نبض أرقام
12:19 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

الشراء بالهامش في سوق الأسهم .. اللعبة الخطرة التي نادرًا ما تنتهي لصالح المستثمر

2020/09/18 أرقام - خاص

"هناك ثلاثة أشياء فقط يمكنها تدمير أذكى الرجال، وهي: الخمور والنساء والرافعة المالية".. هذا ما قاله المستثمر الأمريكي الشهير "وارن بافيت" نقلًا عن شريكه ورفيق دربه "تشارلي مونجر" في مقابلة صحفية أجريت معه في فبراير 2018 تحدث خلالها حول خطورة وعدم منطقية الشراء بالهامش أو اقتراض المال من أجل الاستثمار بالأسهم.
 

 

وبعيدًا عن عبارة "بافيت" الرنانة، ربما يتفق الجميع على أن المستثمر العاقل لا يدخل إلا في الاستثمارات التي يتجاوز فيها احتمال الربح احتمال الخسارة بأكبر هامش ممكن، ومن أجل التعرف على هذه الاستثمارات يبذل المستثمر كمًا غير قليل من الوقت والجهد في تحليل الأسهم التي تثير اهتمامه في السوق؛ للوقوف على مدى جودتها ومحاولة استشراف مستقبلها.
 

وعادة ما يكون الهم الأكبر للمستثمر هو استكشاف نقاط الضعف الموجودة بالشركة للتعرف على مدى عمقها وخطورتها، وذلك رغبةً منه في تجنب الخسارة وعدم إضاعة رأس ماله، الحفاظ عى رأس المال مقدم دائمًا على الربح، لكن حين يقرر المستثمر الشراء بالهامش تصبح هذه العملية وأهدافها عديمة الجدوى، ولهذا غالبًا ما يفر كبار المستثمرين من الهامش فرار الرجل من الأسد.
 

الفخ الذي يقع فيه ضعيفو الخبرة
 

الشراء بالهامش لمَن لا يعرف، هو دخول المستثمر في صفقة، يتم تمويل جزء منها من أمواله الخاصة، في حين تقوم جهة مرخّص لها بتمويل الجزء الآخر من قيمة الصفقة مقابل رسوم معينة، مما يمنح المستثمر قوة شرائية أكبر من تلك التي يمتلكها بالفعل، بعبارة أخرى، يمكن الهامش المستثمر من الاستثمار بأموال لا يملكها.
 

في أكثر الأحيان ينصب تركيز المستثمرين وبالأخص قليلي الخبرة على الميزة شبه الوحيدة للشراء بالهامش وهي إمكانية مضاعفة المكسب، متجاهلين أو غير منتبهين إلى تكلفته ومخاطره التي توصف بأنها أعلى من المتوسط.
 

ببساطة، يجب أن يدرك كل مستثمر يفكر في الشراء بالهامش أنه بمجرد دخوله في صفقة من هذا النوع، فإنه إلى جانب المبلغ الذي اقترضه قد أصبح مدينًا بشكل أوتوماتيكي بقيمة الرسوم المفروضة على المبلغ المقترض، بغض النظر عن خسائره ومكاسبه، وهذا معناه أن خسائرك المحتملة ستكون أكبر مقارنةً مع مستثمر آخر يحمل نفس عدد الأسهم ولكنه اشتراها بأمواله، ومكاسبك كذلك أقل منه لأنك في الحالتين لديك رسوم مضطر أن تدفعها.
 

 

أما أخطر ما ينطوي عليه الهامش فهو الحق الذي يمنحه القانون لشركة الوساطة أو الجهة المقرضة لك والمتمثل في القدرة على إرغامك كمستثمر على تسييل أو تصفية المحفظة في حال نزول قيمتها عن نسبة هامش التغطية المتفق عليه بينك وبينها، وذلك في نفس الوقت الذي يملك فيه باقي المستثمرين في السوق رفاهية الانتظار حتى ارتداد سعر السهم وعدم التخلي عنه بخسارة تحت ضغط من أي أحد، لأنهم ببساطة يلعبون في السوق بأموالهم وأموالهم فقط.
 

واحدٌ من أسوأ السيناريوهات التي قد يتعرّض لها أي مستثمر في السوق هو أن يدخل في مركز يمول نصفه مثلًا بالهامش، قبل أن يتعرض السهم الذي يراهن عليه لهزة مفاجئة تهبط بقيمة المحفظة لأقل من نسبة التغطية المتفق عليها فيجد نفسه مضطرًا؛ إما إلى ضخ المزيد من المال لإعادة قيمة المحفظة إلى ما فوق نسبة التغطية وإما إلى تسييل المحفظة فورًا ومنح الجهة المقرضة أموالها بالإضافة إلى الرسوم، في حين يكون الباقي إن وجد من نصيبه.
 

إرغامك على تسييل المحفظة هو حق يمنحه المنظمون للجهة المقرضة؛ لكي تحمي أموالها من عواقب مغامراتك وحدسك الذي تثق فيه لدرجة أنك قررت المراهنة بأموالك وأموال لا تملكها على سهم يتواجد بسوق مفتوح على كل الاحتمالات، أي سهم يمكنه أن يرفعك للأعلى ويصنع لك ثروة، ويمكنه أيضًا أن يقصم ظهرك ويضيع أموالك وأموال مَن تعول.
 

أنت بين ثلاثة
 

السؤال الآن، هل تستحق الميزة التي يوفرها الشراء بالهامش تحملك كمستثمر لهذا الكم من المخاطر؟ قبل أن تحاول الإجابة عن هذا السؤال، لنستعرض معًا المثال التالي:
 

لنفترض أنك تمتلك 100 ألف ريال وتفكر في استثمارها بأحد الأسهم، ولكنك ترغب في تعزيز قوتك الشرائية والمراهنة على السهم بكمية أكبر من المال بغرض مضاعفة مكاسبك المحتملة، وهكذا تلجأ للحصول على هامش قيمته 50 ألف ريال من إحدى شركات الوساطة برسوم قدرها 6% سنويًا، لتدخل في السهم بمبلغ إجمالي قدره 150 ألف ريال.
 

 

أنت الآن بين ثلاثة سيناريوهات؛ إما أن ينخفض بنسبة ولتكن 33% على سبيل المثال، وهكذا تنخفض قيمة المحفظة إلى 100 ألف ريال، وإما أن يبقى السهم مستقرًا في مكانه وبالتالي تبقى قيمة المحفظة عند 150 ألف ريال، أما السيناريو الثالث والأخير فهو أن ترتفع قيمة محفظتك إلى 200 ألف ريال مثلًا مع ارتفاع قيمة السهم بنسبة 33%.
 

يوضح الجدول التالي الشكل الذي سيكون عليه صافي عوائدك في السيناريوهات الثلاثة:
 

صافي العوائد المحتملة في حال استخدام الهامش (الأموال بالريال)

 

السيناريو الأول

السيناريو الثاني

السيناريو الثالث

رأس المال في بداية الصفقة

150000

150000

150000

التغير المحتمل في سعر السهم

(33 %)

0 %

33 %

رأس المال في نهاية الصفقة

100000

150000

200000

مطروحًا منه الهامش

50000

50000

50000

مطروحًا منه رسوم الهامش

3000

3000

3000

صافي أموالك

47000

97000

147000

إجمالي الربح/الخسارة

(53 %)

(3 %)

47 %

 

إذا مضت الأمور كما تتمنى، سيساعدك الهامش على تحقيق الهدف الذي سعيت إليه من البداية وهو مضاعفة عوائدك، أما إن كان الحال غير ذلك وأتت الرياح بما لا تشتهي سفنك سيكون للهامش نفس التأثير على خسائرك، أي أنه سيضاعفها أيضًا وبنسبة أكبر كما يوضح الجدول! واللطيف هو أن شركة الوساطة في كل الأحوال رابحة، وربحها هو رسومها التي ستحصل عليها منك.
 

لو انخفضت قيمة محفظتك إلى ما دون نسبة التغطية، ستطلب منك شركة الوساطة ببساطة بيع حيازاتك لكي تحمي الـ50 ألف ريال التي أقرضتها لك، وفي هذه الحالة ليس لديك خيار سوى البيع أو زيادة رأس مالك بطريقة أو بأخرى، وفي أغلب الأحيان يكون الخيار الوحيد أمام المستثمر هو بيع السهم بخسارة، وهو ما قد يمنعه من الاستفادة من فرصة ارتداده مرة أخرى وتعويض خسائره، باختصار، إذا لم يكن لديك المال الكافي لتغطية النسبة المتفق عليها لن تنتظرك شركة الوساطة وستجبرك على تسييل المحفظة.
 

لا تُعرّض نفسك لخطر الضربات القاضية
 

النقطة الخطيرة التي نادرًا ما ينتبه إليها المستثمرون ضعيفو الخبرة هي أن خسائر الاستثمار بالهامش عادة ما تكون قاصمة لظهر المستثمر؛ فصفقة واحدة فاشلة ممولة بالهامش من الممكن أن تكون كالضربة القاضية التي تضيع رأس مال المستثمر في لمح البصر وربما تخرجه من السوق مديونًا، في حين أن مفتاح النجاح في سوق الأسهم يكمن في القدرة على البقاء في اللعبة لسنوات طويلة، وهذا لن يحدث إذا عرّض المستثمر نفسه لمخاطر مضاعفة.
 

كمستثمر في سوق متقلب مثل سوق الأسهم ليس من الحكمة أبدًا أن تدع الطمع يسيطر عليك ويتحكم في قراراتك، أو أن تسمح لأحد بأن يقنعك بأن الدخول في أي سهم مهما كانت جاذبيته هو صفقة العمر المضمونة التي لا يجب أن تفوتها وبالتالي يجب عليك أن تراهن عليها بأي أموال تستطيع الوصول إليها، سوق الأسهم ليس سوق الربح السريع، وبناء الثروة فيه يتطلب بذل الكثير من الوقت والمجهود.
 

 

خلاصة الكلام، لا يوجد أي سهم في السوق يستحق أن تراهن عليه بأموال لا تملكها، هذه الحكمة ربما صاغها "وارن بافيت" بشكل أفضل حين قال في ذات المقابلة التي أٌشِير إليها في صدر التقرير "من وجهة نظري إنه لمن الجنون الاقتراض من أجل التداول بالأوراق المالية، من الجنون أن تخاطر بما لديك وبما تحتاجه من أجل شيء لا تحتاجه فعلًا.. لن تكون أكثر سعادة إذا ضاعفت صافي ثروتك".

 

المصادر: أرقام – سي إن بي سي – موقع هيئة السوق المالية

كتاب: The Business of Value Investing

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.