نبض أرقام
12:19 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

بعد استبعادها من مؤشر "داو جونز" .. قصة صعود وهبوط "إكسون موبيل"

2020/08/31 أرقام - خاص

قبل سبع سنوات فحسب كان مستثمرو "إكسون موبيل" يحتفلون بحصول الشركة على لقب الأكبر من حيث القيمة السوقية بين الشركات الأمريكية.

 

لكن سلسلة من القرارات الخاطئة والتغيرات العالمية حولت عملاق الطاقة إلى عضو غير مرغوب فيه داخل مؤشر "داو جونز" للشركات الأمريكية الكبرى.

 

 

تحول تاريخي

 

أعلنت "ستاندرد آند بورز داو جونز" أكبر تعديلات في مؤشر "داو جونز" الصناعي منذ عام 2013 باستبعاد ثلاث شركات وانضمام عدد مماثل.

 

واستهدف القرار التعامل مع تقسيم سهم "آبل" والذي سيخفض وزن شركات التكنولوجيا في "داو جونز" الذي يعتبر مؤشرا يتركز على التغيير السعري للأسهم بالدولار وليس بالقيمة السوقية مثل "S&P 500".

 

ورغم خروج ثلاث شركات وهي "إكسون موبيل" و"ريثيون تكنولوجيز" و"فايزر" لصالح انضمام "سيلزفورس" و"أمجين" و"هانيويل"، فإن كل الأضواء تركزت على الطرف الأول من قائمة المغادرين.

 

وجاء الاهتمام الكبير بخروج "إكسون موبيل" لصالح انضمام "سيلزفورس"، مع حقيقة أن شركة النفط الأمريكية العتيدة تمثل العضو الأقدم في مؤشر "داو جونز".

 

ويأتي استبعاد "إكسون موبيل" من المؤشر بعد 92 عاماً من انضمامها، حيث دخلت الشركة التي كانت تحمل اسم "ستاندرد أويل أوف نيو جيرسي" للمؤشر الصناعي في عام 1928.

 

ولم تكن "إكسون موبيل" العضو الأقدم في المؤشر فحسب، لكنها وصلت في عام 2007 لأعلى قيمة سوقية في تاريخها عند 527 مليار دولار، قبل أن تتراجع تدريجياً بفعل الأزمة المالية العالمية وتداعيتها.

 

وفي عام 2013 استعادت"إكسون موبيل" صدارة قائمة أكبر الشركات الأمريكية من حيث القيمة السوقية، وقبلها بعام واحد كانت تحتل المرتبة الثانية في قائمة "فورتشن 500" للأكثر تحقيقاً للإيرادات عالمياً.


 

وحتى منتصف عام 2014 كانت القيمة السوقية لشركة الطاقة الأمريكية تبلغ 446 مليار دولار، وذلك حينما كانت أسعار النفط تتداول لآخر مرة أعلى 100 دولار للبرميل.

 

وتمتعت "إكسون موبيل" طوال سنوات بثقة المستثمرين، مع قدرتها على تحقيق إيرادات ضخمة ورفع توزيعات الأرباح بشكل سنوي.

 

لكن في السنوات الماضية، شهدت أعمال الشركة تراجعاً ملحوظاً مع ارتفاع للديون وانخفاض حاد للتدفقات النقدية الحرة وسط هبوط أسعار النفط وتزايد الحماس العالمي لحل أزمة التغير المناخي، ما جعل السهم يقع تحت ضغوط بيعية شديدة.

 

ومنذ بداية العام الجاري وحتى نهاية جلسة الثامن والعشرين من أغسطس، تراجع سهم "إكسون موبيل" بنحو 41% ليسجل مستوى 40 دولاراً مقابل صعود 0.4% لمؤشر "داو جونز" في نفس الفترة.

 

وبلغت القيمة السوقية للشركة الأمريكية 172 مليار دولار، ما يعني فقدان 61% من قيمتها في غضون 6 سنوات.


 

بينما على الجانب الأخر، تصل القيمة السوقية لشركة "سيلزفورس" التي ستحل بدلاً من "إكسون" إلى 244 مليار دولار، مع سعر سهم 271 دولارا.

 

ماذا حدث لـ"إكسون موبيل"؟

 

مع خروج "إكسون موبيل" من "داو جونز"، فإن شركة "شيفرون" ستكون المعبر الوحيد عن قطاع الطاقة في مؤشر الشركات الأمريكية الكبرى.

 

لكن لماذا بقت "شيفرون" بينما تم استبعاد "إكسون موبيل"؟ الواقع أن أداء الأولى – ورغم تأثرها الواضح أيضاً بأزمة سوق النفط – كان أفضل نسبياً من الثانية.

 

وتراجع سعر سهم "شيفرون" بنسبة 29% منذ بداية العام الحالي، وهو ما يمثل أداءً أفضل مقارنة بسهم "إكسون موبيل" وهبوطه بأكثر من 41%.

 

كما تمثل حقيقة أن سعر سهم "شيفرون" يعادل نحو ضعف "إكسون موبيل" عاملاً مؤثراً في البقاء داخل مؤشر "داو جونز" والذي يعتمد على التغيير السعري بالدولار.

 

ويرى بنك "جولدمان ساكس" أن أداء شركة "شيفرون" يظل أفضل من "إكسون" بسبب أفضلية التدفقات النقدية الحرة وقوة الميزانية العمومية وقدرتها على تحقيق إيرادات ودفع أرباح للمساهمين، مشيراً إلى التوصية بالشراء لأسهم الأولى مقابل تصنيف بيع على الثانية.


 

وسجلت "إكسون موبيل" في الربعين الأول والثاني من هذا العام أول خسائر في فصلين متتاليين عبر تاريخها، بعد خسارة 610 ملايين دولار في أول ثلاثة أشهر يليها 1.1 مليار دولار في الربع التالي.

 

وجاء رد الشركة على التحول للخسائر عبر إعلان خطة لخفض الإنفاق بنحو 30% في العام الحالي وتقليص التكاليف التشغيلية 15%، بالإضافة إلى وقف مساهمتها في خطط التقاعد الخاصة بالموظفين.

 

ورغم أن "إكسون" تمكنت من زيادة توزيعات الأرباح لمدة 37 عاماً على التوالي، لكن الأمر أصبح بمثابة عبء على ميزانيتها الضعيفة بالنظر إلى أنها في العام الماضي اضطرت لبيع أصول والاقتراض من الأسواق لتغطية 64% من التوزيعات.

 

لكن الواقع أن أزمة "إكسون موبيل" تسبق كثيراً وباء "كورونا" وتداعياته على الطلب وأسعار النفط، مع اتخاذ عدة قرارات استراتيجية خاطئة على مدار الأعوام الماضية.

 

ففي عام 2009، استحوذت "إكسون موبيل" على شركة الغاز الطبيعي "إكس تي أو إينرجي" بقيمة 41 مليار دولار، وهو القرار الذي ثبت خطأ توقيته بالنظر إلى عدم تعافي أسعار الغاز للمستوى المسجل حينها والبالغ 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.


 

كما تأخرت "إكسون موبيل" كثيراً في المشاركة والاستفادة من ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة، في الوقت الذي فضلت فيه الاستثمار في مشروعات خارجية أكثر تكلفة وأقل عائد على المدى القصير.

 

قرار رمزي؟

 

لا يتعلق القرار فقط بشركة "إكسون موبيل" وأداء السهم، لكنه يعبر عن الواقع الاقتصادي الجديد في الولايات المتحدة والتراجع الذي شهده قطاع الطاقة.

 

وتحول الاقتصاد الأمريكي في السنوات الماضية لصالح التكنولوجيا، وهو ما انعكس بدوره على سوق الأسهم الذي شهد انتعاشاً ملحوظاً لأداء شركات القطاع.

 

وظهر هذا التحول بوضوح خلال أزمة وباء "كورونا"، والتي قدمت دعماً لأعمال شركات تكنولوجية مثل "أمازون" و"آبل" وحتى كيانات أصغر مثل "زووم" و"تسلا" وغيرهما.

 

وعلى النقيض، عانت شركات الطاقة الأمريكية من انهيار سعر النفط جراء تراجع الطلب على الخام وسط تكهنات بالوصول قريباً لذروة الاستهلاك العالمي وتزايد الاهتمام بأزمة تغير المناخ والسعي لخفض الانبعاثات وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لصالح مصادر الطاقة النظيفة.


 

وحالياً، أصبح الوزن النسبي لقطاع الطاقة يعادل 2.5% من مؤشر "S&P 500"، مقابل نحو 6.8% قبل خمس سنوات ومقارنة بحوالي 10.9% في عام 2010.

 

في حين أن قطاع التكنولوجيا ارتفع من 18.5% من المؤشر في عام 2010 إلى ما يزيد على 28% حالياً.

 

وأصبحت شركات مثل "آبل" و"أمازون" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" و"فيسبوك" أكبر بشكل فردي من القيمة السوقية لقطاع الطاقة الأمريكية بالكامل، ما يظهر مدى الهبوط الذي عانى منه القطاع.

 

وفي النهاية، صحيح أن "إكسون موبيل" لا تزال أكبر شركة نفط أمريكية من حيث القيمة السوقية، لكن وزن القطاع نفسه تراجع بشكل ملحوظ، ما يجعل وجود شركتين للنفط داخل "داو جونز" أمرا غير واقعي.

 

وباعتبار أن "داو جونز" يعكس وضع الاقتصاد الأمريكي، فإن قرار حذف "إكسون موبيل" يبدو أنه يرمز إلى أفول نجم قطاع الطاقة لصالح عصر التكنولوجيا.

 

 

المصادر: أرقام –الموقع الرسمي لشركة إكسون موبيل –ستاندرد آند بورز داو جونز –سي إن إن– سي إن بي سي - بلومبرج

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.