نبض أرقام
08:27 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30

كيف تتحول دولة صغيرة بلا موارد إلى "سويسرا"؟.. "القيمة المضافة" كلمة السر

2018/02/17 أرقام - خاص

دولة صغيرة بلا موارد كثيرة يقطنها عدد قليل من السكان (8.5 مليون شخص) وبلا جيش تقريبًا.. لا شك أن هذه المعطيات ستؤدي إلى "دولة ضعيفة" وربما "فاشلة" في نظر البعض .
 

لكن كل ما سبق ينطبق على دولة من أغنى دول العالم.. سويسرا التي لا يتفوق عليها في مستوى دخل الفرد سوى 3 دول بينها ليختنشتاين ولوكسمورج.

 

القيمة المضافة والخدمات

 

 

ويبدو أن الدولة الأوروبية الصغيرة وجدت كلمة السر في تحقيق الثروات بأبسط السبل.. التركيز على "القيمة المضافة".
 

ولتبسيط مفهوم القيمة المضافة فإنه يمكننا أن نفترض أن صانعًا يقوم بعمل نافذة، يستخدم فيها زجاجًا بقيمة ريال وأخشاب بقيمة ريال آخر، ثم يبيع النافذة بـ3 ريالات.
 

ففي هذه الحالة تكون القيمة المضافة للنافذة ريالًا واحدًا، على الرغم من أن سعر بيعها 3 ريالات، غير أن القيمة المضافة هي قيمة البيع مطروحًا منها قيمة العناصر التي تدخل في الإنتاج (المواد الأولية).
 

لذا عادة ما تكون الخدمات دائمًا هي أكثر القطاعات توليدًا للقيمة المضافة، نظرًا لمحدودية المواد الأولية التي تدخل فيها.
 

وعلى ذلك، فإن 74% من عائدات الاقتصاد السويسري من الخدمات، و25% من الصناعات و1% فقط من الزراعة.
 

والتركيز على الخدمات بهذه الصورة الكبيرة يعكس إدراكًا كبيرًا لمفهوم القيمة المضافة وعملًا على تفعيله بأقصى ما يكون.
 

وتأتي شركات الاستثمار والبنوك في مقدمة الخدمات التي يقدمها الاقتصاد السويسري ويحصد من ورائها عائدات استثنائية.
 

فالبنوك تقدم أكثر من 10.4% من عائدات الناتج القومي للبلاد، وهي بذلك تتفوق (من ناحية النسبة) على بقية بنوك أوروبا.

 


 

ولا شك أن أهمية هذا الرقم تتعاظم عندما نعلم أن نسبة مساهمة القطاع البنكي في الاتحاد الأوروبي لا تتعدى 4.8%.
 

كما أن "يو بي إس" يحتل المركز السابع والعشرين على مستوى البنوك في العالم فيما يتعلق بحجم الأصول أما بنك "كريدي سويس" فيحتل المركز التاسع والعشرين.

 

ليست البنوك فقط!

 

ويلاحظ أن البنوك السويسرية غالبًا ما تعمد في عملها إلى التركيز على القروض الشخصية وليس القروض الممنوحة للشركات.
 

والفكرة وراء هذا الأمر أن القروض الشخصية عادة ما تكون أعلى عائدًا من تلك الممنوحة للشركات كما أن موقف البنوك تجاه الأفراد يكون أقوى منه تجاه المستثمرين والشركات.
 

أما الشركات الاستثمارية فقد بدأت فكرة استثنائية قبل غيرها، بأن قسمت الاستثمارات إلى قليلة المخاطر وأخرى متوسطة وثالثة عالية المخاطرة.
 

وتختلف العائدات التي تمنحها الشركات وفقًا لنوع الاستثمار وتتناسب طرديًا مع نوعه، حتى تصل إلى 30-40% في بعض الحالات ولكن مع الأخذ في الاعتبار إمكانية الخسارة.
 

وتقوم تلك الشركات بناء على ذلك بالاستثمار إما في العقارات أو في شركات صناعية أو في البورصة وفقًا لدرجة إقبال المستثمر على المخاطرة.
 

وبين شركات الاستثمار والبنوك، تشير التقديرات الدولية إلى أن 28% من الأرصدة العالمية الموجودة خارج أراضيها وجدت مستقراً لها في سويسرا.
 

كما أن قطاع التأمين (قطاع خدمي أيضًا) يضم أكثر من 3% من العاملين في سويسرا، ولا تعمل تلك الشركات على الأراضي السويسرية فقط ولكنها تتوسع للعمل في مختلف أنحاء العمل، والسياحة تولد 3% من الدخل القومي في سويسرا أيضًا.

 

جهود حكومية



 

وتعمل الحكومة السويسرية على تشجيع الإنتاج بشتى السبل لكي تضمن تسهيل عمل شركاتها الوطنية، فضلًا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
 

ولعل أبرز الجهود في هذا الصدد هو ضريبة القيمة المضافة المنخفضة التي تفرضها السلطات السويسرية على السلع والخدمات بما يعطي الشركات أرباحًا أكبر.
 

فضريبة القيمة المضافة في سويسرا تبلغ 8% على أغلب السلع، و3.5% على الخدمات، وتتقلص الضريبة حتى تصبح 2.5% على الأساسيات.
 

ويتسق ذلك مع حقيقة أن 99% من الشركات السويسرية شركات صغيرة ومتوسطة، فهل يمكنك بسهولة أن تتذكر اسم شركة سويسرية عملاقة؟!
 

وفي الصناعة أيضًا تركز سويسرا على صناعات القيمة المضافة بالدرجة الأولى، فحوالي 40% من الناتج الصناعي في مجال الكيماويات و22% أدوات وساعات ومجوهرات، و16%  آلات صناعية وإلكترونية.
 

ويمكن ضرب مثل بصناعة الساعات على ذكر فكرة القيمة المضافة، فسويسرا باعت 28.1 مليون ساعة بقيمة تصل إلى 23.6 مليار دولار عام 2013.
 

ويمكن تخيل هذه القيمة الكبيرة للغاية في مواجهة تكلفة المواد الخام التي تدخل في الإنتاج، والتي تقوم على بعض المعادن والجلود والمجوهرات.
 

ولا شك أن قيمة تلك المواد الأولية (غير المعلومة بالتحديد) تقل كثيرًا جدًا جدًا عن قيمة مبيعات الساعات وهو ما يعكس ارتفاع القيمة المضافة التي يحصدها الاقتصاد السويسري.

 

 

بنوك، صناعة ساعات ومجوهرات وأدوية، كلها مجالات تضع نصب أعينها "القيمة المضافة" لتغرد سويسرا خارج سرب "اقتصاد الوفرة" نحو "اقتصاد الذكاء" وتوظيف الطاقة المتاحة لمواردها البشرية في تحقيق أعلى ربح ممكن لرفاهية شعبها في النهاية.

 

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.