نبض أرقام
08:33 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30

الساكن الجديد.. المحامي غير الدارس للاقتصاد الذي سيقود دفة الفيدرالي خلال العهد "الترامبي"

2018/02/04 أرقام - خاص

وافق مجلس الشيوخ قبل أسبوعين تقريبًا على ترشيح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لـ"جيروم باول" ليصبح الرئيس الجديد للفيدرالي، خلفًا لـ "جانيت يلين" التي فضل "ترامب" عدم التجديد لها لتنتهي ولايتها ذات الأربع سنوات.



 

فوز "باول" تحديدًا برئاسة الفيدرالي مهم جدًا ولافت للانتباه لعدة أسباب من بينها أنه أحد أغنى من تولوا قيادة المركزي الأمريكي في التاريخ، وذلك بفضل أمواله التي جمعها خلال سنوات عمله في مجال الأسهم الخاصة، كما أنه أول رئيس للفيدرالي منذ أكثر من أربعة عقود لا يحمل درجة علمية في الاقتصاد.
 

بين القطاعين العام والخاص
 

ولد "باول" البالغ من العمر 64 عامًا في واشنطن لأب يعمل بالمحاماة، ودرس السياسة في جامعة برينستون، قبل أن يحصل على شهادة في القانون من جامعة "جورج تاون" التي شغل منصب رئيس تحرير مجلتها القانونية.

 

بعد عمله لبضع سنوات كمحام، بدأ "باول" يشق طريقه في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية في عام 1984 من خلال شركة "ديلون ريد آند كومباني" التي تتخذ من نيويورك مقرًا رئيسيًا لها.



في عام 1990، وخلال ولاية الرئيس "جورج بوش الأب" عاد إلى واشنطن مرة أخرى ليصبح وكيلًا لوزارة الخزانة للشؤون المالية، وكان مسؤولًا عن سياسة المؤسسات المالية وأسواق الدين. كان أحد أبرز أسباب حصوله على هذا المنصب هو أن وزير الخزانة وقتها "نيكولاس برادي" كان هو الرئيس السابق لذات الشركة التي كان يعمل بها "باول" في نيويورك.

 

بعد أن تولى "بيل كلينتون" رئاسة الولايات المتحدة في عام 1993، انضم "باول" إلى بنك "بانكرز تراست"، لكنه قرر ترك العمل به عقب بضع سنوات، بعد أن عانى الكثير من العملاء من خسائر كبيرة نتيجة صفقات بمجال المشتقات المالية كانوا قد قاموا بها مع البنك.

 

في عام 1997، أصبح "باول" شريكًا في مجموعة الأسهم الخاصة "كارلايل"، وهي الشركة التي بنى خلالها ثروته التي أظهرت بيانات الإفصاح المالية المقدمة إلى الجهات المعنية في عام 2016 أنها تبلغ حوالي 55 مليون دولار.
 

انضمامه إلى الفيدرالي .. صدفة
 

في أواخر عام 2011، رشحه الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" ليحل محل أحد أعضاء مجلس محافظي الفيدرالي كان قد غادر موقعه قبل أن تنتهي ولايته، ووافق مجلس الشيوخ على ترشيحه في مايو/أيار عام 2012. وبعد عامين أعيد ترشيحه ليشغل ذات الموقع وأدى اليمين الدستورية ولكن هذه المرة من أجل ولاية كاملة.

 

انضمام "باول" إلى الفيدرالي تم في إطار مناورة سياسية ليست غريبة على واشنطن. ما حدث هو أنه كان هناك مقعدان شاغران في مجلس محافظي الفيدرالي، و"أوباما" أراد أن يشغل الديمقراطي "جيريمي شتاين" أحدهما، ولكن بسبب خوفه من أن يعارض مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون ترشيحه اختار "باول" الجمهوري ليشغل المقعد الآخر.

 

منذ انضمامه، لم يغرد "باول" خارج السرب ولو لمرة واحدة، وكان حريصًا على عدم الانحراف عن ما تتفق عليه أغلبية مجلس محافظي البنك، لدرجة أنه لم يصوت أبدًا ضد أي قرار حول السياسة النقدية أصدره الفيدرالي. وعلى الأغلب، لو كان "ترامب" خسر الرئاسة، لم يكن لـ"باول" فرصة ولو ضئيلة في الفوز برئاسة الفيدرالي.



تعاون "باول" بشكل وثيق مع رئيسة الفيدرالي الديمقراطية "جانيت يلين" ودعمها حين قررت إبقاء معدلات الفائدة منخفضة في بداية ولايتها، وأيضًا حين قررت مؤخرًا رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي، وتقليص حجم حيازات البنك من السندات التي اشتراها في إطار برنامج التيسير الكمي الذي اعتمده عقب عام 2008.

 

يقول "ريتشارد فيشر" الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، الذي جلس إلى جانب "باول" في العديد من اجتماعات الفيدرالي، "إن باول منذ انضمامه للبنك في عام 2012 واصل السفر إلى مقر الكونجرس من أجل تهدئة الجمهوريين الذين شعر بعضهم بأن الفيدرالي قد أخطأ بخفض أسعار الفائدة إلى الصفر وشرائه لتريليونات الدولارات من الأصول عقب الأزمة المالية.

 

ما يميز فوز "باول" بالمنصب هو أنه من غير المعتاد أن يجلس على سدة أهم مؤسسة مالية في العالم محام لا اقتصادي. فبداية من "يلين" ومرورًا بـ"بن برنانكي" ووصولًا إلى "آلان جرينسبان" الذي تولى المنصب في عام 1987، كان جميع رؤساء الفيدرالي حاملين لدرجة الدكتوراه في الاقتصاد.

 

في تصريحاته لمجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" يقول "آلان بليندر" الأستاذ بجامعة "برينستون" إن شهادة الدكتوراه أصبحت تقريبًا شرطًا أساسيًا لرئاسة الفيدرالي، لأنك من دونها ستجد موظفي البنك ينظمون حلقات اقتصادية فنية حولك لشرح بعض التفاصيل لك.

 

يتابع "بليندر" قائلًا "في ظل وجود أكثر من 300 من الاقتصاديين من حاملي الدكتوراه يعملون بالفيدرالي، قد يجد "باول" نفسه في حاجة إلى الاعتماد على خبراتهم بدرجة أكبر مقارنة مع اعتماد أي رئيس آخر حامل للدكتوراه عليهم.
 

"يلين" .. أول رئيس للفيدرالي لا يتم التجديد لها
 

اختيار "ترامب" عدم التجديد لـ"جانيت يلين" لم يكن مفاجئًا، ولم يستغربه أي أحد تقريبًا. فالملياردير الأمريكي لطالما هاجم رئيسة الفيدرالي خلال حملته الانتخابية واتهمها بالتلاعب بأسعار الفائدة لصالح إدارة "أوباما"، وبعد فوزه اعتقد البعض أنها قد تستقيل من منصبها، ولكنها أصرت على استكمال ولايتها.

 

"يلين" التي تعتبر أول امرأة تقود الفيدرالي في التاريخ، من المقرر أن تصبح كذلك أول رئيس للمركزي الأمريكي في التاريخ الحديث لا يتم ترشيحه لفترة ثانية. فليس من غير المألوف ألا يحافظ رؤساء الفيدرالي على مناصبهم لأكثر من ولاية.

 

رؤساء الفيدرالي الثلاثة السابقون ("بن برنانكي" و"آلان جرينسبان" و"بوب فولكر") أعيد تعيينهم كرؤساء للمركزي الأمريكي لفترة ثانية من قبل رؤساء كانوا ينتمون لأحزاب منافسة. الديمقراطي قام بالتمديد للجمهوري، والجمهوري مدد للديمقراطي.



بموجب النظام الأساسي، فإن الفيدرالي وكالة مستقلة، وهيكله مصمم للسماح لمجلس محافظيه بإدارة السياسة النقدية للبلاد دون أي تدخل سياسي في أعماله، ويخضع فقط لإشراف الكونجرس. وقد احترم معظم الرؤساء الأمريكيين هذه الاستقلالية، وأعاد "ريجان" و"كلينتون" و"أوباما" تعيين رؤساء للفيدرالي لم يكونوا أعضاء في أحزابهم.

 

لكن رغم ذلك كانت هناك بعض التوترات. ففي عام 1992، ألقى "جورج بوش الأب" باللوم على رئيس الفيدرالي آنذاك "آلان جرينسبان" بعد فشله في الفوز بولاية ثانية عقب هزيمته من "بيل كلينتون". واتهمه أيضًا وزير الخزانة "نيك برادي" بالفشل في تحفيز النمو الاقتصادي. ولكن بالنظر إلى الوراء نجد أنه كان هناك تحامل على الرجل، حيث حقق الاقتصاد الأمريكي في عام 1992 معدل نمو قويا بلغ 3.6%.

 

بعد فبراير/شباط ستصبح "يلين" ضحية "ترامب" الذي يمشي بممحاة على قرارات وإنجازات سلفه من الماضي، ورغم ذلك من المتوقع أن تستمر تكتيكاتها وأساليبها الحالية في توجيه دفة الفيدرالي حتى بعد تولي "باول" للمنصب.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.