نبض أرقام
04:04 م
توقيت مكة المكرمة

2025/02/05
2025/02/04

سر حجب تيك توك وديب سيك .. حماية البيانات أم مواجهة التطبيقات المنافسة؟

08:00 ص (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

في عالمنا اليوم، تسيطر التكنولوجيا على مجريات الحياة اليومية، وتتزايد المخاوف حول كيفية تأثير السياسات الرقمية على الأمن القومي والتجارة العالمية.

 

ومع التطور الرقمي المتسارع، أصبحت المعلومات سلاحًا رئيسيًا في الصراع الدائر بين القوى الكبرى للسيطرة على المشهد الرقمي.

 

 

وبرزت حماية البيانات كدرع تستخدمه الدول أحيانًا كأداة استراتيجية ليس فقط لضمان أمنها القومي، بل أيضًا الحد من انتشار تطبيقات تعود لدول ذات قيم أيديولوجية مختلفة.

 

وبالفعل فرضت الدول الغربية أطرًا تنظيمية صارمة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي وقوانين حماية البيانات في الولايات المتحدة تحت ذريعة حماية الخصوصية والأمن السيبراني.

 

ورغم أهمية تلك الخطوات في حماية أمن البيانات، فإن هناك جدلًا متصاعدًا بشأن استغلال تلك الأطر أحيانًا بشكل انتقائي حيث يُتهم الغرب باستغلالها كوسيلة لمكافحة التطبيقات المنافسة، لا سيما تلك التي تنشأ خارج حدود العالم الغربي.

 

حماية البيانات.. ضرورة أم مصالح؟

تُعتبر تدابير حماية البيانات ضرورية للعديد من الأسباب، إذ في مقدمة الحقوق الرئيسية للأفراد الحق في الخصوصية، والذي يضع قيودًا على كيفية جمع معلوماتهم الشخصية وتخزينها واستخدامها.

 

وتساهم الحماية الصارمة للبيانات في منع الاختراقات والهجمات الإلكترونية التي قد تهدد الأمن الوطني ورفاهية الأفراد، كما تشجع الاستخدام المسؤول للخدمات الرقمية.

 

وأدت المخاوف المشروعة بشأن أمن البيانات إلى تطوير أطر تنظيمية شاملة تفرض متطلبات صارمة للامتثال، وساهمت هذه التدابير في رفع معايير التعامل مع البيانات وحماية خصوصية المستخدمين.

 

وعمدت العديد من الدول إلى تأسيس مؤسسات متخصصة في حماية البيانات الخاصة بمواطنيها، وأقرت القوانين واللوائح اللازمة لقيام تلك المؤسسات بهذه المهمة.

 

على سبيل المثال، تأسس المجلس الأوروبي لحماية البيانات كهيئة مستقلة تعمل على ضمان تطبيق اللائحة العامة لحماية البيانات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي حيث يقدم المجلس الإرشادات، ويحل النزاعات بين السلطات الرقابية الوطنية من أجل تعزيز التعاون فيما بينها.

 

ورغم النوايا النبيلة وراء تنظيم حماية البيانات، يرى المنتقدون أنه قد يُطبّق أحيانًا بشكل انتقائي، ويوجه العديد من الخبراء الاتهام إلى الهيئات التنظيمية الغربية باستغلال هذا الأمر لتحقيق أهداف أخرى.

 

ويقولون إنه في العديد من الأحيان يستهدف المنافسين الأجانب من خلال فرض متطلبات محلية صارمة أو معايير امتثال دقيقة، ما يعيق عمل التطبيقات الأجنبية التي لا تمتثل لهذه المعايير.

 

 

ويستشهدون على قولهم بما حدث في أزمة حظر خدمات تطبيق تيك توك المملوك لشركة بايت دانس الصينية في الولايات المتحدة.

 

وتوقفت خدمات تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة لفترة وجيزة في 19 يناير الماضي، بعد إقرار إدارة الرئيس السابق "جو بايدن" قانونًا يلزم الشركة المالكة، إما ببيعه لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو مواجهة الحظر في الولايات المتحدة.

 

وتقول الإدارة الأمريكية إن بايت دانس الصينية قادرة على الوصول إلى بيانات المستخدمين للتطبيق الذي يستخدمه نحو 170 مليون مستخدم أمريكي، ما قد يُعرض الأمن القومي للخطر ويمنح الحكومة الصينية إمكانية الوصول إلى معلومات حساسة.

 

موقف الغرب من تطبيق تيك توك في تواريخ

الزمان

الحدث

نوفمبر (2019)

 

بدأت الحكومة الأمريكية مراجعة أمنية وطنية لتطبيق تيك توك بسبب مخاوف تتعلق بخصوصية البيانات والروابط المحتملة مع الحكومة الصينية

 

أغسطس (2020)

 

أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بحظر تيك توك ما لم يتم بيع عملياته في الولايات المتحدة إلى شركة أمريكية، لكن المحاكم أوقفت تنفيذ الحظر لاحقًا

 

فبراير (2023)

 

حظرت المفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبي تطبيق تيك توك على الأجهزة الرسمية، مشيرين إلى مخاوف أمنية

 

مارس (2023)

 

أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) حظر تيك توك على جميع الأجهزة التابعة له لنفس الأسباب

 

مارس (2023)

 

المملكة المتحدة وكندا ونيوزيلندا تفرض حظرًا مشابهًا على الأجهزة الحكومية

 

  يناير 2024

 

المشرعون الأمريكيون يطرحون قوانين جديدة لحظر تيك توك أو إجبار الشركة المالكة على بيعه

 

يناير 2025

 

أعلنت ألبانيا حظر تيك توك لمدة عام واحد بعد حادثة مرتبطة بالعنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي

 

 

كما عبرت في العديد من المواقف عن قلقها من إمكانية استغلال التيك توك للتأثير على الرأي العام والسياسات الداخلية من خلال التلاعب بالمحتوى أو فرض أجندات معينة، وهو أمر نفته الشركة الصينية مرارًا.

 

وبعد عودته لرئاسة الولايات المتحدة مجددًا في 20 يناير، وقع "دونالد ترامب" على أمر تنفيذي يسعى إلى تأخير تطبيق القانون لمدة 75 يومًا.

 

ويبدو أن المشكلة في طريقها إلى الحل بعدما وقع "ترامب" أمرًا تنفيذيًا يوم الإثنين الماضي يأمر وزارتي الخزانة والتجارة الأمريكيتين بإنشاء صندوق ثروة سيادي، قال إنه قد يستخدم لشراء منصة التواصل الاجتماعي تيك توك.

 

ولكن يبقى التساؤل المطروح: هل إصرار الإدارة الأمريكية على بيع بايت دانس للتطبيق هو حقًا بسبب المخاوف المتعلقة بالبيانات، أم محاولة لوقف الانتشار المتزايد؟

 

وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث، فإن أكثر تطبيقات التواصل الاجتماعي استخدامًا بين المراهقين في الولايات المتحدة هو يوتيوب حيث يستخدمه 90% من المراهقين، ويزور 73% منهم الموقع يوميًا، يليه تيك توك بنسبة 63%.

 

ديب سيك وهواوي

اعتبارًا من 4 فبراير الحالي، قامت عدة دول وجهات حكومية بحظر أو تقييد استخدام تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني ديب سيك بسبب مخاوف تتعلق بالأمن والخصوصية.

 

وحظرت الحكومة الأسترالية التطبيق على جميع الأجهزة والأنظمة الحكومية، مشيرةً إلى مخاطر تتعلق بالأمن القومي، كما أمرت هيئة حماية البيانات الإيطالية بحظره داخل البلاد بعد فشل الشركة في معالجة المخاوف بشأن سياسة الخصوصية الخاصة بها.

 

 

كما فرضت عدة وكالات فيدرالية أمريكية قيودًا على استخدام التقنية، ومن بينها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ووكالة ناسا، كما أصدر الكونجرس الأمريكي تحذيرات أمنية بشأن نماذج الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركة.

 

وحقق التطبيق شهرة واسعة بفضل قدراته المبتكرة المجانية في معالجة البيانات والتعلم الآلي التي تضاهي إمكانيات خدمات مدفوعة من قبل تطبيقات مثل شات جي بي تي وجيميني، رغم تكلفته الاستثمارية.

 

شركة هواوي الصينية، الرائدة في تطوير تقنية الجيل الخامس من الإنترنت، شهدت هي الأخرى جدلًا عالميًا واسعًا خلال السنوات الماضية.

 

واتهمتها عدة دول، وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفاؤها، بتهديد الأمن القومي، ولكن هذه المرة ليس عن طريق التطبيقات، إنما من خلال احتمالية استخدام معداتها لأغراض التجسس لصالح بكين.

 

وعلى الرغم من عدم تقديم أدلة قاطعة، فإن هذه الاتهامات أدت إلى قيود وحظر واسع النطاق ضد هواوي، ما أثار تساؤلات حول مدى تأثير السياسة في القرارات التقنية.

 

وتدّعي الولايات المتحدة أن قانون الاستخبارات الوطني الصيني لعام 2017 قد يُجبر هواوي على التعاون مع الحكومة الصينية، ما يتيح لها الوصول إلى بيانات المستخدمين في الدول التي تعتمد على شبكاتها للجيل الخامس.

 

ويتهم الغرب هواوي بتلقي دعم مالي ضخم من الحكومة الصينية، ما يتيح لها تقديم معدات بأسعار أقل من منافسيها الغربيين مثل نوكيا وإريكسون، وبالتالي السيطرة على الأسواق العالمية.

 

وتخشى الشركات الغربية أن يؤدي هذا الاحتكار إلى إضعاف المنافسة، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الصينية بدلًا من الأوروبية والأمريكية.

 

وفرضت الإدارة الأمريكية عقوبات تمنع هواوي من الحصول على الرقائق المتقدمة المصنعة باستخدام التكنولوجيا الأمريكية، ما أثر بشدة على أعمالها في مجال الهواتف الذكية وشبكات الجيل الخامس في ظل فترة الرئاسة الأولى لـ"ترامب".

 

واستمرت إدارة "جو بايدن" في توسيع القيود، ومنعت بعض الشركات الأمريكية، مثل كوالكوم وإنتل، من تزويد هواوي بالرقائق الإلكترونية المتطورة.

 

 

في حين قررت بريطانيا إزالة جميع معدات هواوي من شبكات الجيل الخامس بحلول عام 2027، كما فرضت كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا قيودًا جزئية على استخدام معدات هواوي، حيث سمحت بها في بعض الأجزاء غير الأساسية من الشبكات.

 

جاءت تلك التحركات رغم نفي الصين وهواوي جميع الاتهامات، مؤكدتين أن الشركة مستقلة عن الحكومة الصينية ولا تقدم أي بيانات للجهات الحكومية.

 

ورغم أن حماية البيانات الشخصية ضرورية لحماية خصوصية وأمن الأفراد، إلا أن هناك أدلة على أن بعض الهيئات التنظيمية الغربية قد تستخدم هذه الحجج أحيانًا لمواجهة التطبيقات المنافسة القادمة من خارج نطاقها.

 

ويمكن أن يؤدي هذا التطبيق الانتقائي إلى خلق حواجز أمام الشركات غير الغربية. لذا فإن اتباع نهج متوازن يضمن نزاهة حماية البيانات وفي الوقت نفسه يشجع المنافسة العادلة أمر أساسي لتحقيق اقتصاد رقمي عالمي صحي.

 

المصادر: أرقام- لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية- ذا فيرج- ذا جارديان- رويترز- بي بي سي- سكاي نيوز- اللائحة العامة لحماية البيانات الخاصة بالاتحاد الأوروبي- كونتيكست نيوز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.