نبض أرقام
04:24 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

صناديق الاستثمار العقارية المتداولة "ريت" .. ما هي؟ وكيف تختار الصندوق الصحيح؟

2019/04/30 أرقام - خاص

في الثالث عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، قامت "تداول" بإدراج صندوق "الرياض ريت"، ليصبح أول صندوق استثمار عقاري متداول (ريت) أو "REIT" يتم إدارجه بالسوق.

 

لكن، رغم ظهورها المتأخر في السوق السعودي، إلا أن صناديق الـ"ريت" ليست اختراعا جديدا. ففي عام 1960 وضع الكونجرس الأمريكي الأساس القانوني لهذا النوع من الصناديق، وبعدها بخمس سنوات تم إدارج أول صندوق "ريت" في بورصة نيويورك.

 

وذلك قبل أن تدخل إلى أوروبا عبر هولندا في عام 1969، ثم أستراليا في عام 1973، وكندا في عام 1993. واليوم تنتشر في أغلب الأسواق العالمية.

 

 

وعلى مدار العام والنصف الماضيين يستمر عدد المدرج من تلك الصناديق بالسوق السعودي في الازدياد، ليصل حالياً إلى 11 صندوقاً. وبغرض مساعدة المستثمر على فهم ما يدور حوله، سنحاول في هذا التقرير شرح ماهية صناديق الـ"ريت" وكيفية عملها، وكيف يمكن للمستثمر أن يفاضل بينها؟

 

حيرة المستثمر أمام المعروض

 

- شكل تطور الأسواق المالية في العقود الأخيرة تحدياً كبيراً للكثير من المستثمرين الذين أصبحوا حائرين بين الأعداد الكبيرة للأدوات الاستثمارية المتاحة. فبشكل عام، نجد أن الأسهم كانت دائمًا هي الدعامة الأساسية للنشاط الاستثماري، وفي المقابل تظهر السندات كخيار آمن لأولئك الذين لا يحبذون المخاطرة.

 

- في الوقت نفسه، نجد أن المضاربين هم الأنشط في مجال عقود الخيارات، في حين تظهر الصناديق المشتركة باعتبارها واحدة من أسهل الأدوات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين. ولكن توجد هناك أداة استثمارية لا تندرج تقريباً تحت أي من الفئات السابقة لم تكن تحظى بشعبية كبيرة حتى وقت قريب، وغالباً ما كان يتم تجاهلها وهي صناديق الاستثمار العقارية المتداولة.

 

- لنفترض مثلاً أنك تعيش في الرياض، وتلاحظ وجود حالة من الازدهار في السوق العقاري بالمدينة. أسعار الشقق السكنية ترتفع بشكل كبير، وكذلك إيجارات المحلات التجارية، وهناك الكثير من الشركات التي تأتي إلى المدينة باحثة عن مساحات مكتبية تدير من خلالها أعمالها التجارية ويدفعون مقابلها إيجارات جيدة.

 


- هذا الوضع بالنسبة لأشخاص عاديين مثلي ومثلك يبدو كفرصة جيدة للاستثمار وتحقيق عوائد جيدة، ولكن في تلك اللحظة تظهر المشكلة الكبيرة التي تحول دون استفادتنا من حالة الازدهار هذه، وهي رأس المال الأولي المطلوب للدخول في هذا السوق.

 

- إذا نظرنا مثلاً إلى تكلفة شقة سكنية ليست فاخرة وإنما جيدة، سنجد أنها إلى حد ما تفوق إمكانياتي كموظف ذي أجر شهري متوسط، وغالباً سأحتاج للحصول على قرض لشراء تلك الشقة، وهو ما سيعني أن الجهة المقرضة ستضع يدها على جزء كبير من دخلي الشهري لمدة قد تصل إلى 20 عاماً. هذا بالنسبة لشقة، فما بالك بمجمع تجاري قد تبلغ تكلفته 20 ضعف ذلك المبلغ.

 

- لذلك، بشكل عام، على الرغم من ضخامة العوائد المتوقعة، إلا أن الاستثمار الأولي الذي أحتاج إليه من أجل الولوج إلى السوق العقاري بعيد جداً عن متناول يدي، ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل أن أستفيد من العقارات كأداة استثمارية.

 

- من هنا، ظهرت صناديق الاستثمار العقارية المتداولة لمساعدة صغار المستثمرين على التغلب على هذه العقبة وتمكينهم من الاستثمار في العقارات دون الحاجة إلى رأس مال كبير. هذه الصناديق عبارة عن شركات تمتلك أو تدير أو تمول مجموعة من العقارات المدرة للدخل، وتجمع رأس مالها من المستثمرين خلال اكتتاب عام.

 

الفرق بينها وبين الأسهم

 

- كواحد من المكتتبين بهذا الصندوق، أنت تقوم بشراء جزء من وعاء استثماري مدار يضم محفظة متنوعة من الأصول العقارية (مثل الشقق السكنية والمساحات المكتبية ومراكز التسوق والمحال التجارية والفنادق) وهذا الوعاء يولد الدخل من خلال تأجير أو بيع ممتلكاته، قبل أن يتم توزيع العائد مباشرة على مالكي الوحدات (ملكية الصندوق مقسمة إلى وحدات) بصورة منتظمة.

 

- الصندوق ملزم قانوناً بتوزيع 90% على الأقل من صافي أرباحه على مالكي الوحدات بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض سعر الوحدة (وهذه خاصية جذابة بالنسبة للمستثمر المهتم بتوليد دخل منتظم)، وهذا عكس الحال في سوق الأسهم، حيث إن الشركة ومجلس إدارتها هم من يقررون ما إذا كان سيتم توزيع الفائض النقدي على المساهمين أو لا.

 


- يمكن للمستثمرين شراء وبيع وحدات صناديق الـ"ريت" في السوق الثانوية، كما هو الحال مع جميع الأوراق المالية المتداولة في السوق، وتعتبر القدرة على الدخول والخروج بسرعة من هذه الصناديق إحدى مزاياها الرئيسية، فلن يضطر المستثمر إلى الانتظار لشهور حتى يتم بيع العقارات من أجل حصوله على أمواله.

 

- سعر الوحدة في السوق يعكس بشكل رئيسي أداء الفريق الإداري القائم على الصندوق، بالإضافة إلى قيمة العقارات التي تضمها محفظة الصندوق.

 

- دخل الصندوق مصدره الإيجارات، والأرباح الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع قيمة العقارات الموجودة بالمحفظة والتي لا توزع إلا في حال تم بيع العقار. وبالمناسبة، لا تمتلك كمستثمر بالصندوق أي سيطرة على موعد تحقيق ذلك الربح الرأسمالي، أو بيع ذلك العقار. الأمر بيد الإدارة، والتي قد ترى مثلاً أن بيعها لهذا العقار سيؤثر على تنويع المحفظة أو على تدفقاتها النقدية.

 

- من المهم جداً أن نفهم أن الهدف الرئيسي لصناديق الـ"ريت" هو توليد تدفقات نقدية مستقرة وعادة ما يتم ذلك بمساعدة الإيجارات، في حين تأتي الأرباح الرأسمالية بعد ذلك كهدف ثانوي.

 

- باختصار، هذه الصناديق تجعل الاستثمار العقاري أكثر سهولة بالنسبة للمستثمر العادي، حيث تتيح للمستثمرين إمكانية امتلاك حصص في مشاريع التطوير العقاري وغيرها من الأصول العقارية كمساهمين دون الحاجة لرأس مال كبير.

 

كيف تختار الصندوق الصحيح؟

 

- كما هو الحال مع أي استثمار آخر، يجب أن تأخذ وقتك وتدرس الخيارات المتاحة أمامك حين تحاول المفاضلة بين صناديق الـ"ريت" المتاحة في السوق. فهناك بعض العوامل الحاسمة التي يجب أن تأخذها في اعتبارك قبل أن تتخذ قرارك.

 

- أولاً وقبل أي شيء آخر: الإدارة. من المهم جداً قبل أن تفكر في المشاركة باكتتاب أي صندوق "ريت" أو شراء وحداته إذا كان تم طرحه للتداول بالفعل أن تنظر في سجل وتاريخ الفريق الإداري القائم على الصندوق، فكما يعرف الجميع، ترتبط الربحية ارتباطاً وثيقاً بقدرة الإدارة على اختيار الاستثمارات الصحيحة واتباع أفضل الاستراتيجيات.

 

- خبرة القائمين على إدارة الصندوق أمر بالغ الحيوية. فالسوق العقاري مثل الغابة، والنجاح فيه أبعد ما يكون عن الحظ والتنجيم ويتطلب قدرة كبيرة على الاختيار الدقيق لخصائص الأصول، ودرجة عالية من الكفاءة في تنفيذ أصغر المهام الإدارية. لكن في نفس الوقت، يجب أن نشير إلى أن هذا العامل قد يصعب تطبيقه في السوق السعودي، لأن صناديق الـ"ريت" لا يزيد عمر أقدمها على العام ونصف.

 

- من المهم جداً أيضاً أن تنظر إلى الطريقة التي يحصل وفقها الفريق الإداري على مكافآته. فإذا كانت هذه المكافآت مرتبطة بأداء الصندوق، فهذه علامة جيدة، لأن هذا يعني أنهم سيقاتلون من أجل تحقيق الصندوق لأفضل عائد ممكن.

 


- ثانياً: التنويع. السوق العقاري ليس كتلة واحدة، فبداخل السوق قد تتذبذب أسعار العقارات بحسب أنواعها وموقعها. ولذلك من الأهمية بمكان أن يكون الـ"ريت" الذي تنوي الاستثمار به يمتلك محفظة متنوعة من العقارات.

 

- في الأسواق المتقدمة، مثل السوق الأمريكي توجد هناك أدوات استثمارية تتيح للمستثمر إمكانية الاستثمار في مجموعة متنوعة من صناديق الـ"ريت" في نفس الوقت من خلال الاستثمار في صندوق واحد يسمى " REIT ETF" وهو عبارة عن صندوق مؤشرات متداولة يمتلك محفظة متنوعة من صناديق الـ"ريت". هذا تنويع لأصول متنوعة أساساً! ولكن مثل هذه الأداة المتقدمة ليست متوفرة إلى الآن في السوق السعودي.

 

- ثالثاً: الأرباح. آخر نقطة يجب أن تنتبه إليها قبل الاستثمار بأي "ريت" هي دخله التشغيلي وحجم النقد المتاح للتوزيع. وهذه أرقام مهمة لأنها تقيس الأداء الكلي للصندوق، والذي يتم ترجمته إلى الأموال التي يحصل عليها المستثمر في النهاية.

 

- لكن يجب أن نشير هنا إلى أن ترتيب هذه العوامل مقصود، بمعنى أن العامل الأخير لا يجب أن يتقدم على عاملي الإدارة والتنويع، لأنه من الممكن جداً أن يحقق الصندوق عوائد غير طبيعية بسبب ظروف السوق العقاري، وهو ما لا يعكس الإمكانات الحقيقية للصندوق أو مدى كفاءة إدارته.

 

- هناك نقطة أخرى غاية في الحيوية يجب أن تدركها بينما تحاول اختيار الـ"ريت" المناسب وهي نسبة الديون في هيكل رأس المال. فالصناديق التي تستخدم كمية كبيرة من رأس المال المقترض ستكون أكثر عرضة من غيرها للتأثر سلباً بارتفاع أسعار الفائدة.

 


- أخيراً، مهما كان العائد على أي صندوق "ريت" جذاباً لا تتحمس أكثر من اللازم، واحرص على أن لا يشكل جزءًا كبيراً من محفظتك، مثله مثل أي أداة استثمارية أخرى، وتذكر أنه لا يوجد استثمار مضمون أو خال تماماً من المخاطر.

 

- نأمل أن يكون هذا التقرير قد أعطاك فكرة ولو بسيطة حول هذه الأداة الاستثمارية الجديدة نسبياً على السوق السعودي، والتي أصبحت تحت دائرة الضوء خلال الأشهر الأخيرة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.