق بشكل عام.

 

ولعل أبرز مثال يوضح ذلك هو ما حدث مؤخرًا مع "فيسبوك" فحملات المقاطعة لم تتسبب في تراجع ترتيب الموقع عالميًا (بمعنى أن معدلات استخدامه لم تتأثر) ولكنها تسببت في تراجع حاد في سعر سهم الشركة في حينه، ولم يستجب الموقع لحملات المقاطعة قدر استجابته لتراجع قيمة أسهمه بسبب "السمعة السيئة".

 

وعلى الرغم من أن حملات المقاطعة غالبا لا تحقق أهدافها إلا أن حالة سلسلة مطاعم "تاكو بيل" هي الأشهر في النجاح، حيث بدأ عمال الشركة إضرابًا عن العمل، ثم عن الطعام واحتجاجات عنيفة من أجل الحصول على زيادة في الأجر وظروف عمل أفضل غير أن الشركة قررت تجاهلهم.

 

وبناء على رؤية المستهلكين لمعاناة مقدمي الخدمة، قرر مجموعة منهم البدء في مقاطعة المنتجات في نهاية التسعينيات وبدأت الحملة تتسع وكبدت الشركة خسائر اضطرتها بعد أعوام (في عام 2005) إلى الخضوع لمطالب تحسين ظروف العمل والأجور لعمالها.

 

الجدل يتواصل

 

ولعل الجدل الدائر هذه الأيام في الولايات المتحدة حول مقاطعة الشركات التي ترفض قطع صلاتها باتحاد الأسلحة القومي يعكس مدى انتشار فكرة المقاطعة في عقول المستهلكين ومدى رؤيتهم لقدرتها على التأثير.

 

وتقول مجلة "تايم" إن ممثلي هيئة الرقابة على الأسلحة بدأوا يهددون شركات عملاقة مثل أمازون وأبل بأنه إذا لم تقطع أية اتفافيات تعاون مع اتحاد الأسلحة القومي (مثل اتفاقيات الأسعار التفضيلية) فإنها ستعاني من حملات مقاطعة شعبية واسعة قد تلحق الضرر بمراكزها المالية.

 

 

وتسعى هيئة الرقابة على الأسلحة (هيئة غير حكومية) لمحاصرة اتحاد الأسلحة القومي اقتصاديًا، علمًا منها بأن عدد مؤيديها أكبر من داعميه.

 

وعلى الرغم من ذلك ترى "تايم" أن هذا المدخل الذي تتبعه هيئة الرقابة محفوف بالمخاطر لأن تلك الشركات قد تقيم الوضع بأن أحدًا لن يستجيب لدعوات المقاطعة تلك وبالتالي تصبح مجرد تهديدات جوفاء وتفقد الهيئة أية قدرة على التفاوض لاحقًا من أجل "صفقة أفضل" مع تلك الشركات، لتبقى المقاطعة سلاحًا فعالًا متى توافرت له شروط النجاح فقط.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.