نبض أرقام
10:22 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30

فلسفة البدايات .. خططك للعام الجديد هل ستلقى مصير سابقتها؟

2018/01/06 أرقام - خاص

بالنسبة للغالبية، هناك شيء ما دائمًا يميز مطلع كل عام جديد، وذلك يرجع ربما للشعور بأن البدايات بشكل عام تعطينا فرصة لإجراء تغييرات في حياتنا والبدء من جديد. وعلى هذا الأساس نبدأ في وضع خطط للتغيير من أجل الأفضل، ولكن المشكلة هي أن نوايانا الحسنة لا تكفي.


 

دراسات مختلفة أظهرت أن أقل من 10% فقط من هؤلاء الذين وضعوا خططا للعام الجديد هم من نجحوا في تنفيذ تلك الخطط والوفاء بتعهداتهم لأنفسهم. ومع معدل فشل يقترب من 90% قد يعتقد البعض أن هناك مشكلة بالقرارات المرتبطة بالبدايات بشكل عام، فالبنسبة لكثيرين خطط العام الجديد هي ذاتها تلك الخاصة بالعام الماضي والتي لم يستطيعوا تحقيقها من العام السابق.
 

كيف تعمل أدمغتنا؟
 

ما لا يدركه البعض هو أن هناك أسبابا علمية تقف وراء عدم نجاح خططنا. أولًا، الجميع يحب مرحلة وضع الخطط أو اتخاذ القرارات، وذلك لأنها لا تتطلب أي جهد مقارنة مع تنفيذها.

 

ورغم ذلك بمجرد اتخاذنا للقرارات أو وضعنا للخطط نشعر داخليًا كما لو أننا أنجزنا شيئاً ما، وهذا ببساطة لأن أدمغتنا تكافئنا على النية الإيجابية والإنجاز الفعلي بنفس الطريقة. ببساطة، مجرد تخيلنا أننا نقوم بشيء ما إيجابي يدفع الدماغ إلى إفراز الدوبامين، الهرمون الذي يشعرنا بالسعادة.

 

بالإضافة إلى ذلك، قيامك باتخاذ قرار حول ما تريد فعله في العام الجديد وكنت قد أخفقت فيه خلال العام السابق، يتجاهل حقيقة أن دماغك يقف بشكل ما ضد هذا القرار. فمن الصعب علينا خداع أدمغتنا، من خلال محاولة إخبارها بأن هذا القرار (الجديد) مهم جدًا، وذلك لأن الدماغ يعرف حقيقة بسيطة جدًا، وهي إذا كان هذا القرار مهمًا بالفعل لكان قد تم تنفيذه العام السابق!

 

لذلك، أن أقول لعقلي مثلًا إن ممارسة الرياضة هذا العام تعد أولوية قصوى بالنسبة لي هي طريقة سخيفة في خداع عقلي، وذلك لأنه يدرك جيدًا أنني أضفيت ذات الأهمية على الأشياء الأخرى التي سأقوم بها بدلًا من الرياضة.



 

أضف إلى كل ذلك حقيقة أننا كبشر نميل بشكل أكبر للخطط قصيرة الأجل. فبالنظر إلى الجزء الأكبر من تاريخ البشرية نجد أن البقاء على قيد الحياة كل يوم، كان هو الشغل الشاغل منذ الحياة البدائية. استيقاظ من النوم، ثم البحث عن الطعام، ونتجنب الحيوانات المفترسة، قبل العودة في الليل إلى مأوى آمن.

 

هذا هو السبب في أن أدمغتنا لا تفضل الخطط طويلة الأجل، ولذلك نحن نقوم بالأشياء التي تعطينا متعة على المدى القصير على الرغم من إدراكنا لأضرارها على المدى الطويل. وهذا أيضًا فسر لماذا يفضل البعض التدخين على ممارسة الرياضة.
 

من أجل مصير مختلف
 

الخبر السار، هو أنه من الممكن أن نغير سلوكياتنا، لنصبح قادرين على تنفيذ خططنا وقراراتنا حول العام الجديد. ولكن الأمر يتطلب أكثر من نوايانا الحسنة.

 

أولًا وقبل كل شيء، يجب علينا تحفيز أنفسنا جوهريًا. كن صادقًا مع نفسك: هل ترغب في ممارسة الرياضة لتبدو بشكل جيد وتصبح في صحة أفضل؟ هل تريد قراءة المزيد من الكتب لتنمي نفسك علميًا وثقافيًا ومهنيًا؟

 

بما أنك لن تستطيع خداع عقلك، فالطريقة الوحيدة لجعل هذا التغيير شيئا دائمًا هو تواصلك بشكل عميق مع نفسك، محاولًا إيجاد الدافع وراء أهدافك. وهذا قطعًا سيستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، ولكن إذا كان هذا الهدف مهمًا لك كما تدعي، فالنتائج المرجوة تستحق هذا الجهد.

 

أول خطوة لتحقيق أهدافك هي اختيار الأهداف الصحيحة. فوفقًا لشركة إدارة الوقت " فرانكلينكوفي" ثلث المخططين للعام الجديد يتخلون بحلول نهاية الشهر الأول عن خططهم. وهناك الكثير من القرارات تفشل فقط لأنها لم تكن القرارات الصحيحة.

 

وقد تكون الخطة أو القرار خاطئًا لثلاثة أسباب رئيسية. فإما أنه تم اتخاذه بناءً على ما يقوله لك شخص آخر، أو أنه غامض غير واضح، أو أنك لا تمتلك خطة واقعية لتحقيقه.

 

يجب أن تكون أهدافك ذكية، وذكية هنا تعني أنها محددة وقابلة للقياس ويمكن تحقيقها وذات صلة ولها إطار زمني واضح.

 

محددة: يجب أن تكون قراراتك واضحة تمامًا، فإذا كنت جادًا فعلًا حول هذا الهدف أو القرار فلا يمكنك أن تحدده بشكل غامض. فلا تقول مثلًا "أريد إنقاص وزني"، بل قم بتحديد مقدار الوزن الذي ترغب في خسرانه وفي أي مدة زمنية. سيكون الأمر أكثر فاعلية لو قررت مثلًا أن تخسر 5 كيلوجرامات خلال الشهرين المقبلين.



 

قابلة للقياس: هذا قد لا يمثل مشكلة إذا كان هدفك هو اللياقة البدنية أو فقدان الوزن، ولكن ماذا لو كان هدفك مثلًا هو التوقف عن إضاعة الكثير من الوقت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي؟ يقول "جيفري جاردير" وهو طبيب نفسي وأستاذ في كلية تورو للطب التقويمي، إن تسجيل التقدم الذي أحرزناه في دفتر ملاحظات أو على الجوال أو في تطبيقات مصممة لهذا الغرض يساعدنا على تتبع سلوكياتنا ومدى تقدمنا في تحقيق أهدافنا.

 

قابلة للتحقيق: هذ لا يعني أنه لا يمكن أن تكون لديك أهداف كبيرة. ولكن محاولتك اتخاذ خطوة كبيرة جدًا بسرعة يمكنها أن تتركك في نهاية المطاف مع قدر كبير  من الإحباط أو تؤثر على مناطق أخرى في حياتك، وقد تمتد آثارها لتطال أصدقاءك وعائلتك.

 

لذلك، على سبيل المثال، اتخاذك لقرار بأنك سوف توفر مالًا يكفي لمرحلة التقاعد خلال خمس سنوات بينما لا تزال في الثلاثين من عمرك هي ربما خطة ليست واقعية، ومن المنطقي والأسهل في نفس الوقت أن تحاول توفير 300 إلى 400 ريال (أيًا كان الرقم الذي يناسبك) في الشهر.

 

ذات صلة: هل هذا الهدف الذي اخترته يهمك فعلًا؟ هل اخترته للأسباب الصحيحة؟ يقول الطبيب النفسي "مايكل بينيت"، إذا كنت تفعل ذلك انطلاقًا من الإحساس بالكراهية الذاتية أو الندم أو العاطفة القوية، فعلى الأرجح لن يستمر حماسك لهذا الهدف طويلًا. لكن إذا اتخذت قرارك وحددت هدفك بعد أن جلست مع نفسك وفكرت جيدًا في ما هو مهم فعلًا بالنسبة لك، فلديك فرصة أفضل.

 

إطار زمني محدد: مثل "قابلية التحقيق" يجب أن يكون جدولك الزمني لتحقيق أهدافك واقعيا أيضًا. وهذا يعني إعطاء نفسك ما يكفي من الوقت للقيام بذلك إلى جانب أهداف متوسطة وصغيرة أخرى. يقول "تشارلز دوهيج" مؤلف كتاب "قوة العادة" : "ركز على الانتصارات الصغيرة حتى تتمكن من تحقيق تقدم تدريجي. واعلم أنك إذا كنت تنوي اكتساب عادة معينة فأنت تخطط للعقد المقبل وليس للشهرين المقبلين".
 

بداية العام ليست قدرك الذي لا تستطيع الفرار منه
 

هل تريد إعادة المحاولة؟ تذكر جيدًا أن القرار لا يحتاج أبدًا إلى أن يكون مرتبطًا ببداية العام الجديد، يمكنه أن يكون في أي وقت، في بداية الأسبوع أو في منتصف الشهر وآخر العام. حتى لو لم تكن بداية العام كما خططت، يمكنك أن تبدأ مرة أخرى، السبت القادم مثلًا أو في أي وقت آخر تشعر فيه بأنك على استعداد للمحاولة مرة أخرى.

 

ليس هناك شيء مميز في بداية العام يضمن النجاح لك أو لغيرك، ولذلك أنت لست في حاجة إلى الانتظار حتى قدوم عام آخر من أجل المحاولة مرة ثانية.



 

رفقًا بنفسك. فنحن غالبًا ما نتحدث لأنفسنا بشكل أكثر قسوة مما قد نفعله مع أي شخص آخر. فلا أحد يمكنه أن يقول للطفل الذي يحاول أن يتعلم شيئًا "أنت غبي"، ولكن مع الأسف هذه هي الطريقة التي يتحدث بها الكثيرون مع أنفسهم.

 

عندما يخرج قطار أهدافك عن القضبان، وفي داخلك لا تزال ترغب في المحاولة مرة أخرى، حاول التحدث إلى نفسك مثل الطفل الذي يشعر بالإحباط. وهذا يعني أنك لن تقول لنفسك "هذا حدث لأنك أحمق" ولكن بدلًا من ذلك يمكنك أن تقول "هيا، يمكنك أن تفعل ذلك". باختصار، لا تكون المعول الذي يهدم جدار ثقتك بنفسك.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.